واحدة من الأشياء الرائعة التي يتم مراقبتها في كرة قدم أميركا الجنوبية هي فرصة مشاهدة ازدهار المواهب الشابة. ولكن في الكثير من الأحيان تتوقف العملية قبل الأوان عندما يتم بيع اللاعب الموهوب إلى أندية أوروبية في مرحلة خطيرة من وقت مبكر لحياته المهنية.

هذا ما حدث لماركوس روخو عندما تألق بصورة مثيرة للاهتمام في النصف الثاني من عام 2010 عندما فاز ناديه استوديانتيس ببطولة الأرجنتين، ويمكن أن يكون المثال لظهير الأيسر المهاجم الذي يبحث عنه منتخبه الوطني. على رغم أن بعض المراقبين يحاول استخلاص بعض الاستنتاجات من كأس ليبرتادوريس ndash; دوري أبطال أندية أميركا الجنوبية ndash; التي ستنطلق في غضون بضعة أسابيع، خصوصاً أن روخو سوف لن يشارك فيها لأنه تم بيعه إلى سبارتاك موسكو.

وفي كولومبيا، هناك فرناندو أوريبي، قلب الهجوم البارز في ونس كالدس الذي فاز بالدوري الكولومبي مؤخراً بإدارة مساعد المدير الفني السابق في مانشستر سيتي خوان كارلوس اوسوريو. وأنهى أوريبي موسمه وهو في قمة تألقه، خصوصاً توقيته الرائع بتخطي دفاع الخصم. ولكن هل يمكن أن ينمي هذا التألق في كأس ليبرتادوريس هذا العام؟ الأمر لا يبدو كذلك، لأنه على وشك الانضمام إلى كييفو الايطالي.

وتأخذ كرة القدم الأوروبية دائماً، ولكنها يمكن أن تعطي أيضاً، بعض من هؤلاء اللاعبين الذي يكافح بعد انتقاله إلى أوروبا في وقت مبكر يعود عبر المحيط الأطلسي لإستعادة الزخم.

ومن الأمثلة الرائعة على ذلك هو لويس انجيلو بينا، الأكثر موهبة من لاعبي منتخب فنزويلا الذي شارك في نهائيات كأس العالم للشباب عام 2009، لأنه يبدو أنه كان عاقداً العزم للانضمام إلى كراكاس بعد فشله في مشاركته أساسياً بصورة منتظمة مع براغا البرتغالي.

ولا يعني أن بينا، لاعب خط الوسط المهاجم، هو صانع الألعاب الوحيد في أميركا الجنوبية الذي وجد صعوبة في ارساء قدميه في أوروبا. وهذا يقودنا إلى اللاعب الذي ستتم مراقبة تقدمه عن كثب أكثر في 2011، باولو هنريكي غانسو، لاعب سانتوس ومنتخب البرازيل.

ويعتبر غانس، طويل القامة وأنيق وأعسر ويرتدي القميص الرقم الـ10، الخيار التلقائي لمنتخب البرازيل بعد مشاركته معه في مباراة واحدة فقط، حتى أن بعضهم وصفه على أنه أعظم لاعب في العالم في مركزه، إلا أن الآخرين وجدوا أن هذا التأكيد مثير للقلق قليلاً، على رغم أنهم لا يشكون بمثل هذا التصريح، فللاعب مواهب طبيعية، فهو قوي في مركزه مع رؤية حذقة لتمريرات قاتلة ويملك براعة فنية.

وتحدث نيمار، زميله في النادي، عن غانسو بإعتبار الأعسر quot;زيدان جديدquot;، ولكنه بحاجة إلى بعض السياق قبل أن تبدأ وسائل الإعلام العالمية بالحديث عنه بشكل مكثف.

وعلى رغم أن هناك رأياً مفاده أن كرة القدم البرازيلية المعاصرة متخمة بصانعي الألعاب، إلا أن البلاد عانت في الآونة الأخيرة من انتاج لاعب خط وسط مهاجم في اللعبة الجماعية الذي يستطيع من فرض ايقاعاته ويدعم زملاءه في الفريق اللعب بالتمريرات الملهمة.

