يطرح تعيين زين الدين زيدان لتمثيل ترشيح دولة قطر لاحتضان كأس العالم لسنة 2022 أمام دول لها حظوظ وافرة في احتضان هذه الظاهرة الرياضية الكبرى، يطرح تساؤلات عدة. وفيما وجهت صحيفة فرنسية انتقادات لاذعة لنجم الكرة الفرنسية، يستبعد معرفة موقف زيدان حول الملف إذ هو مشهور باعتماده قاعدة quot;الصمت من ذهبquot;.


يعتبر زين الدين زيدان أكبر نجم في كرة القدم عرفته الملاعب الفرنسية حتى اليوم. اللاعب الجزائري الأصل، الذي يظل أحد الرموز الرياضية المدللة في فرنسا، لم يبهر الفرنسيين فقط، وإنما جذب انتباه عشاق الكرة عبر العالم، ما أتاح له معانقة جماهير أندية كبرى خارج بلده، كان آخرها نادي ريال مدريد.

لكنَ المراقبين الرياضيين في فرنسا يجمعون على أن زيزو quot;شخصية ملغزةquot;، نسبة إلى اللغز الذي لم يتح بعد للفرنسيين معرفته، يعاب عليه أنه بعيدا عن الملاعب هو إنسان مهادن، لم يصدر منه يوما كلاما أثار نقاشا خاصا في وسائل الإعلام الفرنسية، ويفضل أن يبقى كذلك حتى عندما يتعلق الأمر بقضايا قريبة منه.

فزيدان الذي ينحدر من حي شعبي، لا ينخرط في السجالات الكبرى التي تهم شريحة واسعة ينتمي إليها. فعند اندلاع أعمال الشغب في الضواحي الفرنسية، التي تقطنها نسبة عالية من الفرنسيين ذوي الأصول المغاربية والمهاجرون، أو لما انفجر الجدل الساخن حول الهوية الوطنية في فرنسا، لم يسمع صوته، على خلاف زميله في المنتخب الفرنسي وليام تورام الذي حضر بقوة في هذه الأحداث.

زيدان.. وقاعدة quot;الصمت من ذهبquot;

أسلوب زيدان في التعاطي مع محيطه استفز زميله في منتخب الزرق إيمانويل بوتي، الذي هاجمه في كتابه بالقول quot;لا يمكن أن نزعم أننا نساعد المحتاجين، وفي الوقت نفسهنخدم قضايا كبار أرباب العمل الذين يجنون أرباحا قياسية دون إعادة توزيعهاquot;، وهو كلام قاس، أول ما يعنيه أن مدلل جماهير الكرة الفرنسية تحالف مع الأغنياء وأدار ظهره إلى الشريحة التي تربى في أحضانها.

ويرى المراقبون أن زيدان يحفظ عن ظهر قلب مقولة quot;الصمت من ذهبquot;، ويطبقها بحذافيرها في تواصله مع الصحافة،بل أن المقولة، يضيف المراقبون ،quot;أصبحت قاعدة عند كبار الأبطال. فكلامهم مراقب من طرف وكلاء شخصيين يسهرون على الرفع من ثرواتهم وملحقين صحافيين اكتسحوا الساحة في السنوات الأخيرةquot;.

زيدان أحبته الجماهير دون أن تحاسبه

يذكر المراقبون أن زيدان، الذي يسوق عنه صورة لطيفة لا تؤذي أي جهة خارج الميادين، حصد 14 ورقة حمراء في مساره الكروي الإحترافي، وكانت آخرها تلك التي حصل عليها في نهائي كأس العالم 2006 عندما وجه ضربة رأسية للاعب الإيطالي ماركو طيرازي، والتي ودع على إثرها الملاعب الرياضية بصفة نهائية.

لم يلاق quot;زيزوquot; النقد الذي لاقاه تيري هنري صاحب لمسة اليد الشهيرة التي أهلت فرنسا إلى مونديال جنوب إفريقيا. وقد عجز المتتبعون لشؤون الكرة عن تفسير هذا التعاطف مع زين الدين زيدان رغم اقترافه لهفوة لا تغتفر، كانت من أسباب تضييع لاعبي دومنيك الفوز بكأس العالم، وبالتالي يخلص موقع quot;سالط.إف إرquot; إلى أن quot;زيزوquot; لم يؤد ثمن فاتورة خطأ فادح في هذه المنافسة.

