كشف بعض المراقبين للمرة الأولى الجداول الكاملة للتنازلات الضريبية البارزة التي طالبت بها سلطة الاتحاد الدولي لكرة القدم من البلدان التي ترغب في استضافة نهائيات كأس العالم حيث يتطلب من أي بلد مستضيف أن يقدم إعفاء ضريبياً شاملاً لمصلحة الفيفا، وكذلك من الأطراف الأخرى المشاركة في استضافة الحدث وتنظيمه.

روميو روفائيل من لندن : اجتمع يوم الجمعة 14 أيار، في مقر الفيفا في زيوريخ في سويسرا، ممثلو اتحادات كرة القدم من كل أنحاء العالم، ومن بينها الدول التي قدمت عطاءاتها لاستضافة نهائيات كأس العالم لعامي 2018 أو 2022.

وطُلب من الدول التي قدمت العطاءات الامتثال لمجموعة واسعة من الشروط التي وضعها الفيفا والذي يرغب في الحفاظ على سريتها. ومن بين هذه الشروط أن الحدث يجب أن يكون خالياً من الضرائب لمصلحة الفيفا، إذ قال الناطق باسمه: quot;يتطلب من أي بلد مستضيف أن يقدم اعفاء ضريبياً شاملاً لمصلحة الفيفا، وكذلك من الأطراف الأخرى المشاركة في استضافة الحدث وتنظيمهquot;.

وهذا يعني أنه إذا نجحت في مسعاها، فإنه ينبغي على الحكومة البريطانية أن توافق على التخلي عن عشرات الملايين من الجنيهات الاسترلينية التي ستجنيها من الضرائب لمصلحة الفيفا، الذي، كمنظمة خيرية، يدفع بالكاد أي ضريبة إلى الحكومة السويسرية. ويبدو أن هذا يعني أيضاً أن دخل اللاعبين من البطولة، وبعضهم من يتقاضى أعلى الأجور في العالم، ينبغي أن يكون معفياً من الضرائب.
السرية

David Beckham, Josef Blatter

وسيتخذ الفيفا قراره بخصوص الدول التي ستستضيف نهائي كأس العالم لعامي 2018 و2022 في كانون الأول المقبل، بعد النظر في quot;كتب المزايدةquot; الضخمة (عطاء انكلترا كان من 1752 صفحة) التي قدمت من قبل الدول المنافسة. وهذه الكتب تحتوي على كل التفاصيل الدقيقة، وبالضبط حول اعتزام الدولة المستضيفة للتوجه نحو تنظيم مثل هذا الحدث الكبير.

وسيستعين على حكومة المملكة المتحدة الموافقة على الضمانات الثماني التي وضعها الفيفا والتي وقعت عليها بريطانيا في كانون الأول الماضي، في محاولة لدعم عرض انكلترا. فهل ستنطوي على تخفيف دفع الضرائب على دخل اللاعبين، وربما حتى أولئك المقيمين بالفعل في المملكة المتحدة؟

أجاب متحدث باسم quot;فريق عرض انكلترا 2018quot; للقسم الاقتصادي في هيئة الإذاعة البريطانية: quot;لا استطيع أن أقول أي شيء. الفيفا طلب ذلك، ويجب أن تبقى وثيقة العطاء التقنية سريةquot;. لكنه شدد على أن هذا سينطبق على جميع الأطراف، بما في ذلك تلك التي تنطبق عليهم تأشيرات الدخول وتصاريح العمل والسفر والأمن والخدمات المصرفية والعملات الأجنبية وحقوق البث التجاري. أما المتحدث باسم وزارة الثقافة والإعلام والرياضة فقال: quot;لا يمكنني الخوض في تفاصيل أي من هذه المواضيع، لأن الفيفا وضع شروطاً سرية صارمة للغاية، إلا أن هناك دائماً مجالاً للمناورةquot;.

الإعفاء الضريبي

ولا تشعر كل البلدان أنها ملزمة بهذه السرية. هولندا وبلجيكا قدمتا عرضاً مشتركاً لاستضافة مونديال 2018 أو 2022. ونشرت الحكومة الهولندية مؤخراً على موقعها الرسمي على الانترنت تفاصيل كل الضمانات الثماني على شكل مسودة رسالة لسيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم.

يطلب ضمان رقم الـ3: quot;الإعفاء الضريبي الكامل لفيفا والشركات التابعة لهquot; وquot;لا يقتصر على الأحداث ولا يتغير بسبب الأوقاتquot;. وتشير الرسالة إلى: quot;الإعفاء المنصوص عليه في هذا القسم يجب أن يشمل كل الايرادات والأرباح والدخل والمصاريف والتكاليف والاستثمارات وأي وكل نوع من المدفوعات، نقداً أو غير ذلك، وبما في ذلك أو من خلال (أ) تسليم البضائع أو الخدمات، (ب) محاسبة الائتمانات، (ج) تسليمات أخرى، (د) التطبيقات أو (هـ) التحويلات التي تحول إلى/ أو من قبل الفيفا و/أو الشركات التابعة لفيفاquot;.