وفي غضون ذلك، لفت عدد من اللاعبين المستوردين في السنوات الأخيرة الانتباه. ففي بطولة البرازيل 2009، صانع الألعاب الصربي ديان بيتكوفيتش (37 عاماً) كان لاعباً حاسماً. إلا أنه في ذروته لم يكن له تأثيراً كبيراً في بطولات الدوري الأوروبية الكبرى، ولكن ذكاءه وجودته كانتا مفتاح فوز فلامنغو باللقب البرازيلي.

وفي العام الماضي كانت هناك قصة مماثلة مع الأرجنتيني داريو كونكا في فلوميننسي. فصانع الألعاب فشل في وطنه ولكنه تألق في تشيلي والآن في البرازيل. وكانت للاعب خط وسط أرجنتيني آخر، والتر مونتيلو، سيرة مماثلة لكونكا، حيث أن حملته كانت رائعة مع كروزيرو.

وبالكاد يمكن لمثل قصص النجاح هذه أن تحصل بطريقة الصدفة. وبدلاً من ذلك فيبدو أنها تتم بتطبيق الشروط التالية:
مع تراجع خط الدفاع إلى العمق، فإنه سيكون لصانع الألعاب وقتاً لاختيار تمريراته. والمعايير التي يطبقها الحكام في البرازيل تعطيه الكثير من الحماية، وهو محاط بخيارات مثيرة للإهتمام. على سبيل المثال يستطيع تمرير الكرة إلى الظهير المهاجم التي تتخصص به الكرة البرازيلية.

وأبدى بعض النقاد قلقهم من حقيقة أنه، حتى الآن، هي أن القاعدة الذي يجري وضع غانسو عليها مبنية من مواد واهية إلى حد ما، الذي كان يتطلع إلى آفاق مستقبلية في بطولة البرازيل لعام 2009 على رغم أنه وجد صعوبة في فرض نفسه على أساس ثابت في نهائيات كأس العالم للشباب في السنة ذاتها. وسمعته توقفت على مستواه في الأشهر القليلة الأولى من العام الماضي عندما فاز سانتوس بلقبين.

وفي الواقع كان غانسو رائعاً، ولكن في مسابقات ضعيفة. فمن كل بطولات ولايات البرازيل الـ27، فإن بطولة ولاية ساو باولو هي الأفضل، إلا أن هذا لا يجعلها جيدة للغاية. وهناك اجماع متزايد على أن هناك فوضى لا داعي لها في تقويم الكرة البرازيية. وبطولة كأس البرازيل هي أساساً جائزة ترضية للأندية التي لم تتأهل إلى بطولة ليبرتادوريس.

وكان من الممكن جعل البطولة الوطنية للعام الماضي انتقال غانسو من الوعود إلى الحقيقة، كما حدث مع نيمار. ولكن اصابته في الركبة أبعدته عن الملاعب. وعاد هذا العام ليجد أن الاختبار سيكون أشد من ذلك بكثير.

أولاً، لأن هناك كأس ليبرتادوريس، حيث، إذا كان المستوى الفني ليس جيداً دائماً، إلا أنه سيتم تحديد ألغاز تكتيكية جديدة، ومراقبته ستكون متينة أكثر. ثم في تموز عندما تنطلق بطولة كأس أميركا الجنوبية، فإنها ستكون المنافسة الأولى له مع منتخب بلاده الأول.

وعلى رغم أن النقاد متفائلون بأن باولو هنريكي غانسو يمكنه من مواجهة هذه التحديات، إلا أنه بينما هو يستعد لها وفي الوقت المناسب للانتقال إلى أوروبا، فإنهم يأملون أن يكون مستعداً ذهنياً لحقيقة أن الحاجز سيكون مستمراً في الارتفاع.ولم تكن هذه دائماً الحال مع المواهب الشابة في البرازيل التي أشيد بالكثير منها قبل وقت مبكر جداً من تألقهم.

والحالة الأكثر وضوحاً كانت مع دنيلسون، الجناح الأيسر الذي أصبح أغلى لاعب في العالم عندما انضم إلى ريال بيتيس في عام 1998. فقد كان سريعاً وقوياً وماهراً في المراوغة الضيقة وقدرته على تسجيل الأهداف. ولكن الجناح لم يكن متهيئاً بكل وضوح لدرجة الصعوبات التي ستواجهه، وخرج من مساره ولم يقترب أبداً من تحقيق إمكاناته واثباتها.لذا سيكون رائعاً إذا تمكن غانسو من شق طريقه للتغلب على فخ الثناء المحتمل السابق لأوانه.