عبد الجبار العتابي من بغداد :عمو بابا وحسن كريم الشهير بـ (فيوري) .. لاعبان من جيل واحد ، ومدربان .. عملا في التدريب في مرحلة واحدة بعد اعتزالهما اللعب ، وفيما ظل عمو مع الكبار ، اتجه فيوري الى تدريب الناشئة ، لعبا معا في فريق الحرس الملكي وتنافسا حينما لعبا لفريقين مختلفين ، وكبرا معا واصبحا شيخين معا ، فالاول من مواليد1934 فيما الثاني من مواليد 1929 ، لكن ثمة سر بينهما ظل خافيا ، لا احد يعرفه ، لا عمو بابا اجاب عنه ولا حسن فيوري الذي كما كنت اذكر امامه اسم عمو يغضب ، حتى فسرت الامر ان الاختلاف بينهما حول المدرسة الكروية ، حيث يشعر فيوري انه اول من اسس مدرسة في العراق ويقول ان هناك ادلة كثيرة تشهد على هذا والاثار في مدينة الثورة ما زالت باقية دالة على هذا ،وفيما لم تدعم مدرسة فيوري فقد تلقى عمو بابا كل الدعم منذ ان فكر في افتتاح مدرسته التي اصبحت رسمية .
سوف اجتهد واقول ان الخلاف بينهما شخصي يمتد الى سنوات طويلة ، ربما الوقت الذي كانا فيه لاعبين ، او ربما فيما بعد ، سأفترض هذا ، وليس بغريب ان يحدث هذا ، ويبدو ان القطيعة على الرغم من تسميتها الا انها ما زالت تحفظ ودا كبيرا ، والدليل ان فيوري حين علم قبل سنوات بمرض عمو سارع الى زيارته التي كانت بمثابة المفاجأة ، وبعدها عادت العلاقة الى البرود ربما بحكم العمر الذي فيه الشيخان ، وتباعد المسافات والظروف ، وكم حاولت ان استفز فيوري لأعرف منه بواطن الاسرار كان يقول : دع الذكريات نائمة ، وكان يصرخ في وجهي ، وليس غريبا ان تنام تلك الذكريات وتصحو بحلوها ومرها .
الشيخ فيوري .. عندما سمع خبر وفاة عمو بابا ، جلس على الارض وراح يبكي بحرقة ، اخرج الصور العديدة لهما معا وراح يفرشها امامه ويتأملها ويبكي ، كانت الصور تشده الى ايام الشباب ، الى تلك الايام التي عاشاها معا ، الى عالم فسيح من الذكريات ، عالم لا تسعه السنوات بكل ما حملته ، الالم الذي داهم الشيخ فيوري ليس له من حدود ، اعتصره وسكب الدمع المتبقي في غدده الدمعية بشكل عفوي ، انهكه كثيرا ، ثمة حالة جعلته يرتجف ، وهو يرى نهاية صديقه وزميله ، ثمة احتراق داخلي ، لايوصف ،ربما لان للموت هيبة او ربما الخبر اوصد كل الابواب التي تهب على الذاكرة منها رياح غير طيبة ، لم يجد الا ان يقرأ سورة الفاتحة على روح عمو ، ويدعو له بالرحمة وان يسكنه الله فسيج جناته ، ومن ثم راح يقيم مجلس عزاء في داره ويتلقى تعازي اهل منطقته والاصدقاء والمقربين .
(اه على تلكم السنين) كما يقول الجواهري .
التعليقات