رمضان في حيدر اباد الهندية
ازدياد الرغبة في الحصول على الترجمة الاوردية للقرآن الكريم
علي محمد مطر: مدينة حيدراباد الهندية تكاد تقع قبالة مدينة حيدر اباد الباكستانية على الخطوط الخرائطية لشبه القارة الهندية ولكنها اهم منها بالنسبة إلى مسلمي الهند.. باعتبار ان لها وزنا ثقافيا ودينيا قريبا من قلوب المسلمين في هذا البلد الذي تكتظ فيه مئات الديانات واللغات والثقافات. هذا المركز الاسلامي الحيوي تجتاحه حاليا موجة رمضانية عارمة. خصوصا في ما يسمى بـ quot;الأولد سيتيquot; او الجزء القديم من مدينة حيدراباد الهندية. المدينة القديمة تحيط بمسجدين تاريخيين مهمين هما مسجد quot;جهار مينارquot; او المسجد ذو المنارات الأربع، ومسجد quot;مكةquot;. المنطقة المحيطة بهما مختلفة وعالمها مختلف. حتى الليالي تحولت الى نهار في هذه المنطقة، فأنوار المحال التجارية مضاءة بصورة تختلف عن غير هذه الاوقات من العام والاسواق مكتظة بأعداد اكثر من المعهود. المطاعم الشعبية والعربات المتمركزة على جانب الطريق تقوم بنشاط تجاري لا يُنقص منه سوى الحاجة الى ايد عاملة اكثر لمتابعة طلبات الزبائن الذين يزيدون باضطراد.
واذا كان وقت الافطار مخصصا لأكلات مثل quot;حليمquot; وquot;الهريسquot; وquot;نهاريquot; ( هذه اكلات مخصصة للصائمين في شهر رمضان في هذه المنطقة من الهند ولكنها تؤكل على مدار العام في باكستان ولكن الباكستانيين لا يعرفون اكلة الهريس. ويتم إعداد اكلة quot; حليمquot; طوال النهار من خلال quot;طحنquot; الدجاج او لحم العجل يدويا وخلطه ببقية البهارات والمكونات الاخرى والنتيجة هي مزيج لزج يغمس بالخبز بعد ان ينثر البصل المقلي عليه وكذلك الكزبرة المقطعة )، اذا كان الافطار ووقته مخصصا لذلك فان الليل بعد صلاة التراويح مخصص لزيارة الاسواق والتسوق استعدادا لعيد الفطر، باعة القماش والخياطين هم اكثر المستفيدين من جولات المتسوقين في المحال التجارية.
بمجيء الليل تمتلئ السوق بالمارة والمتسوقين وخصوصا النساء اللاتي يرتدين البراقع، واللاتي يجتحن منطقة quot;مدينة اكس رودquot; المؤدي الى مسجد quot;جهار مينارquot; وغيرها من مناطق التسوق الاخرى المنتشرة في المدينة وهم يشترون كل شيء واي شيء ابتداء من الألبسة الجديدة والاحذية وأواني الطهي وصواني وأكواب التقديم ذات الاشكال المبهجة والعطور واساور الزينة الملونة وغيرها كثير. اساور الزينة هذه لها وضعها الخاص ذلك ان اغلب المتسوقين من الفقراء او ذوي الدخل المحدود والذين تبهرهم اشكال الاساور البلاستيكية الملونة بألوان شتى وبقياسات مختلفة هم من ينقضون عليها. تقام طاولات مغطاة بالقماش الابيض ويقوم باعة ماهرون بترتيب هذه الاساور على جوانبها بطرق جميلة وجاذبة للنساء والبنات على حد سواء والاباء يديرون ظهورهم الى الجهات الاخرى احتراما لجمهرة النساء اللاتي اصطففن حول تلك الطاولات وبعضهن يحملن اولادا رضعا. جئن لهذه السوق او لهذه الاماكن ليكافئهن ازواجهن على تعب طول اليوم وهن يعددن طعام quot;الافطاريquot; والافطار للصائمين في بيوتهم. ( الافطاري هو الذي ndash; يفك ndash; به الصائم فطوره وهو بطبيعة الحال على المائدة الهندية والباكستانية التمور والسمبوسة او الكهجوري ndash; وهي فطائر محشوة الدجاج ndash; كما ان الدهي بالي والفروت جات ndash; الاولى مزيج من اللبن وبعض البطاطس والرمان واشياء اخرى يضاف لها الفلفل والثانية فواكه مشكلة مقطعة ومنثور عليها الفلفل الاسود وفلفل احمر واخضر ). الخبراء الاقتصاديون يؤكدون ان مسلمي مدينة حيدراباد تتسوق بما لا يقل عن 2 بليون روبية هندية خلال شهر رمضان لوحده.
