الإنجاز القاري الهامالذي حققه كل من نادي الترجي الرياضيالتونسي بتتويجه بلقب دوري أبطال أفريقيا ، ونادي المغرب الفاسي بظفره بلقب كأس الكنفدرالية الإفريقيةيحسبان أكثر للمدرب الوطني الأفريقي من خلال التونسي نبيل معلول والمغربي رشيد الطوسي اللذين كسرا القاعدة المعمول بها من قبل جل الأندية الأفريقية ومن ضمنها العربية ، والقائمة على تفضيل المدرب الأجنبي عن نظيره المحلي ، قاعدة تزداد تشددا عند مشاركتها في المسابقات الخارجية ، حيث ترى بأن المدرب الأجنبي خصوصا ذو الجنسية الأوروبية أجدر وأقدر على المنافسة على لقبها ، خاصة بعد الانجازات التاريخية التي سجلتها عدة أندية افريقية تحت إمرة مدربين أجانب في بطولة دوري الأبطال على غرار النادي الأهلي المصري مع مدربه البرتغالي مانويل جوزيه الذي فاز باللقب أربع مرات ، والنادي الإفريقي التونسي مع الروماني ايلي بالاتشي ،والرجاء البيضاوي مع البوسني وحيد خاليلوزيتش والأرجنتيني اوسكار فيلوني، ونادي مازيمبي الكونغولي مع الفرانكو ايطالي قارزيتو، وأسماء أخرى جعلت مكانة المدربين المحليين الأفارقة في الحضيض لدرجة التشكيك في مؤهلاتهم الفنية ، غير أن معلول و الطوسي شكلا الاستثناء الذي قد يكون بداية تحوله إلى قاعدة في القارة السمراءخاصة أن تتويجالترجيبهذه البطولة جاء بعد صيام دام 17 سنة ظلت خلالها إدارة الترجي تتعامل مع المدربين الأجانبولم تستنجد بالمحليين إلا لحالة الطوارئ ، كما أن تتويج الترجي جاء على حساب فريق الوداد البيضاوي المغربي الذي كان يشرف على تدريبه السويسري ميشال دوكاستيل، أما الطوسي فقد قاد المغرب الفاسي لإنجاز تاريخي للمرة الأولى ، وتأكدت عودة الأطر المحلية في إفريقيا أكثرمن طرف المدرب الغابوني كلود برنارد مبورورو الذي قاد منتخب بلاده إلى نيل بطولة أمم أفريقيا لأقل من 23 سنة على حساب المنتخب المغربي بقيادة المدرب الهولندي الخبير والشهير بيم فيربيك الذي ظهر في المباراة النهائية عاجزا أمام حنكة برنارد.

ولم يكن اختيار الاتحاد الإفريقي للفني التونسي معلول ليكون ضمن اللائحة النهائية للمرشحين لجوائزه السنوية سوى اعتراف من هيئة عيسى حياتو بقيمة المدرب المحلي وقدراته التقنية في قارة تعج بالأجانب.

وأكد الثنائي العربي الأفريقي معلول والطوسي أن المدرب الوطني يبقى رقما هاما في المعادلة وأهميته ومكانته لا تقلان عن نظيره الأجنبي إذاما وضعت فيه نفس الثقة ولقي التأييد والدعم من قبل مختلف الجهات المعنية سواء رؤساء الأندية أو اللاعبين فضلا عن الإعلام الذي يلعب دورا محوريا فيهذه المسالة التي لا تزال تثير جدلا واسعا في القارة السمراء حول أيهما أفضل للتدريب الأندية وحتى المنتخبات الوطنية ، حيث يتعمد في كثير من الأحيان إلى تقزيم انجازات التقنيين المحليين ويعتبرها مجرد مفاجأة قد لا تكرر حتى في نفس الظروف والمعطيات مقابل تمجيده للخواجات الأجانب ويعتبرهم مرادفا للبطولات ويدافع عن إخفاقاتهم التي يعدها مجرد زلة لا يمكن تكرارها ، شأنه في ذلك شأن الجمهور الذي يحتفظ في ذاكرته فقط بأسماء الأجانب. ولأن إدارة أي ناد في أفريقيا تخضع في قراراتها إلى تأثير الإعلام والجمهور فإنها تصبح مضطرة إلى الرضوخ لرغباتهما و لو على حساب مصلحة النادي والكرة الوطنية.

ومع كل إنجاز يحققه الإطار المحلي يعود الجدل حول الأفضللقيادة الأندية والمنتخبات الوطنية في أفريقيا الأجنبي أم المحلي ، إذ لكل جانب من يدافع عنه وينتقد الجانب الآخر، مستخدما حججا وأدلة فنية وغير فنية. فنبيل معلول أكد بأن التقني التونسي قادر على الإشراف على ناد بحجم وتاريخ الترجي عكس ما يدعيه المدافعون عن الأجنبي الذين يرون بأن المدرب المحلي لا يمكنه السيطرة على فريق متخم بالنجوم لأنه يخضع للعامل العاطفي في تعامله مع أبناء جلدته ، وهو يحتاج إلى مدرب أجنبي صارم ولا يميز بين اللاعبين لأنه سواسية أمامه.

وقاد معلولفريقه الترجي إلى مسيرة دامت قرابة ثلاثين مباراة لم يتعرض فيها الفريق لأي خسارة قبل أن ينهيها بالتتويج بثلاثية تاريخية دوري وكأس محليين ودوري الأبطال في ظروف سياسية صعبة مرت بها تونس ، ليقطع بذلك دابر المتطرفين من أنصار الطرح الأجنبي المنبهرين بذوي البشرة البيضاء.

ولم يكن الطوسي أٌقل شأنا من نظيره التونسي رغم أ،ه يفتقد للخبرة في مثل هذه البطولات الدولية ، فبتعداد بشري يغلب عليه طابع الشباب وبإمكانيات مادية متواضعة تمكن من الوقوف أمام القوىمن عمالقة إفريقيا ، ليبرهن لرؤساء الأندية المغربيةأن المغرب يتوفر على خامات تغنيهم عن اللجوء إلى أوروبا أو أمريكا الجنوبية للبحث عمن يتولى الإشراف التقني عليها ، لو عرفوا كيف يوظفونها خاصة آن الانجاز يأتي بعد الانجاز الذي حققه مواطنه حسين عموتة مع نادي الفتح ألرباطي.

كما توج الطوسي بكأس المغرببعد فوزه على النادي المكناسي مساء السبت ليكون ثاني غنجاز يحققه في أقل من شهر.

ويرى المؤيدون للمدرب الوطني أن الأخير يبقى أفضل خيار للأندية الأفريقية لاعتبارات عديدة بداية بكونه يعرف جيدا خبايا وأسرار الكرة في بلده وقارته ومثلما يقول المثل أهل مكة أدرى بشعابها ، كما انه لا يكلف خزينة ناديه الكثير ما دام أن راتبه الشهري والامتيازات المادية والعينية التي ينالها تقل بكثير عن تلك التي يجنيها الأجنبي.

وبالتأكيد فإن نهائيات كأس أمم أفريقيا القادمة التي ستقام مطلع العام المقبل في الغابون وغينيا الاستوائية ستكون مسرحا للصراع بين المدرب الوطنب والأجنبي وأيهما أجدر بخلافة المعلم الإفريقيمدرب منتخب مصر حسن شحاتة الذي تربع على عرش القارة منذ العام 2006.