أحدث انعدام البنزين والديزل والغاز في اليمن وضعًا معيشيًا صعبًا، إضافة إلى انقطاع الكهرباء، بينما ما زالت منطقة الحصبة في وسط صنعاء من المناطق المنكوبة، وبدأت أسر تدخل في دائرة الجوع أو انعدام الأمن الغذائي المطلق، بعدما أصبحت عاجزة عن توفير السلع الغذائية الأساسية.


شباب ينظفون مدينة تعز بعدما اختفى عمّال النظافة منها منذ أسبوع

غمدان اليوسفي من تعز: الحديث عن الواقع السياسي في اليمن يسرق الكثير من الحديث عن الواقع الاقتصادي والمعيشي، حيث بلغ السوء مبلغه في معظم أنحاء البلاد.

انعدام البنزين والديزل والغاز، إضافة إلى انقطاع الكهرباء، أحدث وضعًا معيشيًا صعبًا، بينما ما زالت منطقة الحصبة في وسط صنعاء من المناطق المنكوبة، وما زالت الجثث تحت أنقاض المنازل المدمّرة، في حين لاتزال عشرات القذائف مكدسة بين الأنقاض لم تنفجر، وتشكل خطرًا على كل من اقترب منها.

يتحدث لـ quot;إيلافquot; مصطفى نصر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي، مشيرًا إلى أن quot;الوضع المعيشي في صنعاء يسوء يوميًا، واستمرار الأزمة يزيد من المخاطر التي تواجهها الأسر الفقيرة حاليًاquot;. ويضيف مصطفى إن quot;كثيرًا من الأسر دخلت تحت دائرة الجوع أو انعدام الأمن الغذائي المطلق، لأن الكثير من الأسر أصبح عاجزًا عن توفير السلع الغذائية الأساسية، وبسبب أيضًا ندرة كثير من المواد كالمشتقات النفطيةquot;.

وتابع: quot;الكثير من الأسر لا يحصل على الغاز المنزلي، والكثير من الأسر لم يستطع الحصول على المتطلبات الأساسية، ومن ضمنها الماء، فكثير من الأسر يعاني انعدام الماء الصالح للشرب، ولجأوا إلى طرق أخرى كالشرب من الماء غير الصحي، الوضع يسوء، والمدينة مهددة بكارثة حقيقية، إذا استمر الوضع على ما هو عليهquot;.

ورأى أن توفير المشتقات النفطية من السعودية عبر منحة أعلنتها المملكة قبل يومين quot;سيعالج المسألة جزئيًا، لكن لن يدوم ذلك طويلاً، فالمشكلة النفطية ليست الوحيدة، لدينا مشكلة الكهرباء أثرت كثيرًا على الحياة العامة، لأن الكهرباء تسببت في عدم توصيل المياه، كما أغلقت المحال التجارية والشركات والمؤسسات، وتم تسريح عدد كبير من العمالquot;.

وناشد مصطفى نصر quot;كل المنظمات الإنسانية البدء بتنفيذ برامج إنسانية داخل اليمن تتعلق بقضية الشرائح الأكثر فقرًا، والتي تعاني الجوعquot;.

وقال إن مركزه نزل ميدانيًا لرصد ارتفاعات الأسعار، وأظهر الرصد أن الارتفاعات وصلت إلى 40% في بعض السلع، ونخشى تواصل هذه الارتفاعات، لكن المشكلة هي انعدام كثير من المواد وصعوبة توافرها، خصوصًا المشتقات النفطية والغاز ومياه الشربquot;.

المياه 100% والبنزين 200%
وأكد أن quot;مياه الشرب ارتفعت أسعارها إلى أكثر من 100%، إضافة إلى الارتفاعات الكبيرة في مواد السكر والقمح والزيوتquot;.

وأشار إلى إن quot;ارتفاع هذه المواد، إما بسبب ارتفاع الدولار مقابل الريال، أو بسبب الاستغلال وخلق سوق سوداء جراء هذه الأزمةquot;، لافتًا إلى أن quot;الأزمة الحقيقية حاليًا تتركز في صنعاء، ويتفاوت الأمر من محافظة إلى أخرىquot;.

طوابير البنزين لا تنتهي- خاص إيلاف

وقال إنه تم رصد حالات كثيرة للغش التجاري عبر quot;خلط مادة البنزين بالكيروسين، وخلط مادة الديزل بالكيروسين أيضًا، فهذه العملية تسببت في تعطيل عدد كبير من السيارات، وهناك حالات غش واسعة في مادة الغاز المنزلي، حيث جرى بيع كمية كبيرة من الاسطوانات على أنها معبأة بالغاز، وتبين أنها معبأة بالماءquot;.