والإعفاء ينطبق أيضاً على الهيئات المرتبطة، مثل اللجنة المحلية المنظمة للحدث والجمعيات التابعة لفيفا والاتحادات الأعضاء في الفيفا، بما في ذلك الاتحاد المستضيف للبطولة، والبث في الدولة المستضيفة ومقدمي الخدمات للاتحاد الدولي لكرة القدم. وينطبق ذلك طالما أن الضريبة المحتملة تتعلق مباشرة أو غير مباشرة بنهائيات كأس العالم وأي من الأحداث المرتبطة بها.

وما يثير الفضول والاهتمام أن الوثيقة لا تذكر مباشرة عددا من المشاركين البارزين في كأس العالم: اللاعبون. إلا أنه يبدو أن الاستثناء الهولندي شامل: quot;الأفراد العاملين أو، على خلاف ذلك، الذين استأجرهم: الاتحاد الدولي لكرة القدم، اللجان الفرعية لفيفا، اللجنة المحلية المنظمة للحدث، الاتحادات التابعة لفيفا، جمعيات الفيفا، المذيعين الذين استضافهم الفيفا ومزودي الخدمة لفيفا. بغض النظر عما إذا كان هؤلاء الأفراد مواطنين يدفعون الضرائب في هولندا أم لا، فإنهم يجب ألا يكونوا خاضعين لدفع الضريبة الفردية عن المدفوعات أو الفوائد الجانبية أو التسهيلات. وأي نوع آخر من التعويضات التي استلمها أي من الكيانات المذكورة أعلاه، والتي ليست مقيمة في هولندا، ولكن فقط في ما يتعلق بالمدفوعات والفوائد الجانبية والمبالغ المستردة وأي نوع آخر من التعويضات التي حصلت عليها حتى 31 كانون الأول من السنة التالية التي تلي السنة التي اقيمت فيها البطولة.

المعاناة حتى الآن

ليس شيئاً حتمياً أن يتم تجنب تحصيل كل الضرائب خلال نهائيات كأس العالم لعامي 2018 أو 2022، إذا حصلت انكلترا على حق استضافة البطولة.

فبعد نهائيات كأس العالم لعام 2006، دفعت جمعية كرة القدم الألمانية 101 مليون يورو (87.8 مليون جنيه استرليني بأسعار الصرف الحالية) عن مختلف الضرائب لأنشطتها خلال البطولة. وأخضعت المانيا أيضاً اللاعبين غير المقيمين على دفع الضريبة بشكل طبيعي، فارضة عليهم ما نسبته 21.1 في المئة على رسوم وعلاوات كرة القدم والأرباح التجارية الأخرى، على سبيل المثال الظهور في الإعلانات، وبذلك حصلت على أكثر من 7 ملايين يورو (6.1 ملايين استرليني). وكان قد أعفي أي شخص من خارج البلاد كان معتمداً رسمياً في المنافسة من ضريبة الدخل أو ضريبة الشركات الألمانية، رغم أنه تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة على المبيعات والخدمات كالمعتاد.

وكشف التقرير الرسمي للحكومة الألمانية أنه أثناء التحضير لإستضافة مونديال 2006 تم اعطاء تصاريح عمل لمئة وسبعين ألف أجنبي للعمل في هذه البلد كجزء من المنافسة. وقال ناطق باسم الحكومة إن هذا لا يساوي تماماً عدد المعفين من الضرائب، إذ لا تتوفر الأرقام بدقة. إلى أن ذلك يشير بكل وضوح إلى أن عشرات الآلاف من الناس استفادوا من متطلبات الفيفا الضريبية.

من جهة أخرى، وافقت الحكومة البرازيلية للتو، التي منحت حق استضافة نهائيات كأس العالم لعام 2014، على إعفاء الفيفا وجمعيتها من الضرائب على أي سلع والخدمات ذات الصلة بهذه البطولة لمدة خمس سنوات: من كانون الثاني 2011 حتى نهاية عام 2015. وقال أورلاندو سيلفا الشهر الماضي إن البرازيل اتخذت هذا القرار لكسب الكثير من الأموال من تأثير التحفيز على الاقتصاد. وعندما يتم تمرير قانون الإعفاء من ضريبة الدخل الفردي على البرلمان في البلاد، فإنه سينطبق أيضاً على غير المقيمين الذين سيعملون في البلاد أو عن طريق بعض العقود في التنظيم أو المشاركة في نهائيات كأس العالم.

جنوب افريقيا

في منافسة هذا العام في جنوب افريقيا، أسس quot;وهم الإعفاء من الضرائبquot; حول البطولة، بناء على طلب الاتحاد الدولي لكرة القدم، للمنظمات التابعة له والاتحادات الأجنبية لكرة القدم التي ستشارك في البطولة من ضريبة الدخل الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة.

