يقوم وفد تفتيش الفيفا حاليا بزيارة إلى قطر لمتابعة مدى اكتمال استعدادها وجدية طلبها استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام ٢٠٢٢.. وأنا بالتأكيد واحد من عرب كثيرين خارج قطر يتمنون تحقق واكتمال الحلم القطرى لتنجح الإمارة الخليجية الصغيرة فى استضافة أكبر حدث رياضى فى العالم.. ولم تبخل قطر بأى جهد أو فكر أو مال من أجل حلمها ومونديالها.. ولكن يبقى سؤال مهم وبالغ الضرورة والحساسية.. وهو: هل يساوى حلم المونديال كل ما ستدفعه قطر من فواتير.. أم أنه سيتحول فى النهاية إلى أكبر إهدار للموارد فى التاريخ حتى لو فازت قطر باستضافة المونديال؟..

فلم تعد هناك حدود للمال الذى تضخه قطر للفوز بالمونديال.. إنفاق مقلق ومثير لم تشهد مثله من قبل ساحات الرياضة أو أى ساحات أخرى غيرها.. إنفاق هائل استعرضته الصحافة الأمريكية والأوروبية وهى تتحدث عن التجربة القطرية المتمثلة فى بناء تسعة استادات ضخمة ستبلغ تكلفتها ٤ مليارات دولار كلها مزودة بأحدث أجهزة الجيل الثانى من أجهزة التبريد التى ستسمح بالهواء البارد فى الملعب والمدرجات المكشوفة أيضا..

قطر على استعداد أيضا لإنفاق ٤٢ مليار دولار أخرى لبناء مطار دولى جديد ومترو أنفاق مكيف يصل بين ملاعب الكرة التسعة.. أما الذى لم يحدده أحد لا فى الصحافة العالمية أو غيرها فهو كم الهدايا التى ستقدمها قطر لأصحاب الأصوات والاختيار وهم أربعة وعشرون عضوا باللجنة التنفيذية بالفيفا بزعامة رئيسها بلاتر..

ولأننى لست صحفيا إنجليزيا أو أمريكيا يكتب تحقيقا أو سلسلة مقالات عن إمارة خليجية تنفق كل هذا المال من أجل المونديال.. وإنما أنظر إلى قطر طول الوقت كدولة عربية مفترض أنها جزء منى، وهى بقوتها وأموالها وإمكاناتها جزء من الأمن القومى لبلدى.. وبهذا المنطق.. أطرح سؤالى الذى أعرف أنه سيثير غضب القطريين والمصريين العاملين فى قطر، وقد لا يسعد به إلا زملائى فى الصحافة القومية المطلوب منهم طول الوقت مهاجمة قطر والسخرية منها بسبب قناة الجزيرة..

وسؤالى هو: ما العائد الحقيقى الذى ستجنيه قطر من استضافة المونديال وإنفاق كل هذا المال.. هل هى الدعاية الضخمة للدولة الصغيرة والعنيدة.. هل هو تنشيط سياحة العالم إلى قطر.. هل هو مجرد استعراض للثروة.. وللقوة والمكانة اللتين يأتى بهما المال وليس السلاح.. وهل تأملت قطر قبل كل ذلك تجربة جنوب أفريقيا فى المونديال الماضى التى أثبتت زيف حكاية الدعاية والمكانة الإعلامية عبر بطولات الكرة بالنسبة لدول العالم الثالث، وتبين أنها دعاية زائفة ومؤقتة وقصيرة العمر؟..

ثم إننى أسأل الجميع: هل هو استثمار صالح للمستقبل أن أبنى تسعة ملاعب ضخمة فى مدينة عدد سكانها من المواطنين والغرباء لا يتجاوز المليون وثلاثمائة ألف نسمة.. وما نفع هذه الملاعب بعد انتهاء المونديال أكثر من استضافة مباريات الدورى القطرى الذى لا يحظى بأى نسبة مشاهدة خارج قطر على الرغم من كل النجوم والجهود وجائزة مالية للبطل كل سنة تبلغ سبعة ملايين دولار..

وهل يحتاج القطريون بالفعل إلى مطار دولى ضخم أو لمترو أنفاق مكيف لا تعرف مثله مدن أوروبا أو الولايات المتحدة.. وهل درس علماء الاجتماع فى قطر تأثير القرار الرسمى بالسماح بتناول الخمور علنا فى الدوحة وارتداء المايوهات فى أى مكان طيلة فترة المونديال على التركيبة الاجتماعية والثقافية والأخلاقية فى إمارة خليجية..

هل كل ذلك مسموح ومقبول ومفهوم أم أنه استنزاف موارد وتضييع حقوق وثروات أجيال جديدة فى قطر؟.. وعلى الرغم من كل ذلك.. أتمنى أن أكون مخطئا وأن تنجح قطر فى تحقيق حلمها وامتلاك مونديالها.


جريدة المصري اليوم المصرية