وأشار إلى أن quot;أزمة البنزين وصلت إلى أعلى مستوياتها، حيث بلغ سعر اللتر البنزين بأكثر من دولار (250 ريالا للتر، وسعر الدولار يتراوح بين 230 و240 ريالاً)، مقارنة بـ 70 ريالاً قبل الأزمة، أي إن نسبة الارتفاع تجاوزت 200%.

قذائف لم تنفجر
في الواقع، تحاول جهود المعنيين بإعادة الحياة إلى منطقة الحصبة التي شهدت أعنف المواجهات في وسط العاصمة صنعاء، حيث ما زالت عشرات القذائف مكدسة تحت أنقاض المباني المدمرة، ويصعب الوصول إليها، وهي تمثل خطرًا حقيقيًا. يأتي ذلك في حين لايزال عدد من الجثث بين الأنقاض، وتحاول جهود المنقذين الوصول إليها، لكن صعوبات كبيرة تواجههم.

وتسلم طلاب الكلية الحربية بعض المقار الحكومية بشكل حذر، حيث لا تزال عناصر التوتر المتمثلة في انتشار مسلحين في مربع منزل صادق الأحمر، في حين لا يزال سكان المنطقة يحاولون العودة بعد فرارهم، بينما تنتشر حاليًا روائح الجثث المتحللة. وبدأت فرق طبية بالنزول إلى أحياء المنطقة، حيث وجدت جثتين أمام مقر الحزب الحاكم، وأخرى من مبنى وزارة التجارة والصناعة، في حين لم تصل الفرق إلى عدد من الأحياء.

ويحاول مهندسون عسكريون نزع عدد كبير من القذائف، لكن الأمر بحاجة إلى وقت طويل، حيث تم نزع أكثر من 20 قذيفة هاون وquot;أر بي جيquot; وأخرى لم تنفجر بعد. وتعدّ المباني الحكومية، كوزارتي الإدارة المحلية والتجارة والصناعة والبنك اليمني للإنشاء والتعمير وهيئة مكافحة الجراد الصحراوي ووكالة سبأ للأنباء وقسم شرطة الحصبة وبرج الطيران، شبه مدمرة بسبب الأضرار التي لحقت بها من القذائف.

كما تم إحراق سوق الحصبة للخضر بالكامل، وهي أحد أهم أسواق العاصمة صنعاء، إضافة إلى الغرفة التجارية، ويكافح المواطنون في صنعاء للحصول على المياه، تارة بالاستعانة بشاحنات بيع المياه، التي واصلت بيع برميل الماء إلى حدود (8000 ريال) أي قرابة (35 دولارًا) مقارنة بسعره السابق (1500ريال) (قرابة 7 دولارات).

تعز.. لافرق، والقمامة مكدسة في الشوارع

آثار الدمار في صنعاء - خاص إيلاف

في محافظة تعز في جنوب العاصمة، لا جديد سوى انتشار قوات الحرس الجمهوري في الشوارع، بينما ينتشر المسلحون المنضوون في صفوف الثورة منتشرين في الأحياء لحمايتها من النهب.

تعز ليست أفضل حظًا من صنعاء، فقد ارتفعت فيها أسعار المواصلات العامة بسبب انعدام الوقود، بينما تبدو الشوارع شبه خالية من حركة السيارات. وشوهدت طوابير طويلة أمام محطات البنزين، قبل أن تنتهي تلك المشتقات من خزانات المحطات، حيث تصل تلك الطوابير إلى أكثر من 100 سيارة في كل طابور.

كما تشهد تعز تكدسًا للقمامة في معظم شوارعها، حيث لم يعد يعرف سبب اختفاء عمال النظافة وسياراتها، بينما يشعر الناس في المدينة أنه عقاب مفتعل، فاضطر شباب المدينة إلى الخروج بحملات يومية لتنظيف المدينة.

عدن.. أنين تحت وطأة نازحي أبين
هذا وتتواصل الأوضاع الإنسانية الصعبة في مدارس محافظة عدن (جنوب البلاد) ومؤسساتها، حيث يزداد عدد النازحين يوم إثر آخر من أبين جراء العمليات العسكرية والقتال الدائر في وسط عاصمة المحافظة بين مسلحين ينتمون إلى القاعدة من جهة -حسب الإعلان الرسمي- والجيش اليمني من جهة ثانية. ويقول شهود العيان إن النازحين بحاجة إلى الغذاء والدواء والفراش، في حين تحذر المصادر الطبية من كارثة صحية.