شعر نقاد الصحف الصفراء في ساحل العاج بالفزع عندما حضروا المؤتمر الصحافي الأول للمدرب سفين غوران اريكسون بسبب النقاش الذي دار كله عن كرة القدم، ولم يسأله أحد عن ماضيه النابض بالحيوية، والذي كان يريد أن يدار المؤتمر بهذه الطريقة، على رغم أنه شاهد أداء بعض لاعبيه الـ29 في الفيديو، وعلى رغم أنه لم يجتمع حتى مع ثلث اللاعبين في قائمته الأولية لنهائيات كأس العالم، إذ صرح السويدي (62 عاماً) لوسائل الإعلام في هذا المؤتمر: quot;قبل أن نتحدث عن التكتيكات، اسمحوا لي أن أعمل مع اللاعبين أولاً. سنحاول تطبيق أسلوباً يتناسب معهم لأنني لا يمكنني بتفجير ثورة في بضعة أسابيعquot;.

وتم تعيين اريكسون مدرباً في آذار الماضي بعدما فشل منتخب ساحل العاج في بطولة كأس الأمم الافريقية. وعقد أول دورة تدريبية له يوم الاثنين، قبل 30 يوماً من مواجهة البرتغال في نهائيات كأس العالم، عندما اجتمع مع الفريق في سويسرا (وإن كان من دون اللاعبين ديدييه دروغبا وسالومون كالو وارونا ديندان الذين شاركوا في نهائي كأس الاتحاد الانكليزي).

فهل هذا الوقت يكفي لترك اريكسون أي بصمات واقعية في نهائيات كأس العالم؟ خصوصاً أن الحكمة التقليدية تقترح أن كرة القدم لا تعمل دائماً بهذه الطريقة، كما أظهرت الدنمارك في عام 1992 عندما دعيت لتحل محل يوغوسلافيا في آخر لحظة وقبل أسبوعين فقط من الاستعداد ليورو 92، ولكنها وبقيادة المدرب ريتشارد مولر نيلسن حققت نجاحاً استثنائياً عندما فازت في المباراة النهائية 2- صفر على المانيا.

وعلى رغم أن الوقت المحدد يجعل الأمور صعبة جداً، إلا أن لدى لاعبي ساحل العاج خبرة كبيرة حيث أنهم يتنافسون في أفضل بطولات الدوري الأوروبي ودوري أبطال أوروبا، لذا فهم معتادون على مستوى معين. وكما قال غوس هيدينك الذي رفض تدريب الأفيال بسبب التزاماته مع تركيا: quot;مع لاعبين من هذه الجودة فإنهم يمكن أن يشكلوا أكبر تحدياًquot;.

وفي الواقع، يقول اريكسون إن تشكيلة فريقه، التي تضم كالو وكولو ويايا توري وايمانويل ايبوي وديدييه زوكورا، هي في أعلى الدرجات وتتلقى الثناء الكبير، حتى أن ديدييه دروغبا لديه شعبية كبيرة في وطنه لدرجة أنهم قد سموا الجعة المحلية باسمه نظراً إلى قوتها وشهرتها.

لكن تضاءلت شعبية هداف الدوري الممتاز الانكليزي، خصوصاً منذ أن رأى الكثير من أنصار ساحل العاج أنه لم يقدم الكثير من أداءه لبلده في أنغولا كما يفعل مع ناديه. وقال منتقدوه إن تشلسي كان سعيداً لمشاركة دروغبا في كأس الأمم الافريقية طالما يعود من دون إصابات التي أضعفت كثيراً من أداءه. ولكنهم يعتقدون أيضاً بأنه سيعود إلى مستواه المعهود في جنوب افريقيا.

ومن المفارقات، أنه في بلد مزقته الحرب فإن دروغبا اعتمد على فريق كرة القدم الوطني لتوحيده. وحسبما ورد فإنه حتى أعضاء منتخب الأفيال منقسمون في ما بينهم، إذ سبق أن قال المدرب السابق وحيد خليلوفيتش، الذي اقيل من منصبه بعد هزيمة ساحل العاج في الدور الربع النهائي أمام الجزائر في كأس الأمم الافريقية قبل أربعة أشهر فقط من انطلاق نهائيات كأس العالم: quot;يضم الفريق لاعبين كبار ولكنه ليس فريقاً كبيراً. هناك بعض من أفضل اللاعبين لا يريدون اللعب معاًquot;. فالحصرة على تركه منصبه أو تعليقه هذا كان عادلاً؟ ومن المؤكد أنه يجمع قليلاً الاثنين معاً.

