عدنان أبو زيد: زعماء العالم مدخنون شرهون، إذا أخذنافي الإعتبار أن السيجارة أو السيجار أو الغليون كان جزءًا من مكملات الشخصية قبل أن تشن منظمات الصحة العالمية حملة شعواء على التدخين والمدخنين، لتصبح قاعات الإجتماعات خالية من دوائر التدخين التي كانت ترتفع دوائر فوق رؤوس المجتمعين في يوم من الأيام، بل أصبح التدخين وسيلة من وسائل الدعاية الإنتخابية في أوروبا وصار السياسي لا يألوا جهدًا في إخفاء سيجارته وعاداته في التدخين، حتى لا يخسر الاصوات، بعد أن كانت وسيلة لكسب quot;الشعبيةquot; في يوم من الايام.ولعل أغرب ما في عادة التدخين ان علماء بريطانيين اعلنوا قبل سنوات أن التدخين يساهم في تحسين الذاكرة ويزيد من القدرة على التركيز، وفي ذلك محاولة لاعادة التدخين الى خانة المربع الاول من الاهتمامات لا سيما بين النخب.

وبينما تسعد شركات انتاج التبغ للخبر فإن مدخنين فرحوا به وعدوه تصحيحًا لمسار تاريخي للموقف من السيجارة ومدمنيها. وفي العالم زعماء يدخنون بشراهة حتى في مكاتبهم وفي اجتماعاتهم الرسمية وغير الرسمية، بل ان زعماء مثل فيدل كاسترو كانوا يجدون في السيجار الكوبي هدية ثمينة لرفاقة من الزعماء حتى اهدوا الكثير منها لزعماء الشرق مثلما الغرب.

وعرج الكاتب بكر عويضة في مقال له قبل سنوات على ظاهرة تدخين النخب لا سيما السياسية منها،وبالذات تداول السيجار لدى النخبة السياسية العراقية في عهد صدام حيث استهجن عويضة ذلك وكتب في مقال له ان بعض مدخني السيجار من افراد الحلقة القليلة العدد المحيطة بالرئيس صدام فسروا له أن هذا السيجار هو من خيرات صديق العراق وقتها فيديل كاسترو الذي ينطبق عليه مع بعض التعديل قول الشاعر: لا اسلحة عندي اهديها ولا مال... فليُسعف السيجار إن لم يُسعف الحال. ويقول عويضة... وفي استمرار laquo;كان الرفيق فيديلraquo; الذي يرسل عادة الكمية الكبرى من السيجار مع احد الاطباء الذي وحده من دون سائر اطباء العالم يشرف على علاج آلام الظهر التي يعاني منها الرئيس صدام، وهذا الطبيب الذي منحه كاسترو منصباً في اللجنة المركزية لـquot;الحزب القائدraquo; في كوبا لإضفاء الصفة الرسمية الى جانب الصفة التطبيبية، بات من اصدقاء الرئيس صدام وعائلته. وكثيرا ما افتخر صدام ان السيجار الذي لا يفارقه حتى اثناء جلسات مجلس قيادة الثورة، يرسل اليه من صديقه كاسترو. وخلال فترة سجنه، لم يتخلَّ صدام عن شرب السيجار. وكان ممكنًا رؤية حروق صغيرة مستديرة خلفها السيجار على الطاولة.

ولا شك في ان شراهة التدخين لدى الزعماء والمسؤولين والسياسيين تجعلهم يقتنون أفخر أنواع التبغ، وعينات التبغ التي يقتنونها تختلف بكل تأكيد عن التبغ الشعبي الذي تتعاطاه شعوبهم.

وكجزء من الوعي الجديد تجاه مخاطر السيجارة على صحة الشعوب، أعلن المدمن على التدخين الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه أقلع عن التدخين.. أو quot; على وشك quot; ان يقلع عنه. وقال لمحطة quot;إن بي سيquot; التلفزيونية الأميركية quot;أقلعت (عن التدخين) ولكني قلت إنه تصادفني أحيانًا بعض المشكلات في الطريقquot;. وردًا عن سؤال لمعرفة إذا ما كان لا يزال يدخن، أجاب أوباما quot;عمليا أبداً.quot; وكانت ميشال أوباما زوجة الرئيس المنتخب وافقت على ترشح زوجها للرئاسة الأميركية شرط أن يقلع عن التدخين. وكان أوباما خلال حملته الانتخابية يمضغ صمغًا بداخله مادة النيكوتين. وأضاف أوباما quot;قمت بعمل كبير كي أكون بصحة جيدةquot; مؤكدًا أنه سيحترم منع التدخين المطبق في البيت الأبيض.

زعماء تركيا لا يدخنونrlm;!rlm;


ونشرت وكالة الأنباء التركية قائمة بأسماء الزعماء السياسيينrlm;rlm; غير المدخنينrlm;rlm; حين خصص عام rlm;2006rlm; في تركيا لمكافحة التدخينrlm;.rlm;
وتضمنت القائمة الرئيس نجدت سيزار ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان رئيس البرلمان بالإضافة لسياسيين آخرينrlm;. وأفادت الوكالة أن ثلاثة وزراء فقط منrlm;25rlm; وزيرًا تركيًا من المدخنينrlm;.rlm; وكانت الحملة تستهدف حث rlm;25 rlm; مليون مدخن تركي من بينrlm;72rlm; مليونا علي الإقلاع عن التدخين سيرًا على خطى زعمائهم السياسيينrlm;.rlm;

لكن ما يثير الانتباه ان شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي حصر مشروعية التدخين على النخب فحسب وهم بالطبع رجال الأعمال والقادرين ماديًا فقط، مؤكدًا حرمته على محدودي الدخل والموظفين والفقراء.

