حضرات السادة quot;المحترقينquot;!

عـلي ريـاح
[email protected]

للذين وجهوا ، قبل ثلاثة أيام ، لومهم إلي لأنني انتقدت عنجهية وغرور فييرا ولا مبالاة البعض من لاعبينا (الكبار) بمقالي (تخاريف الجنرال فييرا) ..
وللذين لم يصدقوا أن نصاب فريقنا بات مجرد أسماء لا همَّ لها إلا رفع رصيدنا من الكوارث ..
وللذين دافعوا عن (نجوم من ورق) لا حضور لهم إلا في (مرمطة) سمعة العراق والكرة العراقية ..
لكل هؤلاء الذين أطالبهم باعتذار منطقي أستحقه وتستحقه إيلاف ، أهدي مقالا نشرته في إيلاف يوم 11 من الشهر الماضي تحت عنوان
(حضرات السادة المحترفين) وقلت فيه ما رأى فيه البعض تجاوزا على نجوم العراق .. فقط سأستبدل الآن مفردة (محترفين) بكلمة (محترقين) ، إذ لا لزوم أبدا بعد اليوم لهؤلاء الذين فرطوا بسمعتنا ووجهوا طعناتهم إلى قلوبنا .. فقد بلغ السيل الزبى .. ولن يمر يوم في أعمارنا الكروية مثل أربعاء الأحزان .. وهذا هو المقال ..

****
نستخفّ كثيراً بالعقلية التي تحكم تصرفات اللاعبين المحترفين العالميين إزاء منتخباتهم ، ونحن غالباً ما نقول إن غرور النجوم يجعل اللاعب في غنى عن التفكير بمنتخب بلاده ما دام هذا اللاعب متألقاً مع النادي الذي يلعب معه ويقبض منه الملايين ، ويعيش حياة مترفة بين ظهراني هذه الأندية الموسرة التي تتحرك على خريطة جغرافية تنعم بالامان ، حتى وصفنا تلك المنتخبات ذات يوم بأنها منتخبات بلا وطن!
ولكن اسمحوا لي بالقول إن استخفافنا أحرى بالإستخفاف ، فاللاعب المحترف في الخارج ، وأنا اقصد اللاعب الأجنبي ، يرى في المنتخب سر نعمته وإكسير بقائه ، ولهذا قال نجم نجوم التاريخ الكروي الفرنسي زيدان حين عاد الى منتخب بلاده ذات يوم :( لقد شرّفني منتخب بلادي حين قبلني عضواً فيه مجدداً)!

علي رياح
ولن أنسى أبدا تلك الكلمات التي أطلقها ليونيل ميسي على مسامع جمع من الصحفيين العرب وكنت واحدا منهم، إذ قال للمشككين في مستقبله مع منتخب التانغو :( لن أنال نصيبا من الشهرة كلاعب كرة ما لم أكن محافظا على سجل ثابت مع منتخب بلادي .. لا أقصد بالسجل الثابت أن ألعب باستمرار مع المنتخب ، وإنما أن أكون عنصرا فاعلا فيه .. هذا أمر أهم بكثير من اللاعب للأندية)!

وإذا شئنا المرور وعلى الكثير من النماذج الكروي العالمية، فان هذا الحيّز الضيق سيكون مشكلة بالفعل ، وقد قال الجوهرة السوداء بيليه : ( في زمن لم يكن هنالك احتراف بالمعنى المتعارف عليه الآن ، كان المنتخب الوطني يمثل غاية المنى بالنسبة لأي لاعب .. وفي تقديري أن هذه الحاجة الكبرى في مسيرة اللاعب لم تتغير مع تغير الزمن ، فحتى لو كان اللاعب نجما للميلان أو اليوفي أو الانتر أو الريال ، فان ذلك لن يقلب الحقائق .. المنتخب هو الأصل ، وهو السر في نجاح اللاعب ، أو في فشله كذلك)!

أما كثير من محترفينا العراقيين الذين يلعبون مع (نصف) فرق محترفة ، وبعقود هزيلة بالمقارنة مع قدراتهم الحقيقية أو الكامنة ، فالله وحده يعلم كم أصبحوا عتاة لا يهابون مدرباً أو مسؤولاً .. إنهم ـ إذا قبلوا اللعب للوطن ـ فإنهم يتصورون أنهم بذلك يقدمون خدمة عظمى للبلد التي صاروا بفضلها ، ثم قلبوا لها ظهر المجن ، فلم يعد يهمهم مصير المنتخب ، فلا يضيرهم إخفاقه ، ولا يتحمّس بعضهم لنجاحه ، فالمهم أن تمضي مسيرته الاحترافية على خير!

لست أطعن في صدقية اللاعبين المحترفين العراقيين جميعا وبعضهم قريب مني أو إلى نفسي ، فمنهم من يحمل كل عوامل الإصرار والتحفز من أجل تمثيل المنتخب حتى في المباريات التجريبية أو البطولات الودية ، لكني ـ بكل تأكيد ـ أتحدث عن لاعبين كانوا قبل سنين قليلة يوسطون الدنيا بأسرها من أجل أن يضع مدرب المنتخب أسماءهم في لائحة اللاعبين المدعوين لتدريبات المنتخب ، وقد أضحى كل منهم الآن يتابع شؤون منتخب بلاده بذات الطريقة التي يتعامل بها مع أخبار منتخب بوركينا فاسو ، أي أن الأمر لم يعد يعنيه في شيء بعد أن عبّأ جيوبه بما سيضمن له عيشه ، فلا حاجة إذاً إلى وجع الرأس مع المنتخب!

لهذا ، ولكل من يرى أن العراق زاخر بقدراته ، وهو عامر بالأجيال الكروية وأن بطون الأمهات لم تعجز عن ملء ملاعبنا بالمواهب .. أضم صوتي إلى صوت المطالبين بتجديد المنتخب باستبقاء من يصلح من (الأسماء المحترفة) ومنح فرصة الظهور واللعب لمن يستحقها لا لمن يستخفّ بها ، بدلا من وضع الأمل في (أسماء) صنعها العراق ، وباتت تتبطـّر عليه!