المتعايشون مع الايدز في مصر من رحمة القدر لظلم المجتمع

فتحي الشيخ من القاهرة: مجرد ألم شديد بالاسنان دفع خالد إلى التوجه إلى إحدى عيادات الأسنان الخاصة لمعرفة أسباب هذا الالم والحصول على العلاج المناسب.دخل خالد إلى العيادة وجلس أمام طبيب الاسنان حيث دارت بينهما دردشة قصيرة اخبر خالد خلالها الطبيب انه حامل لفيرس الايدز. وعكس ما توقع خالد من الطبيب، رفض اخصائي الاسنان الكشف عليه، وطرده من العيادة. رغم مرور اكثر من ست سنوات علي هذه الواقعة الا ان خالد مازال يتذكر تفصيليا الواقعة التي صاحبت بداية تعايشه مع كونه مصاب بالايدز هي التي جعلته يقرر ان يكون مرضه سرا يحتفظ به ولا يعلمه احد سوي طبيبه المعالج واسرته الصغيرة.

خالد ليس الوحيد الذي يعاني من تعامل المجتمع المحيط، حيث يوجد في شوارع مصر 1429 متعايشا مع المرض حسب ارقام وزارة الصحة المصرية وهو الرقم الذي تشكك في صحته العديد من الارقام الاخري لعدد المتعايشين مع الايدز في مصر،فبينما تقدرهم منظمة الصحة العالمية العالمية في 2007 بـ 9213 مريضا، يقول اخصائيو المناعة أنهم من 9 إلى 15 الف مريض، إلا أن الحقيقة المؤكدة في كل الحالات والتي لا تقبل الجدال ان المتعايشين مع الايدز في مصر يعاملون بطريقة سيئة للغاية من قبل المجتمع.


السبب وراء هذا التعامل كما يري زين العابدين الطاهر مدير البرنامج الوطني لمكافحة الايدز في مصر هو نسبة الوعي المتدنية قائلا برغم اكتشاف اول حالة ايدز في مصر عام 1986 اي منذ 23 عاما لم يتغير الوضع كثيرا بالنسبة للوعي العام..ومازلت نسبة الوعي بالمرض متدنية ففي عام 2007 تم اكتشاف سيدة مصابة بالايدز في معهد الاورام فعاملوها بقسوة ورفضوا استئصال الورم الذي كانت ذاهبة لاستئصاله والقوها في الشارع واتصلوا بنا لكي نأتي لاستلامها فذهبت لاستلامها واجريت لها عملية استئصال الورم ولكن تعرض المريضة لهذه المعاملة اثر علي حالتها النفسية بشدة، و يضيف زين العابدين قائلا للاسف المتعايشين مع الايدز يواجهون صعوبة في التعامل مع المجتمع حيث ينظر لهم باعتبارهم موصمون.


للأسف الشديد مازال المجتمع يعتبر المرض وصمة عار رغم انه وفقا لاحصائية وزارة الصحة فإن مسببات المرض الرئيسية هي الاتصال الجنسي غير الآمن والعلاقات الجنسية الشاذة ونقل الدم الملوث بالفيروس وعمليات الفشل الكلوي، وتظهر الاحصائية أن نسبة الاصابة بالمرض نتيجة عمليات الغسيل الكلوي 11% ومن المعروف ان عدد مرضي الفشل الكلوي في مصر يزيد سنويا بنسبة 40 الف مريض - يليها الاصابة خلال عمليات نقل الدم 6 %و4% عن طريق حقن المخدرات و2%من الام لطفلها و6 % لاسباب مجهولة. وبالتالي فهناك 29 % من المصابين انتقل إليهم المرض بعيدا عن إقامة العلاقات الجنسية هذا بخلاف انه ليست كل العلاقات الجنسية كانت غير مشروعة، حيث الكثير من الزوجات انتقل لهن الفيروس عن طريق ازوجهن.

