قبيل 24 ساعة عن اللقاء الحاسم بين الجزائر ومصر برسم دور الأربعة لكأس إفرقيا للأمم الـ27 بأنغولا، يعيش الشارع الجزائري أجواء احتفالية خاصة بهذه المناسبة، وتحسبا للموعد تشهد مقرات quot;الجزائرية للطيرانquot; ووكالات السياحة غزوا مكثفا لآلاف الجزائريين الذين سيتنقلون إلى الأراضي الأنغولية اعتبارا من صباح غد الخميس، في وقت جرى فرض طوق أمني صارم على مستوى مقرات مجموعة quot;أوراسكومquot; المصرية وعلامتها التجارية quot;جازيquot; تأهبا لأي انزلاقات.
كامل الشيرازي من الجزائر: في جولة قادت مندوبquot; إيلافquot; عبر العاصمة الجزائرية وضواحيها، كانت الأغاني الرياضية التشجيعية لـquot;مقاتلي الصحراءquot; تصدح في السماء، وتحوّلت معها أحياء quot;درارية، بن عكنون، الأبيار، حسين داي، الحراش، برج الكيفان وغيرهاquot; إلى أوركسترا متنقّلة ترقص على إيقاع:quot;دزاير هي بلادي، فيفا لالجيري، جزاير يما، quot;لالجيري بلادي .. ساكنة في قلبيquot;، وبدا في خضم هذا الاستعراض أنّ مشاكل البلاد مؤجلة إلى إشعار آخر، حتى أنّ إضرابات الأطباء والأساتذة وسائقي سيارات الأجرة ليس لها أي رجع صدى.
بشارع شاراس الشعبي وسط الجزائر العاصمة، قال الحاج الزوبير (78 عاما) ويداه لا تفارقان مسبحته:quot;يوم الخميس ستنبض قلوب ملايين الجزائريين فرحا، النصر سيكون حليفنا بإذن اللهquot;، بينما خاطبنا كمال (36 سنة) صاحب ورشة خاصة وأصدقائه أحمد، نذير وعثمان بصوت واحد:quot;هذا الجيل اختصاصه الانتصارات، نؤكد لكم أننا سنتغلب مجددا على الفراعنةquot;، بينما أشار صالح (27 سنة) الذي التقيناه بحي تيلملي، بابتهاج إلى نتائج استطلاع محلي للرأي منح التفوق للجزائر بنسبة 88 بالمائة، وأضاف صالح بحماس مشوب بثقة:quot;مصر كانت بوابتنا إلى الدور النهائي قبل 30 عاما، ولن تشذ عن القاعدة هذه المرةquot;، وردا على ملاحظتنا بأنّ quot;الهزيمة موجودة أيضا في قاموس الرياضةquot;، أوعز فريد، نجاة، وسعاد الطلبة بجامعة الجزائر:quot;صحيح الأمر كذلك، لكن حرام أن يتجرع الجزائريون مرارة الاقصاء وعلى يد مصرquot;.
وبحي باب الوادي العتيق، كانت لنا جلسة مع رضوان، سمير، سيد أحمد، زكي، سامي ورضا الذين أجمعوا على أنّ فوز الجزائر على مصر حتمية ضرورية، وشرح رضوان:quot;الكثير من المصريين شكّكوا في شرعية تأهل الجزائر إلى كأس العالم رغم أنّه كان صحيحا مائة بالمائة، لذا فإنّ فوزا متجددا على الفراعنة سيضع حدا لكل المزايداتquot;، وأيدّه سيد أحمد:quot;نريده انتصارا باهرا لمن حُظي بشرف تمثيل العرب في المونديال الجنوب إفريقيquot;، في حين التقى زكي وسامي ورضا في أهمية افتكاك منتخبهم الوطني للفوز على درب التتويج بكأس لم تنلها منذ عشريتين.
بالمقابل كان هيثم (39 سنة) أكثر موضوعية:quot;صحيح أنّه على الورق الجزائر متفوقة على مصر بحكم أنّ الخضر هزموا الفراعنة في جميع لقاءات كأس إفريقيا، إلاّ أنّ للميدان حقائقه وكرة القدم لا تعترف بالمسلّماتquot;، وانضمّ إليه رياض (40 عاما) بقوله:quot;المقابلة ستكون صعبة خاصة وأنها تعتبر مصيرية للمنتخبين، لكنها غير مستحيلة بالنسبة للخضر الذين إذا ما لعبوا بنفس الطريقة التي أدوا بها اللقاء ضدّ ساحل العاجquot;، ويضيف رياض:quot;نتمنى أن تسود الروح الرياضية بين الطرفين، ذلك أرفع وسامquot;.
رواج مذهل لقمصان الخضر
في سياق ذي صلة، يعرف القميص الرسمي quot;للخضرquot; بلونيه الأخضر والأبيض رواجا كبيرا لدرجة أنّ التجار جنوا أرباحا خيالية جرّاء تهافت الآلاف من مناصري المنتخب الجزائري على هذه القمصان.
ورغم غلاء الأسعار وتراوحها بين 400 إلى 2000 دينار (ما يعادل 6 إلى 30 دولارا)، إلاّ أنّ هذا القميص اختفى من محلات بيع الألبسة ومع ذلك لا يزال الطلب كبيرا عليه، ويشير فوزي صاحب محل للألبسة الرياضية بساحة الشهداء، إلى أنّ الطلب بلغ ذروته قبل وخلال كأس افريقيا للأمم، وضاعف الأداء المشرف لأشبال المدرب رابح سعدان من طلبات الجزائريين على القميص الرامز إلى منتخبهم الوطني.
