عدنان أبو زيد: ارتكب رشيد حسين في سفرته الاولى الى العراق بعد غربة دامت عشرين عاما خطئا فادحا، فقد كان عليه أن ينتزع قلادة ذهبية من حول رقبته وهو يضع خطوته الاولى في البصرة قادما من الكويت، وكادت القلادة تكلفه اياما

يتحدث ldquo; سليم طه ldquo; المقيم في هولندا عن سفرة له الى العراق تخللتها مشادة مع ميليشيا دينية في السماوة طلبوا منه أن يغير قميصه الملون لانه يتعارض مع المظاهرldquo; الاسلامية ldquo;.

من الاعتقال بعد أن اوقفه رجال ميليشيات اجبروه على انتزاعها وقالوا له انه في بلد ldquo; الاسلام ldquo; وان مايتقلده حرام.
وفي الطريق من البصرة الى بغداد تستوقفك مفارز تفتيش حكومية وحزبية، تتفحصك من خلال زجاج السيارة، للتاكد من انك لاتشكل خطرا على قيم ldquo; الاسلمة ldquo; التي تجتاح المجتمع العراقي.

ويتحدث ldquo; سليم طه ldquo; المقيم في هولندا عن سفرة له الى العراق تخللتها مشادة مع ميليشيا دينية في السماوة طلبوا منه أن يغير قميصه الملون لانه يتعارض مع المظاهر ldquo; الاسلامية ldquo;.
ويروي ldquo; سليم ldquo; كيف أن احدهم ناداه : أنت قادم من بلاد الكفر، فأهلا بك في الجمهورية الاسلامية.

أما ldquo; سعيد حميد ldquo; وهو أكاديمي عراقي زار بلده بعد غربة ثلاثين عاما، فيفتخر في انه تمكن من احتساء ldquo; العرقrdquo; العراقي والبيرة على رغم أنف المعارضين لذلك، حيث استطاع ان يجد مخابئا سرية لبيع الخمر والنبيذ في الحارات الملتوية بين شارعي السعدون وأبي نواس.

وبينما لم يتفاجأ ldquo; حميدrdquo; في اختفاء محلات بيع الخمور، وأستغرب من انتشار صور الزعماء ldquo; الدينيين ldquo; معلقة في كل مكان، لكنه أندهش من انتشار الحجاب بين أوساط النساء، وكان ldquo; حميد ldquo; هاجر العراق في السبعينيات، حيث درس الادب في جامعة بغداد، ويومها ldquo; يقول حميد ldquo; لم تكن ثمة ldquo; محجبة ldquo; واحدة في الجامعة.

لكن ldquo; عبد الله ساجت ldquo; من بغداد يرى نزوعا سريعا نحو دكتاتورية دينية، تحتكر الفعاليات المجتمعية مثلما حاول ldquo; صدام ldquo; في السابق ldquo; بعثنة ldquo;

يمتنع الكثير من سواق التاكسي في العراق من سماع اشرطة الموسيقى والاغاني تجنبا للاحراج، في حين امتلك الكثير منهم اشرطة المنابر الحسينية، واغاني ldquo; الرواديدrdquo;، كما تلصق صور علماء الدين في كل مكان، في الشارع والبيت والمدرسة.

الحياة العراقية.

وعلى رغم أن أغلب ldquo; كاولية ldquo; العراق، تفرقوا بين الهجرة خارج العراق، أو ممارسة أعمال اخرى، غير أن الكثير منهم يمارس مهنة
ldquo; توفير الجنس والمتعة ldquo; بطريقة سرية، عبر وكلاء ينتشرون في المقاهي، تصل اليهم عبر وسطاء. وتنشر في المدن العراقية بيوتا سرية توفر لك متعة الجنس مقابل ثمن باهض، ولجأ اخرون الى
ldquo; أسلمة ldquo; المتعة عبر عقد زواج مؤقت يستغرق فترة المضاجعة فقط ليتم الطلاق بعد ذلك، وهو مايعرف بrdquo; زواج المتعة ldquo; الذي ينتشر اليوم بكثرة في البصرة وكربلاء والنجف والاماكن الدينية الاخرى.
وتقول ldquo; ل. سعيد ldquo; انها مسرورة بعملها هذا حيث وفرت لها الشريعة الاسلامية غطائا دينيا لممارسة عملها، وهي سعيدة بذلك لان ماتفعله اليوم لن يدخلها ldquo; أبواب جهنم ldquo;. وتضيف قضيت سنوات عمري في ldquo; الكاولية ldquo; اعمل في ldquo; الحرام ldquo; أما اليوم فاني اشعر بالرضا لاول مرة.
لكن الشيخ ldquo; حسين الفضلي ldquo; وهو عالم دين يعيش في المملكة المتحدة لايرى في ماتفعله ldquo; ل. سعيد ldquo; مدعاة لدخولها الجنة لان الاعمال بالنيات، ولن يوفر لها ldquo; زواج المتعة ldquo; الغطاء الشرعي الذي تتحدث عنه فهناك ضوابط دينية تمنع الاستخدام السيء لزواج المتعة في التجارة الجنسية. لكن مع الاسف هناك من يستغل الامر، وهو بهذا يسيء الى المذهب الجعفري كما يرى الفضلي.

