أنا وفيليب تروسيي والزمن

أمين الكنوني

في سنة 1995 كنا ندرس بثانوية الحسن الثاني بالرباط ،وكان فندق ياسمين على مرمى حجر من الثانوية ،بل كانت غرفه تطل على ملعب التربية البدنية للثانوية ،وكان الفندق قبلة لأغلب الفرق المغربية التي تقدم للرباط من أجل مواجهة فرق العاصمة ،وكان الفندق أيضا مركزا لتجميع لاعبي فريق القرض الفلاحي سابقا ،ومن فرط شغب المراهقة الذي لازمنا لسنوات طوال ،كنا نتسلل وبضعة أصدقاء للفندق من أجل مشاهدة اللاعبين عن قرب،في وقت كان فريق القرض الفلاحي من الفرق المتميزة والتي كان يشهد مركز تكوينها للاعبيين بثانوية الليمون بالرباط اقبالا منقطع النظير .

مع بدء فريق القرض الفلاحي تلمس خطواته بنجاح بقيادة مدرب يدعى فيليب تروسيي...أصبح تروسيي حديث الأوساط الكروية الرباطية والسلاوية... كان مجهولا للجميع لكني تذكرته جيدا عندما حضر للدار البيضاء رفقة أسيك أبيدجان حيث أقصي في نصف نهاية كأس إفريقيا للأندية البطلة من طرف الوداد البيضاوي بقيادة يوري وجيل الداودي وموسى نداو.

تميز فريق القرض الفلاحي في فترة تروسيي بصلابة دفاعه وباشراكه للعديد من المواهب الشابة و بطريقة لعبه المتميزة 3-5-2 بينما كانت أغلب فرق القسم الأول تعتمد خطط 4-4-2 و4-5-1استطاع تروسيي في مدة وجيزة أن ينسي محبي فريق القرض الفلاحي بلطام والذي قاد الفريق للقسم الأول .

في أحد صباحات يوم سبت تسللنا إلى حافلة فريق القرض الفلاحي ،كان هناك المدافع القدير المعروفي ،واللاعب البختي وإلى جوارهما العملاق كيتا ،تحدثنا مع اللاعبين ،وطلبنا منهم أخد توقيعات ،إلى أن فوجئنا بصعود شخص أجنبي من الباب الخلفي للحافلة ،كانت أول مرة نرى فيها المدرب تروسيي كان في بداية الأربعينات لكنه بدا كشاب في الثلاثينات ،طلب منا الخروج من الحافلة بأدب ،وعندما بادرناه بطلب أخد تواقيع من اللاعبين ،رفض قائلا

Ce sont des joueurs qui gagent leur vie, pas des stars

ولدى مغادرتنا للحافلة اشتكينا للسيد النايلي الذي رد علينا بكون الفريق في مرحلة بناء وبكون مسألة التوقيعات ،ستجعل الغرور يدب في اللاعبين ،لم نقتنع كثيرا بكلام النايلي ،ومنذ ذلك اليوم لم نعد نقترب من حافلة فريق القرض الفلاحي ،وكان آخر عهدي بالسيد تروسيي في المغرب رؤيته بالقميص الرياضي للفتح الرباطي أمام باب فندق ياسمين يقوم بتعنيف لاعب من فريق الفتح الرباطي وكان إلى جانبه مساعده الأبدي سمير عجام .

مرت عشر سنوات ،إلى أن رأيت فيليب تروسيي بملعب Grimonprez-Joris بمدينة ليل يوم الثلاثاء 11 يناير 2005،بدا لي أنه لم يتغير كثيرا منذ أن رأيته سنة 1995،في تلك الأمسية فاز فريق مارسيليا على ليل بهدفين لواحد ،ورغم مرور عشر سنوات إلا أن تروسيي ظل وفيا ل3-5-2 والتي لا أظنه سيتخلى عنها يوما ما .

عشر سنوات مرت تنقل فيها تروسيي بين مختلف قارات العالم ،إلى أن قرأت مقالة الصحافي الواعد رشيد بلفلفل والتي كانت سباقة للاعلان عن عودة تروسيي مرة أخرى إلى المغرب عبر بوابة المنتخب في ظل تحدي كأس إفريقيا 2006

يعرف عن فيليب تروسيي أعصابه المتوثرة وهو على شاكة لويس فرنانديز والبوسني وحيد هاليهودزيتش من المدربين العصاميين والمزاجيين في آن واحد ،ساهمت تصريحاته النارية في كسبه الأعداء قبل الأصدقاء في مرسيليا ،وبالتأكيد سيواجه تروسيي حربا ضروسا من طرف بعض الأقلام الصحافية المغربية ،وصرامته ستساهم في ضبط لاعبي المنتخب المغربي لكنها ستجلب له الكثير من المشاكل .

لا يمكن لأي أحد أن يشك في الامكانيات التدريبية للمدرب تروسيي ،وبالنسبة للأجرة الشهرية فالأجدر للصحافة المغربية أن تبحث عن قطاعات أخرى يتم فيها هدر المال عوض الحديث عن راتب المدرب تروسيي لأن من درب قطر واليابان ومارسيليا الفرنسي لن يقبل بالفتات في المغرب ،وأجرة المدربين معروفة فسوق المدربين كسوق الخراف ،كاين السردي وكاين الميرونوس وكاين وكاين المدربين ديال جوج دريال .

[email protected]