ومع دخول رمضان بالعشرة الثانية فان المئات من المساجد المنتشرة في مدينة حيدراباد الهندية تكتظ بالمصلين. وتحظى صلاة التراويح باهمية خاصة ويتدافع الرجال والنساء للاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم. الحرارة الشديدة لم تحل دون اكتظاظ المساجد بالمصلين في ايام الجمع.
وبعيدا من المساجد فانه يتم تنظيم مثل هذه الصلوات الخاصة ndash; اي صلاة التراويح ndash; في قاعات الاجتماع والمراكز المختلفة وحتى ndash; كما هو الحال في مدن باكستان ndash; في قاعات وصالات الافراح التي تكون خالية في بعض الامسيات. ولما كانت هذه الامور معتادة وليست بالجديدة الا ان هناك ميزتين ظاهرتين فيهما. الاولى هي ان اعداد المصلين في ازدياد متنام والثانية هي ازدياد رغبة المسلمين في هذه المدينة للاستماع الى الترجمة الأوردية للنص العربي من القرآن الكريم. ويقول اعجاز محي الدين وسيم الذي قام بتلخيص ترجمة اوردية للقرآن الكريم تقرأ في بضعة اسطر سهلة على المتلقي، يقول quot;ان الظاهرة تزداد في كل عام وفي مئات المساجد المنتشرة في أنحاء المدينة، الناس بدأوا يختارون الاستماع الى الترجمة من اجل فهم رسالة القرآنquot;. كتابه المعنون بـ quot;آكسي قرآنquot; اصبح ذا شعبية كبيرة في داخل وخارج مدينة حيدرآباد لان المرء يستطيع قراءة الترجمة للجزء الذي يختاره من القرآن الكريم قبل ان تتم قراءتها في صلاة التراويح اي انه يقرأ الترجمة قبل كل صلاة تراويح لتلك الليلة ومن ثم يفهم ويعي ما يقرأه الامام في الصلاة. ويقول وسيم خريج كلية العلوم quot; عدد من يقرأون تلك الترجمة في ازدياد ويتزامن ذلك مع زيادة عدد المساجد التي تتم فيها قراءة هذه الترجمةquot;. يجتمع ما يزيد عن 3000 رجل وامراة ndash; في اماكن منفصلة بطبيعة الحال ndash; في مسجد quot;عزيزيةquot; الواقع في المنطقة المهمة والمزدحمة من المدينة والتي تسمى quot;مهديباتناquot; وهو المسجد الذي يقرأ فيه السيد وسيم الترجمة. ويستطرد السيد وسيم قائلا quot;قبل سنوات قليلة مضت كان هناك عدد ضئيل من الناس يستمعون إلى الترجمة اما الان فان الامر مختلف تماما. هناك اقبال كثير وحماس بين الشباب والنساء للاستماع الى الترجمة وفهم القرآن الكريمquot;. وفي الوقت الذي بدا فيه راضيا بالاهتمام الذي يبديه الناس بهذه الترجمة الا انه منزعج لان الاهتمام بالمشاعر الدينية يكاد يقتصر على شهر رمضان فقط. وقال مضيفا quot; ان التحدي الذي نواجهه هو ان نجعل هذا الاهتمام مستمرا طوال العام.quot;
التعليقات