وعلى رغم أن المظاهر الجديدة، تظهر نزعة دينية واضحة لكن بعضا من العراقيين يرون ان الاسلمة تحت تهديد السلاح، هي نتاج العنف المجتمعي الذي ضرب العراق منذ الستينيات حين استولى البعثيون على السلطة بالقوة.
وفي رأي ldquo; جمال قدري ldquo; وهو أكاديمي عراقي في جامعة ايندهوفن التقنية في هولندا، فأن الاسلمة اشبه ماتكون اليوم ب ldquo;خلطة هلاميةrdquo; غير محددة المعالم. ويتسائل ldquo; قدري ldquo; عن معايير تطبيقها وأحقية الميليشيات التي غالبا مايكون أفرادها من شباب موتورين، لايفقهون في الدين والسياسة يرتجلون القرار ويتصرفون بمحض العاطفة الدينية او الطائفية.
وفي مدينة كربلاء يكتفي ldquo; حسين علي ldquo; بحلاقة زبائنه وفق الطريقة الاسلامية، ويرى أن التقليعة الغربية في قص الشعر تواجه انتقادات واسعة في المجتمعات المحافظة، لكنه ينفي ان تكون هناك ميليشيات تجبر الاشخاص على عدم حلاقة اللحية، ويرى ان الاتجاه السائد لدى

الكثير من مثقفي العراق يرى أن الراديكاليين يسخّرون قنوات اتصال غربية لتحقيق ماربهم، وأن التيارات الدينية نجحت في بسط سيطرتها على الشارع عبر مخالب من المتطرفين وأنصاف المتعلمين، ممن لجأوا الى الدين للتغطية على فشلهم الدراسي والحياتي.

الشباب في اطلاق اللحية ينسجم مع توجهات ldquo; الأسلمة ldquo; القوية داخل المجتمع.
لكن حلاقا اخر في ديالى يؤكد خطورة عمل الحلاقة في ديالى ويضيف : تعرض حلاقون الى العنف والتهديد لاستخدامهم ldquo; الخيط ldquo; في تنظيف البشرة او حلق اللحية او اعتماد طرق غربية في قص الشعر.
وبات مشهدا مألوفا ان يري المرء يافطات وضعت علي واجهات المحلات يعتذر فيها الحلاق عن حلاقة اللحية.

وليس ثمة شك في أن هناك ازدواجية في التعامل مع دور السينما، ومحلات بيع الاشرطة المدمجة ومحلات الموسيقى، وصالونات التجميل النسائية، وعلى رغم أن هذه المحلات مازالت تفتح أبوابها الا أن عليها التعامل بحذر مع المنتجات والمستلزمات التي لاتجيزها ldquo; الشريعة ldquo;.

لكن المشكلة التي يراها ldquo; برهان كامل ldquo; وهو ldquo; يساري ldquo; عراقي تتجسد في أن الداعين الى ldquo; أسلمة ldquo; الحياة لم يكن ليتأتى لهم ذلك لولا الالة الغربية التي ازاحت نظام صدام حسين، وهي الة يحتمون ورائها الان لكنهم يرفضون قيمها، و مايحدث في العراق معادلة متناقضة تماما، فالشعوب تتأثر بالمخلص، والمخلص في العراق ldquo;وفق نظرية ان صدام جسين كان دكتاتورا ومجرما ldquo;، هي الولايات المتحدة، فمالذي يجعل هؤلاء يصدون الان عن قيمها الغربية ويرفعون شعارات متناقضة مع مفاهيمها، انه سؤال مربك حقا.
على أن الكثير من مثقفي العراق يرى أن الراديكاليين يسخّرون قنوات اتصال غربية لتحقيق ماربهم، وأن التيارات الدينية نجحت في بسط سيطرتها على الشارع عبر مخالب من المتطرفين وأنصاف المتعلمين، ممن لجأوا الى الدين للتغطية على فشلهم الدراسي والحياتي.
وفي العراق فان اكثر المنتمين الى الميليشيات هم من الشباب الامي والعاطل عن العمل، كما ان مجالس الصحوة تضم أغلبها شبابا متطرفا يدعو الى الاسلمة، ويرفع شعارات متطرفة.
وكانت مظاهرة نسائية أنطلقت من مدينة الصدر والشعب في بغداد لنساء يرتدين العباءة السوداء وهو لباس المراة العراقية التقليدي، لكن المثيرللانتباه أن جميعهن أرتدين الكفوف السوداء والنقاب، وهو ما يعد غريبا في ثقافة اللباس العراقية. فالمراة العراقية طيلة عهود الحكم

