كامل الشيرازي من الجزائر:تشهد مدينة وهران الجزائرية (450 كلم غرب العاصمة)، ازدهارا لتجارة السلاحف البرية التي أصبحت تستهوي الوسط المحلي، ويتم عرضها بكثافة في نقاط بيع كثيرة في مختلف الأسواق الشعبية، حيث تحظى بشعبية كبيرة من لدن السكان المحليين وكذا السياح الأجانب الذين يقبلون بشغف على اقتناء هذا النوع من الزواحف المطلوبة بكثرة في المدة الأخيرة.


وأدى بروز نجم السلاحف البرية إلى الواجهة، إلى ظهور باعة متخصصين صاروا يتخذون من ترويج السلاحف نشاطا تجاريا ومصدر رزق، لذا تراهم يتفنون في استعراض أصناف من هذه الحيوانات الأليفة التي يُطلق عليها محليا (الفكارين)، ويمكن للمتجول في السوقين الشعبيتين quot;المدينة الجديدةquot; وquot;الأوراسquot;، أن يلاحظ اهتمام شباب وكهول بمزاولة هذه quot;المهنةquot; وارتضاء آخرين التموقع كزبائن أوفياء.
ويعترف quot;الجيلاليquot; (26 سنة) وهو منهمك في مغازلة المتطلعين لبضاعته، بأنّ تجارة السلاحف جدّ مربحة، خصوصا مع تنامي الطلبات خلال السنوات الأخيرة على اقتناء quot;السلاحف الإفريقيةquot; هذه الأخيرة تمتاز باستطاعتها العيش والتأقلم بسرعة في محيطات غير محيطها الطبيعي وفي بيئة أوروبية أو آسيوية مغايرة، كما تتمتع بخاصية تمكنها من توفير غدائها بكل مكان.


وتقول مراجع محلية إنّ أشخاصا يصطادون السلاحف من الغابات هم من يقومون بتموين هؤلاء الباعة من هذا النوع من الزواحف، ويحفظ هؤلاء بضاعتهم في علب مصنوعة من الخشب أو من الورق المقوى أو البلاستيك لعرضها للبيع لاحقا.


وإذا كانت هذه السلاحف يٌُضرب بها المثل في طول العمر وبطء السير مثلما هو متداول في التراث الشعبي العالمي، فإنّ بورصة أسعارها تعرف ارتفاعا بسرعة البرق، إذ يبلغ سعر السلحفاة ثلاثمائة دينار للواحدة ذات الحجم الكبير و150 دينارا للسلحفاة ذات الحجم الصغير، وكلما زاد الطلب عليها يرتفع السعر فيما يصل سعرها خلال فصل الشتاء إلى مائة دينار للسلحفاة الكبيرة و50 دينارا للسلحفاة الصغيرة، كما يعرض بعض الباعة قوقعة السلحفاة أو ما يُعرف بـ(الذرقة)، وتُحظى هي الأخرى باهتمام كبير من قبل المشترين، لاسيما إذا كانت هذه القوقعة أو ما يعرف ببيت السلحفاة تتميز بأشكال هندسية رائعة لتصبح تحفة للديكور.
وتبعا لاقتران السلحفاة في المخيال الجزائري بكونها تبعد quot;عين الحسودquot; عن العوائل، لا يقتصر الإقبال على شراء السلاحف على الأجانب فحسب، وإنما تحظى باهتمام الجزائريين بما في ذلك شريحة المغتربين الذين كثيرا ما يتجشمون عناء السفر من أجل الظفر بسلحفاة لا لشيء سوى لاعتقادهم الراسخ بأنّ وجود هذا الصنف من الزواحف في البيت هو quot;فأل حسنquot;!


وهذا الاعتقاد شائع محليا خصوصا بين النسوة، بينما ترتضي العواجيز على اقتناء السلاحف لاستخدام لحومها في معالجة بعض الأمراض المعدية كـquot;البوحمرونquot;، وتلجأ بعض بنات حواء إلى تقديم لحم السلحفاة مع طبق الكسكسي للمرأة التي تعاني من العقم، وذلك بحجة إنّ السلحفاة معروف عنها أنها تبيض كثيرا، ومن شأنها طرد شبح اللا إنجاب عن المرأة العقيم (..).


وبما أنّ quot;السلحفاة quot; في القصص الشعبية والمسلسلات التلفزيونية لها حيز كبير، وتعتبر شخصية محببة في قلوب الصغار، فإنّ العديد من الأطفال يقبلون على اقتناء هذا الحيوان النباتي الذي لا يكلف كثيرا في تربيته ولا يحتاج إلا لرقائق الخس والنباتات الخضراء.
وتفرض السلطات الجزائرية حظرا على تجارة السلاحف، حفاظا على هذه المخلوقات البرية من الانقراض، لذا لم تتردد محافظة الغابات عن إعادة أكثر من ثلاثمائة سلحفاة إلى الطبيعة، بعدما قدّر المسؤولون أنّ المتاجرة في هذا النوع من الحيوانات، أمر quot;غير قانونيquot;.