هالة احدي المتعايشات مع المرض، عرفت انها مصابة بعد ان طلب منها الطبيب اجراء التحاليل بعد اكتشاف اصابة زوجها وبرغم اعتذار زوجها لها كثيرا الا انه لم يكن يجدي وبالرغم من تقبل قضاء الله الا انها تشعر بخوف اقرب الناس لها من الاقتراب منها حتي لو لم يصرحوا لها بذلك سواء امها التي اصبحت تخشي حتي ان تقبلها او تاخذها في حضنها او اخوتها رغم انهم من المتعلمين

لم نستطيع التحدث مع الكثير من الحالات المصابة بالايدز لانهم يرفضون الافصاح عن هويتهم ويؤثرون العيش وسطنا في صمت خوفا من الاضطهاد او الوصم..
quot;عبدالهادي مصباحquot; استشاري المناعة والتحاليل الطبية وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة التقي معظم المتعايشين مع مرضي الايدز في مصر بحكم عمله وتعرض لمختلف القصص ومسببات المرض المختلفة، ورصدها وقرر أن ينقل مشاكلهم وقصصهم وامانيهم.شاب اسمه احمد عمره 24 اكتشف انه مصاب بالفيرس بالصدفة عندما كان مسافر للعمل بالخارج واصابه الذهول نظرا لانه لم يقم باي علاقة جنسية وهذا ماكاد يصيبه بالجنون وتأثر هذا الشاب نفسيا بشدة خاصة بعد ان تركته خطيبته التي كان يحبها بعد علمها بالامر وتخلي عنه الكثير من اصدقاءه وهو ما اثر علي نفسية هذا الشاب بشدة حتي توفاه الله، ايضا
طفل عمره تسع سنوات اسمه محمود مصاب بالايدز ذهب محمود لأول مرة إلى مستشفي، وبتحاليل بسيطة تبين أن الاصابة جاءت نتيجة نقل مشتقات دم ملوثة له، حيث انه مريضا بالهيموفيليا وطفل اخر تم نقل المرض له عن طريق عمليات الغسيل الكلوي ومعظم السيدات اكتشفن اصابتهم بعد موت ازواجهم وهناك سيدة تم اصابتها من زوجها حيث كان يمارس العلاقات الجنسية الشاذة وبالتالي فأن مسببات المرض مختلفة من اتصال جنسي الي مخدرات او نقل دم او من خلال لبن الرضاعة الطبيعية من الام المصابة الي رضيعها.
حكايات مرضي الإيدز تكاد تكون جميعها متشابهة إلي حد كبير، يهاجمهم الفيروس فجأة، وبعد رحلة قصيرة داخل جسد العائل، تظهر الاعراض وتبدأ واحدة من أصعب المراحل، وهي التعايش مع مرض، وتبدأ اصعب مرحلة في مرحلة التعايش في رفض اقرب الناس إليهم، فيعيشون في عزلة أشبه بالسجون الفردية، في انتظار الموت، وكأن المجتمع المحيط بهم هو الجلاد بدلا من الأخذ بايديهم ويحنو عليهم وهذا ما يحذر منه الدكتور سامي كوزمان رئيس جمعية اصدقاء الحياة قائلا لإيلاف: من مصلحة المجتمع ان يكون هذا المرض معلن عنه والا يكون سري من اجل حتي تقليص الاصابة نهيك عن ان هؤلاء مرضي وليس متهمين ومن حقهم ان يقضوا حياتهم ويعملوا مثل غيرهم بل ان حالاتهم تكون الاسواء لانهم في الغالب يكونوا مرضي ينتظروا الموت فهل نحيل نحن حياتهم الي عذاب ؟ بالطبع هذا غير مقبول لماذا تفتش عن أسباب الاصابة.. مرض مثل أي مرض آخر يصيب الإنسان ويهدد حياته.. يكفي المتعايش ما يتحمله من قسوة الأمراض الانتهازية.. ودعني أؤكد لك وعلي مسئوليتي أننا لن نقدر علي مواجهة الإيدز دون مواجهة حالة التمييز والوصم ضد المتعايشين.