مظاهرة نسائية أنطلقت من مدينة الصدر والشعب في بغداد لنساء يرتدين العباءة السوداء وهو لباس المراة العراقية التقليدي، لكن المثيرللانتباه أن جميعهن أرتدين الكفوف السوداء والنقاب، وهو ما يعد غريبا في ثقافة اللباس العراقية

المتعاقبة كانت أما ldquo; سافرة ldquo; لا سيما في بغداد او ترتدي العباءة في وسط وجنوب العراق، او الشال أو ldquo; الشيلة ldquo; لتغطية فروة الراس.
وترجع ldquo; فاطمة حسين ldquo; الامر الى سببين : الاول هو الشعور بالياس فوجدت المراة في ldquo; التدين ldquo; ملاذا وطمانينة لها من الاوضاع المتدهورة، والسبب الثاني هو تيار ldquo;الاسلمة ldquo; الجارف الذي يجتاح العراق، ذلك ان الكثير من النساء حتى المسيحيات لجأن الى الحجاب تخلصا من المضايقات وتماشيا مع التيار السائد.
ويمتنع الكثير من سواق التاكسي في العراق من سماع اشرطة الموسيقى والاغاني تجنبا للاحراج، في حين امتلك الكثير منهم اشرطة المنابر الحسينية، واغاني ldquo; الرواديدrdquo;، كما تلصق صور علماء الدين في كل مكان، في الشارع والبيت والمدرسة.
وهناك ايضا الشعارت الدينية التي تحط على جدران المدارس وفي الساحات.
ولايجرؤ ldquo;عادل محمود ldquo; وهو يساري عن التعبير عن أفكاره امام زحمة الشعارات الدينية، وحاول علمانيون في مدينة المحمودية جنوببغداد، رفع شعارات يسارية في المدينة، لكن ذلك لم يتكلل بالنجاح، حيث احرقت صور واتلفت يافطات رفعت شعار ldquo; ياعمال العالم المتحدوا ldquo; ووضع اسلاميون مكانها ldquo; ياأسلاميو العالم أتحدوا.. ldquo;.

والجدير بالذكر ان عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين أقترب في مجالات محددة من أسلمة المجتمع وتمثل ذلك في إلغاء سباق الخيل والمراهنات المرتبطة به عام 1997.. وتم بناء جامع على ارض السباق، ومنع تقديم الخمور فى الفنادق و المطاعم و النوادى و حضر تعاطيها فى الشوارع.

المشكلة التي يراها ldquo; برهان كامل ldquo; وهو ldquo; يساري ldquo; عراقي تتجسد في أن الداعين الى ldquo; أسلمة ldquo; الحياة لم يكن ليتأتى لهم ذلك لولا الالة الغربية التي ازاحت نظام صدام حسين، وهي الة يحتمون ورائها الان لكنهم يرفضون قيمها، و مايحدث في العراق معادلة متناقضة تماما، فالشعوب تتأثر بالمخلص، والمخلص في العراق ldquo;وفق نظرية ان صدام جسين كان دكتاتورا ومجرما ldquo;، هي الولايات المتحدة، فمالذي يجعل هؤلاء يصدون الان عن قيمها الغربية ويرفعون شعارات متناقضة مع مفاهيمها، انه سؤال مربك حقا.

والزائر لبغداد اليوم يرى جدارية كبيرة محاطة بشعارات دينية للزعيم الديني ldquo; محمد الصدر ldquo; نصبت على طرف الجسر من جهة الكاظمية يمكن مشاهدتها من منارة ضريح ابي حنيفة النعمان. وفي كثير من الاماكن بدات تظهر اماكن مخصصة للنساء مفصولة عن الرجال كنوادي الطلبة في الجامعات والاحتفالات،
وفي مدارس معينة تم عزل البنات عن الأولاد في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية. ويتحدث ldquo;علي طه ldquo; وهو من التيار الصدري في مدينة الناصرية أن ldquo;اسلمة ldquo; المجتمع التي نادى بها مقتدى الصدر تؤتي أكلها وأن الكثير أستجاب لدعوة ldquo; السيد ldquo;، ويورد ldquo; طه ldquo; أن بعض الشباب أمتنع عن ممارسة كرة القدم لآن ldquo; السيدrdquo; أنتقد ممارستها في بعض أحاديثه.ويبقى بعد كل ذلك أن فوضى المتغيرات في العراق تجعل من الصعوبة بمكان رسم صورة واضحة للمستقبل.. هل ستسود القيم الجديدة أم أنها موجة مؤقتة سرعان ماتنحسر امام تيار اخر قادم.. هذا ماستخبر به الايام.

[email protected]