من الغريب جداً أن بعض المراقبين يحاول مقارنة الضجة التي تثار حالياً حول العودة الوشيكة لتايغر وودز إلى ملاعب الغولف بالعودة المذهلة لاسطورة الملاكمة محمد علي إلى الحلبة قبل 40 عاماً.
والحقيقة هي أنه ينبغي على أي شخص عند سماعه رأياً لمثل هذه المقارنة السخيفة على مقربة منه، ألا يترد في سحب صاحب مثل هذا الرأي وضربه برفق على رأسه بمضرب كرة الغولف حتى يرجع إلى صوابه. وبالتأكيد أن أي محكمة من المحاكم ستتفق مع هذا الاستفزاز.
ودعونا دراسة الأدلة وفحصها، من ناحية لدينا محمد علي، رمز الثقافة والرياضي الذي سيّس وضعه بصفته بطلاً للعالم في الملاكمة للوزن الثقيل، وتحالف مع حركة quot;القوة السوداءquot; وتحدى موقف أميركا من رؤيتها للأشخاص من غير البيض والنظام الاجتماعي القائم. وهو الفرد الذي رفض من حيث المبدأ أن يجند ويشارك في حرب فيتنام، وأعلن أنه ليست لديه عداوة مع الفيتكونغ quot;لأنهم لم يسمونني بنيكروquot;، ومجادلته لإعتناقه الإسلام قد جعلت منه المستنكف الضميري.
ولكن مع كل هذا لم يتوارى عن الأنظار، بل حضر الحفل التعريفي للجيش، ولكنه رفض بعناد التزحزح عن موقفه عندما دعي إلى الخروج في ثلاث منافسات منفصلة، ولهذا السبب أُدين وحكم عليه بالسجن خمس سنوات ودفع غرامة قدرها عشرة آلاف دولار وجُرد من لقبه في الوزن الثقيل ومُنع من ممارسة رياضته المفضلة داخل الولايات المتحدة، وتعقيباً على ذلك قال أحد منظمي نزالات الملاكمة: quot;بين عشية وضحاها أصبح علي نيكرو مرة أخرىquot;.
وفيما كان يقدم طعناً للحكم، تجول محمد علي في معظم أنحاء أميركا، ملقياً الخطب الحماسية المناهضة للحرب في حرم الجامعات ومشاركاً في مسيرات الاحتجاج حتى عام 1971 عندما تم إلغاء العقوبات من قبل المحكمة العليا. ولكن قبل ذلك بسنة ndash; وهذا الجدل ما زال دائراً ndash; أعطى عضواً في مجلس الشيوخ الذي كان متعاطفاً مع علي ترخيصاً له لمزاولة الملاكمة في ولاية جورجيا.
مساحات كبيرة من الرأي العام الأميركي كانت تحتقر صلابته، والسياسة الراديكالية واليائسة كانت تريده أن يخسر في نزاله أمام منافسه الأبيض جيري غواري الذي جرى في كانون الأول عام 1970. واحتمالات الخسارة كانت مرتفعة، خصوصاً بعد ثلاث سنوات منفى من الحلبة. ولكن علي استطاع أن يوقف خصمه بعد اصابته بجرح خطير أمام العالم في تلك الليلة، ثم اتخذ خطوة جريئة إلى الوراء من أجل إعادة تأهيل نفسه.
إذاً، لخلاصة الحالة في ما يتعلق بعودة رياضيين اثنين: من ناحية، لدينا محمد علي، فرد كان على استعداد للمجازفة بحياته من أجل شيء يؤمن به، على رغم الضغوط الهائلة في زمن الصراعات والاضطرابات.
من ناحية أخرى، لدينا لاعب الغولف الذي خسر بعضاً من الراعين، لأنه لم يستطع أن يبقي (...) في سرواله. لذلك لا يوجد مجالاً للمقارنة.
ويعود وودز من منفاه الاختياري وليس من حظر حكومي، لأن بطولة الماسترز للولايات المتحدة في أوغوستا هي الأكثر تميزاً وخصوصية والبيئة المدللة التي لا يمكن لأي شخص تصورها في مجال الرياضة. فسوف لن تكون هناك صيحات النفور والاستهجان والمقاطعة. ولدى نادي اوغوستا الواقع في ولاية جورجيا، سياسة شرسة وصارمة لقبول الأعضاء فيه. وهذا هو المكان التي حتى الطيور تحتاج إلى تصريح للتغريد في الأزاليات.
وقد قيل إنه يحتاج إلى quot;شجاعةquot; هناك. وبعضهم يخشى أن الاختبار النفسي قد يكون أكثر من اللازم... أليس هذا هراء! مع العلم أن أوغوستا مغلق بإحكام وغير متأثر بالظروف الخارجية ويسيطر على البيئة مثلما كان وودز خائفاً باعترافه في مؤتمره الصحافي. فهذا هو المكان الوحيد الرائد الذي سيسمح له بأن يقدم الأفضل ما لديه: فقط التركيز على نفسه ويلعب لعبته ويحجب عن العالم والحديث قليلاً باستثناء حال الملعب الأخضر وما يحيط به بعد ذلك.
وهذا ليس شيئاً سيئاً. فالمرء لا يريد أن يسمع عن المزيد من المعلومات عن حياته الخاصة، ولا أن يقرأ محتويات الرسائل النصية التي تباع للصحافة من قبل عشيقاته ونجمات الإباحية، بل سيكون المرء مرتاحاً لمشاهدته وهو يلعب الغولف مرة أخرى، خصوصاً أنه كان الأفضل عالمياً لفترة طويلة.
ولكن مهما حدث، فإنه ليس بطلاً، وبالتأكيد ليس مثل محمد علي.
التعليقات