كما أن قد استثمر لاعب خط الوسط الهجومي السابق كثيرا في هذه الصورة، ولم يتردد أحد الصحافيين يوما في اعتباره أنه لا يتحرك إلا بوازع المال، وأنه من الشخصيات الرياضية القليلة التي تحتفظ بعقودها الإعلانية مع كبريات الشركات العالمية رغم مغادرته ملاعب الكرة بصفة نهائية، لأن هذه الشركات على وعي بنوعية العلاقة التي تربطه بجماهير الكرة.

لماذا عينت قطر زيدان سفيرا لترشيحها؟

السؤال الذي طرحته إحدى الصحف الفرنسية الإلكترونية مؤخرا، كان عن سبب اختيار هذا اللاعب الكبير لتمثيل ترشيح قطر لاحتضان كأس العالم لسنة 2022، أمام دول لها حظوظ وافرة في احتضان هذه الظاهرة الرياضية الكبرى وهي: الولايات المتحدة الأميركية،أستراليا، اليابان وكوريا الجنوبية؟. وكما هو معلوم فالكأس المقبلة ستنظم بالبرازيل، فيما من المرتقب جدا أن تعود إلى إحدى الدول الأوروبية عام 2018.

هذه الصحيفة جزمت على أن انخراط زيدان في هذه الحملة القطرية لأجل تنظيم كأس العالم في قطر quot;بالخسارة المعلنةquot;، يعود لتصريحات رئيس لجنة التفتيش التابعة للفيفا التي زارت قطر خلال شهر أيلول- سبتمبر الماضي، وحملت مضامين سلبية عن الترشيح القطري، حيث اعتبرت أنه يحمل الكثير من quot;المعوقاتquot;.

وإن كانت هذه اللجنة تحدثت، على لسان رئيسها، عن كون الملف القطري quot;متماسكquot;، و يحمل وعود مطمئنة، كما أنه أتى بالجديد تكنولوجيا، حيث تعهد البلد المرشح بتكييف جميع الملاعب التي تدور فيها المباريات، إلا أنه، بحسب اللجنة، بلد صغير لا يتعدى سكانه المليون نسمة، ولم يسبق أن نظمت هذه التظاهرة في بلد من هذا الحجم إلا لمرة واحدة بالأورغواي سنة 1930.

وكانت قد خاضت مبارايات كاس العالم في الأوروغواي 10 فرق فقط بملعبين لا غير، فيما يتنافس اليوم من أجل الفوز بالمونديال 32 فريقا، ويحضرها 80 ألف معتمد باختصاصات متعددة، فضلا عن عشرات الآلاف من الجماهير. وقطر، برأي اللجنة لا تتوفر على وسائل النقل الكافية و الفنادق، بالإضافة إلى درجة الحرارة المرتفعة جدا.

وأضافت المصادر نفسها أن زيدان لم يكن مخيرا في الدخول مع قطر في هذه المغامرة المتعبة، كما تفسر هذه الصحيفة أن ما يجمعه مع شركة quot;قطر تلكومquot;، صاحبة شركة quot;نجمة للهاتف الجوالquot; بالجزائر، عقد يمتد إلى حدود سنة 2012، والأموال المحصلة عنه، لا تصل فرنسا بالمرة، بل تذهب مباشرة إلى مؤسسة تعنى بالشباب، يشرف على تسييرها والده.

وتختم هذه الصحيفة تقريرها بعبارة قاسية في حق نجم الكرة الفرنسية، حيث تكتب quot;في قطر كل شيء يشترى: زيدان،صحافيون،جمهورquot;، في إشارة للكرم الذي تتعامل به الدوحة مع وسائل الإعلام عند استقبالها للتظاهرات الكبرى، كما أنها لا تردد في شراء ود الجماهير للملاعب بهدف شغل مدرجاتها، كما أنها تعتبر فردوس اللاعبين المحترفين المقبلين على التقاعد.