وكان مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز صارمًا في سياسته تجاه التبغ كما انه يعد اكثر الزعماء في عهده محاربة للتدخين. ووثق مؤلف كتاب شبه الجزيرة العربية خيرالدين الزركل خلال سرده لتاريخ الجزيرة جانبًا من سياسة الملك عبدالعزيز تجاه التبغ وذلك عبر حوار شيق جرى بين الملك عبدالعزيز وطلعت حرب باشا عام 1935. وسال طلعت الملك عبد العزيز عما يقال من تحريم شرب الدخان في المملكة؟
فقال الملك عبدالعزيز : بكم يدخّن أفقر إنسان عندكم يوميًا؟

طلعت: بقرشين.

الملك عبدالعزيز: كم عدد الذين يدخنون، على أقل تقدير؟

- طلعت: خمسة في المائة.

- الملك عبدالعزيز : كم تخمّن عدد سكان بلادنا؟

- طلعت: حوالى خمسة ملايين.

- الملك عبدالعزيز : إذا لم ننظر إلى ناحية التحليل والتحريم، وأبيح التدخين، فكم ينفق المدخنون عندنا على هذا القياس؟

قال طلعت: فأخذت قلماً، وعملت الحساب فوجدت أن عدد المدخنين سيكون 250 ألف شخص، ينفقون خمسة آلاف جنيه في اليوم.

فقال الملك عبدالعزيز : ما عندنا دخان، ولا ورق للدخان ولا شيء من آلاته.. كله يأتي من الخارج.. تريد أن نرسل، مع فقرنا، خمسة آلاف جنيه، هدية إلى الخارج كل يوم، مقابل ما ننفخه في الهواء؟؟

قال طلعت، وهو يحدثنا: في الناس من يقول إن لي شيئاً من العلم بالاقتصاد ووالله لقد كان صاحبكم أعلم به مني. وأُلجم لساني فما نطقت بحرف.

وقال فلبي في كتابه قلب البلاد العربية علمنا من كتب الريحاني أن عبد العزيز كان يزوره، كما كان يزور غيره. ولكنه إذا علم أن المزور من المدخنين، أرسل قبل ذهابه إليه، من يحمل البخور لتطهير الحجرة أو الخيمة التي هو فيها.

لكن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حارب التدخين بشراسة حتى كرم من قبل منظمة الصحة العالمية بدرع وجائزة المنظمة في محاربة التبغ للعام 2007.

ومثلما دخن صدام وبطانته السيجار الكوبي، دخنه الرئيس جمال عبد الناصر ايضا حيث كان الرفيق فيديل يمده بكميات من اجود انواع السيجار الكوبي. لكن عبد الناصر لم يكن يفضل ان يظهر امام الاعلام وهو يدخن السيجار، على عكس صدام الذي كان سيجاره لايفارقه وهو ينقض على رفاقه في قاعة الخلد ببغداد عام 1979 حين اتخذ قرار تصفية العديد منهم.

وكان السياسي المصري فؤاد سراج الدين زعيم حزب laquo;الوفدraquo; مدخنا شرها ولم يمنعه مرضه من الامساك بسيجاره طوال الوقت.

وكان هواري بومدين حريضا على الظهور في فعالياته السياسية لاسيما الندوات والاجتماعات على الظهور بعباء وسيجار، طابعا في الاذهان صورة quot; الثوري البرجواوي quot;. وكان الملك المغربي الراحل الحسن الثاني يدخن ايضا.وكانت سيجارته رقيقة جدا وذات طول غير عاد، وعلبتها فضية لا لون آخر بها.

واللفائف المحشوة بالتبغ، هي اليوم ترف لدى نخب معينة، وصار السيجار الكوبي في يوم من الايام رمز للبرجوازية في اوربا والولايات المتحدة وامريكا اللاتينية.

وكان سيجار quot;كوهيباquot; ابتكره تشي غيفارا عندما كان مقيماً في كوبا، عام 1960، وهو من أغلى الأنواع ثمناً، لأن تجفيف أوراق التبغ التي يُصنع منها يستغرق ثلاث سنوات.ويحفظ السيجار في درجة رطوبة معينة، حتى لا يخسر نكهته ورائحته المميزتين.

ولم يكن السياسي الشهير ونسنون تشرشل يستطيع التخلي عن سيجاره وكان ينفق دخانه لمسافة من فمه وانفه وهو يحاور جلاسه. وارتبطت شخصية هذا
السياسي اللامع بالسيجار حنى قبل وفته، فقبل
عدة سنوات، بيع في مزاد quot;سوثبيرquot; بلندن سيجار لم يكمل تدخينه ونستون تشرشل، بمبلغ 3585 دولاراً أميركياً. وهو جزء من إرث الزعيم البريطاني الذي كان مغرماً بتدخين السيجار الكوبي الضخم، حيث كان يستهلك منه عشرة يومياً، حتى أطلق اسمه على أحد أنواعه.

وكان لسيجار وغليون الزعيم الشيوعي ستالين دلالات كثيرة، وكان الرفاق يعرفون مزاج زعيمهم من طريقة نفثه للدخان. ولم يكن يستطيع متابعة حواراته والاصغاء الى محدثيه من دون ان يمتلئ صدره بالدخان.


[email protected]