ويعلّق فتحي بأسى أنّه أصيب بحرج كبير، حينما طلب منه زبائن كثر هذا القميص، فكان رده باستحياء quot;لقد نفذ مخزونناquot;، وهو ما أثار احتجاج أمين، يوسف وغيرهما من الشباب الذين قالوا:quot;نريد اقتناء هذا القميص على الفور ونطمح بشوق لارتدائه عند تتبعنا اللقاء على شاشة كبيرة ليلة الخميس، ولكي نعبّر عن فرحتنا إن شاء الله بتأهلنا للدور النهائيquot;.
من جهته، صرح الحاج بشير (73 عاما) الذي طاف بكل المحلات المتخصصة في الألبسة و التجهيزات الرياضية لاقتناء هذا القميص:quot;رغبت في منح القميص الوطني كهدية لحفيدي، لكن الحظ لم يكن معيquot;، فيما أكد الكهل عبد الرحمن (44 عاما):quot;يصعب الحصول على هذا القميص بحيث أنه أصبح بمثابة تحفة لعشاق المنتخب الوطنيquot;.
الحلم الأنغولي
في آخر التطورات، ستنطلق أولى رحلات نقل المشجعين الجزائريين إلى أنغولا صباح الغد، أين يُنتظر أن تنقل ما لايقلّ عن ألف شخص، في وقت أكّد quot;وحيد بوعبد اللهquot; الرئيس المدير العام لشركة quot;الجزائرية للطيرانquot; المملوكة للحكومة، قدرة الأخيرة على نقل ألفي مشجع.
وتسبب إعلان السلطات الجزائرية عن تسخير أربع طائرات لنقل من يرغب من أنصار الخضر في التنقل إلى أنغولا لمساندة منتخبهم الوطني هناك، في تفجير حالة من الهستيريا وسط الجزائريين، حيث صار الحديث عن كيفية وتقاصيل الرحلة خبزا يوميا في مجالس الشارع المحلي، رغم التكلفة الباهظة لتذكرة الطائرة المقدّرة بـ66 ألف دينار (بحدود 800 دولار) في بلد لا يزيد سقف رواتب موظفي القطاع الحكومي عن 15 ألف دينار (أقل من مائتي دولار شهريا)، بيد أنّ شريف، ساعد، عمر وعبد الحميد قالوا إنّ مدّ يد العون للخضر يستحق كل التضحيات حتى وإن كانت تتسبب في إفراغ الجيوب.
وأوضح مسؤولو quot;الجزائرية للطيرانquot; أنّ الشركة رصدت كل الوسائل لضمان نقل المشجعين إلى أنغولا وإعادتهم إلى بلادهم مباشرة بعد انتهاء المقابلة، ويمكن للمشجعين الراغبين في البقاء بأنغولا لحضور نهائي كأس افريقيا للأمم الأحد القادم في حالة تأهل الجزائر، انتقاء هذا الخيار ولكن على حسابهم الخاص.
وقال المسؤول الأول في الشركة quot;وحيد بوعبد اللهquot; إنّه تمّ كذلك تخصيص رحلات بين العاصمة الأنغولية لواندا ومدينة بانغيلا التي ستحتضن اللقاء، وأشار بوعبد الله إلى أنّ قيمة التذكرة جرى تخفيضها إلى أكثر من النصف لتمكين أكبر عدد ممكن من المشجعين لمساندة الخضر.
من جانبه، صرح quot;بلقاسم حموشquot; الرئيس المدير العام للديوان الجزائري للسياحة، إنّ هناك إقبالا جيدا من مواطنيه على التسجيل ضمن قوائم المسافرين إلى أنغولا، وأوضح المسؤول ذاته أنّ الترخيص بالسفر لن يُمنح إلاّ لمن لقحوا أنفسهم ضدّ أمراض الحمى الصفراء، الديفتيريا والتهاب السحايا.
هدوء حذر في محيط أوراسكوم
على الصعيد الأمني، لاحظنا لدى زيارتنا المقرّ الرئيسي لشركة أوراسكوم المصرية وعلامتها التجارية quot;جازيquot; في الجزائر، انتشارا أمنيا مخافة أن يتكرر الذي حدث في صبيحة 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بيد أنّ الحراك الأمني الاحترازي اعتبرته مراجع محلية أمرا عاديا، في وقت تواصل مجموعة الاتصالات المصرية ونحو 35 ألفا من موظفيها، نشاطهم بشكل اعتيادي دون مشاكل، بما في ذلك العمال المصريين الذين عادوا إلى الجزائر بعد فترة من التوقف الاضطراري غداة نشوب ما اصطلح عليها بـ(حرب) الكرة بين الجزائر ومصر قبل ثلاثة أشهر.
يٌشار إلى أنّ quot;جازيquot; العلامة التجارية لأوراسكوم بالجزائر، تكبّدت خسارة لا تقلّ عن الخمسة ملايين دولار جرّاء ما طال مقراتها بالجزائر، كما تسبب ما يحصل من تراشق بين الجزائر ومصر في نشوب حملة دعائية مضادة لأوراسكوم في الجزائر، حيث أرسلت آلاف الرسائل النصية القصيرة الداعية إلى مقاطعة المتعامل المصري وإلغاء المشتركين لشرائحهم، وهو سيناريو كانت له آثار سلبية على إدارة جازي التي تتربع على صدارة سوق الاتصالات بالجزائر بـ 14.5 مليون مشترك، متبوعة بنجمة (العلامة التجارية للوطنية الكويتية) بستة ملايين مشترك، ثمّ quot;موبيليسquot; التابعة quot;للجزائرية للاتصالاتquot;، التي تستوعب حوالي خمسة ملايين مشترك.
التعليقات