:


مع بدء العد التنازلي للموقع الكبرى والمرتقبة بين المنتخبين المصري والجزائري في الجولة الأخيرة من تصفيات المجموعة الإفريقية الثالثة المؤهلة لنهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا صيف 2010، بدأت تزداد أجواء التحضيرات النهائية سخونة في كل عاصمة، وسط إصرار منقطع النظير من كلا الجانبين بحسم بطاقة الترشح. وللمتابع أن يدرك حجم التراشقات الإعلامية المتبادلة من كل الجانبين خلال الآونة الأخيرة، وتأثيرها على شحذ حماس، وأحياناً عصبية، جماهير كلا المنتخبين قبيل موقعة القاهرة التي ستجرى يوم السبت القادم. لكن اللعب على ما يبدو على هذا الوتر، انتقل ليحظى بالاهتمام العالمي أيضاً. فبعد أن سبق لها وأن وصفت المباراة الحاسمة هذه بأنها مباراة للكراهية بين المنتخبين، على خلفية ذكرها لأحداث تاريخية كشفت عن حقيقة الأجواء غير المستقرة بين البلدين كروياً، ها هي صحيفة الغارديان البريطانية تقول في تقرير جديد لها إن المنتخبين سوف يخوضان مباراة سياسية في كرة القدم.

وتبين الصحيفة في بداية حديثها أن كرة القدم ربما تُعرف بكونها لعبة جميلة، لكنها غالبا ً ما تُمَثِل على المستوى الدولي نوعا ً من أنواع المباريات الكبرى التي تتنافس فيها الدول على الظفر بالسطوة الإقليمية والعالمية. وتؤكد الصحيفة في مستهل حديثها كذلك على أن كرة القدم تميل لإظهار الوجه الجميل والقبيح لدى الأشخاص، الذي يتراوح ما بين التنافس الودي والروابط في المدرجات إلى أحقر أشكال المغالاة في الوطنية والعشائرية. كما تلفت الصحيفة إلى أن السباق المحتدم الذي تشهده الساحة الإفريقية في هذه الأثناء لحجز مقعد بنهائيات المونديال الجنوب إفريقي أشعل حربا ً باردة بين اثنين من أبرز منتخبات القارة؛ هما مصر والجزائر.

وتتابع الصحيفة بالقول إنه وبعد أن أضحت الكثير من الأمور على المحك، تشهد كلا العاصمتين الآن محاولات من جانب الجماهير الغفيرة، والصحافيين، والهاكرز، وغيرهم من الوطنيين، لغرس الخوف في قلوب الأعداء. ثم تمضي الصحيفة لتشير إلى حرب المزاعم المتبادلة التي نشبت بين كلا الجانبين حول اللعب غير النظيف، وتنوه هنا بالاتهام الذي وجهه رئيس الخطوط الجوية الجزائرية لمصر بأنها تفرض قيودا ً على حركة الجماهير الجزائرية التي وصلت بالفعل إلى البلاد. في حين أعرب مراقبون دوليون عن تخوفهم من أن يمتد الصراع إلى خارج أرضية الميدان، ليُلحِق بعض الإصابات في صفوف المدنيين.

وتشدد الصحيفة في محور آخر على أن المناوشات الدائرة الآن من كلا الجانبين جاءت لتثير تساؤلا ً حول ما إن كانت التوترات القائمة بين مصر والجزائر تدور فقط حول كرة القدم، أم إن كانت تُستغل اللعبة الجميلة كوكيل - باعتبارها كرة قدم سياسية ndash; لعداوات أكثر عمقا ً. وفي هذا الإطار، تنقل الصحيفة عن بريان أوليفر، الكاتب بالمدونة الرياضية للصحيفة، قوله :quot; لم يبدي الجزائريون والمصريون دفئا ً في العلاقات تجاه كليهما الآخر، ويبدو أنهم يحبون التعبير عن مشاعرهم من خلال كرة القدم. هذا وينظر إلى المصريين على اعتبار أنهم متغطرسين ومنغلقين، كما كانت هناك ذكرى سيئة بين البلدين في نهاية عقد الخمسينات من القرن الماضي، عندما أبدت دول إفريقية عديدة ndash; لم تكن من ضمنها مصر ndash; دعما ً لاستقلال الجزائرquot;.

وتمضي الصحيفة لتقول إنه وبالرغم من كون مصر واحدة من أوائل الدول الإفريقية التي حصلت على استقلالها، وكانت تجربتها مع الاستعمار بسيطة مقارنةً بالجزائر، إلا أن ذلك لم يكن مصدرا ً فعليا ً للتوتر بين مصر والجزائر- بل على العكس تماماً. وتشير إلى أن صراع مصر للحصول على استقلالها بالإضافة للدعم الذي قدمه نظام الرئيس جمال عبد الناصر للثوار الجزائريين أثناء حرب البلاد الدموية طويلة الأمد للاستقلال من الاستعمار الفرنسي، قد لاقى تقديرا ً كبيرا ً في الجزائر. وتختم الصحيفة بتأكيدها على أنه إذا ما كانت هناك توترات سياسية بين البلدين، فإنها قد ظهرت في وقت لاحق، عندما أقامت مصر سلاما ً مستقلا ً مع إسرائيل، وتُرِكت في عزلة من جانب العالم العربي بأسره، بما في ذلك الجزائر، لكن مشاعر الاستياء هذه قد تلاشت.