وينطبق هذا أيضاً على منظمات مختلفة صنفت كشركات تجارية تابعة لفيفا والجهات المرخص بها والمذيعين الذين تمت استضافتهم ووكلاء حقوق البث وشركات البضائع ومقدمي الخدمات ومشغلي الامتيازات ومقدمي الضيافة. ولا تنطبق الامتيازات الضريبية على هذه المنظمات إلا عندما يتم الإعلان عن توفير سلعها أو خدماتها في موقع الفيفا الرسمي.

وستطبق الضريبة الموحدة بنسبة 15 في المئة على أرباح الرياضيين والضيوف كالمعتاد. أما ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14 في المئة فستطبق على مبيعات التذاكر.

وبالتالي، كم هو المبلغ الذي سوف لن يخضع للضريبة إذا نظمت نهائيات كأس العالم 2018 في المملكة المتحدة؟
لا أحد يستطيع أن يذكر الأرقام حتى الآن. ولكن حسابات الفيفا لعام 2007، التي تغطي السنة السابقة لنهائيات كأس العالم، أعطت نكهة للكميات الضخمة من الأموال التي تحولت إلى مخاض. فحوالى 900 مليون فرنك سويسري (552 مليون استرليني بأسعار الصرف الحالية) تم صرفها من قبل الفيفا على تنظيم مونديال 2006، بما في ذلك قيمة الجوائز وإعداد مدفوعات الفنادق وتكاليف السفر للفرق المشاركة وإعانة اللجنة المحلية المنظمة لها. والكثير من هذا المبلغ كان يمكن أن يخضع للضريبة في المانيا لو لم تكن هناك ترتيبات ضريبية مؤاتية.

وفي الوقت نفسه، تراكمت لدى الفيفا أكثر من 2.8 بليون فرنك سويسري (1.72 بليون استرليني) في السنوات الأربع التي سبقت البطولة ومن البطولة ذاتها. وتجمع معظم هذا المبلغ من بيع حقوق البث والرعاية وصفقات حقوق الضيافة والترخيص في وقت مبكر، بالإضافة إلى حصة من أرباح اللجنة التنظيمية المحلية من البطولة. والكثير من هذا المبلغ ذهب مباشرة إلى مقر الفيفا في سويسرا خارج نطاق صافي الضرائب الألمانية.

وكم دفع الفيفا لضريبة الدخل المحلية في عام 2006؟ مليون فرنك سويسري (613.500 استرليني) فقط!

وماذا عن انكلترا؟

قد تخجل السلطات في المملكة المتحدة من الحديث عن مطالب الفيفا الآن. ولكن إذا كانت ترغب في الامتثال لهذه المطالب، فسيتعين عليها في نهاية المطاف تغيير قانون الضرائب في المملكة المتحدة. فلماذا لا تتحدث هذه السلطات علناً؟ خصوصاً أن الحكومة البريطانية كانت قد وافقت على هذا النمط من قبل.

فميزانية عام 2006 أعفت الرياضيين والرياضيات من الخارج من خضوعهم للضريبة خلال دورة الألعاب الأولمبية التي ستقام في لندن عام 2012. وأعفيت لجنة لندن المنظمة للألعاب من ضريبة الشركات، وكذلك اعفيت اللجنة الأولمبية الدولية من ضريبة الدخل وضريبة أرباح الرأسمالية. وهذا الإعفاء يغطي المنافسين الأجانب والموظفين أيضاً.

وهناك سطر واحد لا يلفت الانتباه في شرط الميزانية لهذا العام بإعفاء اللاعبين الأجانب والمسؤولين في الفرق المنافسة، التي ستشارك في نهائي دوري أبطال أوروبا لعام 2011 التي ستقام على استاد ويمبلي، من دفع ضريبة الدخل. وهذا كان وعداً قطعته الحكومة البريطانية عام 2008 استجابة لمطالب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

ولكن من يهتم بكل هذا؟

يقول موراي ويلسون، من شركة ديلويت الاستشارية المهنية في كيب تاون، إن آثار تمويل بطولة هذا العام ما زالت تطفو على السطح للمناقشة العادلة قليلاً من قبل المجتمع في جنوب افريقيا. وأشار إلى أن أموال دافعي الضرائب تستخدم في بناء ملاعب جديدة وتحديث أخرى، في حين أن الأرباح المعفاة من الضرائب تذهب إلى حد كبير إلى الفيفا في سويسرا.

وأضاف: quot;ان الحكومة المستضيفة أعطت كامل عائدات الضرائب تقريباً إلى الفيفا الذي من المؤكد أنه سيأخذ حصة الأسد منها. وهناك درجة من الشك في أذهان الكثير من الناس من أن المنظمات العالمية تحاول انتزاع تنازلات واسعة النطاق من الحكومات المستضيفة للبطولاتquot;.