وعلى رغم أن اريكسون لا يعرف الكثير عن هذا الخصام والانقسام ndash; بين خريجي أكاديمية اسبك ابيدجان المشهورة (مثل توري وزوكورا وايبوي وديندان وكالو) وبين بقية اللاعبين، إلا أنه يحاول فعلاً التقريب بينهما، إذ قال: quot;إذا لم نلعب كفريق موحد فإننا لا نستطيع أن نهزم البرازيل. فمن أهدافنا الرئيسية أن نعمل كفريق واحد داخل الملعب وخارجهquot;.

لذا ينبغي أن تكون هناك إعادة لتنظيم خط الدفاع الذي كان مخزياً أمام الجزائر، حيث أن سول بامبا مدافع هيبرنيان الاسكتلندي لم يرتق إلى مستوى شريكه في مركز ظهير الوسط كولو توري، ومعنى هذا إمكانية حشر لاعب ويغان ستيف غوهوري الذي كان غائباً عن كأس الأمم الافريقية، أو ربما عبدالله ميتي.

ولصالح اريكسون ndash; إذا وضعنا قدراته التنظيمية جانباً ndash; هو أن سيرته الذاتية اللامعة يعني أنه ينبغي أن يكون قادراً على كسب احترام اللاعبين له خصوصاً أن الكثير منهم اكتسبوا الخبرة الحيوية في نهائيات كأس العالم لعام 2006، وهو الأمر الذي يبدو أن خليلوفيتش لم يكن يملكه دائماً.

ومع ذلك، ومثل مواطنه لارس لاجرباك مع منتخب نيجيريا (المدرب الأجنبي الـ23 منذ تعيين الانكليزي جون فينش في عام 1946، ولكنه أول مدرب اسكندنافي يعمل مع منتخب النسور)، فإن لاريكسون أقل من شهر لوضع التكتيكات وترسيخها مع مجموعة جديدة مع اللاعبين. وفي حين لدى بعض المدربين الترف في تسمية تشكيلة فرقهم لنهائيات كأس العالم هذا الأسبوع، فإن المباريات الودية لساحل العاج مع باراغواي في 30 الجاري واليابان في 4 حزيران المقبل ستحددان إلى حد كبير ليس فقط لاختيار اللاعبين الـ23 المسافرين إلى جنوب افريقيا، بل حتى من المحتمل التشكيلة الأساسية للأفيال.

واريكسون متحمس جداً للقيام بهذا العمل، ولكن عليه أن يعرف المزيد عن اللاعبين بسرعة كبيرة على رغم أن لديه ذهنية تكتيكية كبيرة، وما زال بعض النقاد يعتبرونه واحداً من أفضل المدربين من جيله.

والكثير من الانكليز سيدخلون في السجال، كما الآلاف من المكسيكيين الذين احتفلوا برحيل السويدي العام الماضي. ومع ذلك، فإنه يمكن النظر إلى نهجه بأنه يمكنه الحصول على النتائج مع جيل ساحل العاج اليائس للخروج من الاختناق. والشيء المثير للاهتمام هو سفره إلى بلدان عدة لمتابعة أداء 15-20 من لاعبي ساحل العاج الذين جميعهم متفقين على أنهم يمكنهم أن يقدموا أداء أفضل في نهائيات كأس العالم.

وعلى رغم المأساة الأنغولية، إلا أن منتخب الأفيال لا يحتاج إلى الكثير لترقيع تشكيلته، حتى مع عدم وجود صانع الألعاب في الوسط التي مازالت تمثل مشكلة بالنسبة إليه.

وكان هناك حديثاً وهم في طريقهم للتأهل إلى نهائيات جنوب افريقيا 2010، بأن الفريق قد يصل إلى المباراة النهائية، ولكن المزاج الحالي بين معظم مؤيدي ساحل العاج هو الاستسلام للكآبة. ولا يستبعد السويدي في قرارة نفسه الاتهامات المدوية ضد أفياله.

شارك اريكسون مرتين في نهائي كأس العالم، ووصل إلى الدور ربع النهائي مرتين. فهل يمكنه أن يحقق خطوة واحدة أفضل على الأقل هذه المرة؟ أم هل سيقامر اتحاد ساحل العاج لكرة القدم إذا جاءت النتائج عكسية في واحدة من أصعب المجموعات على الاطلاق؟