كامل الشيرازي من الجزائر:يعانقك ينبوع تاكوكة الأثري المتشامخ من بعيد، وتخال وأنت تقتحم التجمع السكاني الشعبي quot;العليقquot; بمدينة المسيلة (225 كلم شرق الجزائر)، بأنّ الينبوع المذكور يحتضنك كوشاح ملائكي فريد، يتوضأ الفجر عند عيونه ويغتسل المرء وسط حياضه المتلألئة كلوحة أوبيرالية سطرتها أنامل جزائرية كأمثولة آبدية ظلت منذ أربعينات القرن الماضي مزارا للسياح وجمهور المولوعين بالطبيعة.

وتقول روايات سكان المنطقة، أنّ ينبوع تاكوكة العريق يعود تاريخه إلى قرون خلت، بيد أنّ الاهتمام به تعاظم منذ بدايات القرن الماضي، لا سيما من طرف الموالين العابرين الذين كانت حياتهم عنوانا لحل وترحال غير محدود، قبل أن يعثروا على ضالتهم في هذا الينبوع، وينالوا حظهم من ماءه العذب ما جعلهم يستغلونه في سائر مسارب الحياة الاجتماعية خصوصا مع كونه الينبوع الوحيد بمدينة المسيلة، ويروي قدماء المنطقة كيف أنّ الينبوع ظلّ مرفئا مفضلا لقاصديه على مدار عقود طويلة.

واستنادا إلى معلومات توافرت لـquot;إيلافquot;، فإنّ عموم السكان المحليين واظبوا على القدوم إلى هذا الينبوع للتمتع والاستراحة خصوصا في فصل الصيف، ما منح الموقع قيمة سياحية كبيرة ساعدت على إنعاش مخططات التنمية بالمنطقة في العشرية الأخيرة، بيد أنّ أبناء الينبوع يطالبون السلطات بترميم الجسر المحاذي للينبوع الذي يحتاج بحسبهم إلى دعم بالاسمنت نظرا لقدمه، ويبدون مخاوف من انهياره في حال بقاء الوضع على منواله خصوصا في ظلّ تهاطل السيول بكميات ضخمة.

كما يتطلع السكان إلى ترميم المنازل المحيطة بالينبوع بداعي هشاشتها، لكنّهم يشددون على حتمية توخي السلطات لمزيد من الحرص وأخذ الجانب الجمالي والتاريخي بعين الحسبان، مع الإشارة أنّ الوحدات السكنية مبنية بمواد محلية تقليدية على غرار نوع من الحجر المطلوب في تجميل البنايات، وهو يمتاز بحسب أخصائيين بالخفة كونه جيري كما يمتاز بالصلابة والبياض واصفرار اللون مما يجعله لا يحتاج إلى دهن.

كما يشتهر ينبوع تاكوكة أيضا بنوع ممتاز من الجير تبقى مواقعه ومقالعه إلى حد الآن غير مستغلة بسبب غياب المبادرات، وعدم منح مسيري البلدة الاهتمام اللازم لما يكتنزه الينبوع من أفاريز أثرية وخواص معدنية وسياحية، مع الإشارة أنّ مخططا جرى إتمامه قبل أيام سمح بإعادة تهيئة ينبوع تاكوكة بالمحافظة على هيكله.

وبالرغم من موقعه الهام وسط ديكور طبيعي متنوع جغرافيا واجتماعيا، لا يزال ينبوع تاكوكة يختزن إمكانات تحتاج إلى من يكشف عنها، ويشير مسؤولون محليون إلى أنّه كان يُفترض انجاز حلقة سياحية تعبر بعضا من المناظر الطبيعية الخلابة وصولا إلى الينبوع، لكنّ المشروع تعثر على ما يبدو.

لكن كوكبة من الهائمين بينبوع تاكوكة يتوقعون خروج هذا الموقع الساحر من quot;دائرة النسيانquot;، توازيا مع مبادرات محلية لإنجاز شبكة هامة من الطرقات ستغدو جسرا لتشجيع التردد السياحي على المكان، ومن شأن تجسيدها أن يعبّد الطريق أمام إبراز عادات وتقاليد السكان من كرم الضيافة والمعرفة والدراية التامة بالمشوي المكتسب من خلال تربية الماشية.