جاء تعاقد النادي الإفريقي التونسي مع المدرب الجزائري عبد الحق بن شيخة في ظروف استثنائية صعبة يمر بها الطرفين معا ، فكلاهما يعانيان منمرحلة فراغ أتت بعد مرحلة من التألق ، فالإفريقي صائم عن الألقاب المحلية و الخارجية منذ العام 2008 عندما كان يشرف على تدريبه بن شيخة نفسه ، حيث توج آنذاك ببطولة الدوري التونسي بعد 11 سنة من الإخفاقات المتتالية و توج أيضا بكأس أبطال شمال إفريقيا ، غير انه منذ ذاك الوقت أفل نجمه في وقت يعيش غريمه الترجي الرياضي أزهى أيامه محلياً و قارياً ، فالإفريقيخسر نهائي كأس الكنفدرالية الإفريقية أمام المغرب الفاسي المغربي.

وأصبح الإفريقي منذ مغادرة بن شيخة يخرج مبكرا من المنافسة على الدوري التونسي ويترك المبادرة لأندية الترجي والنجم و آخرون، رغم أن إدارته تعاقدت مع عدة تقنيين محليين و أجانب دون أن يتمكنوا من إعادته إلى السكة الصحيحة.

أما بن شيخة فقد سجل هو الآخر نتائج سلبية منذ عودته من تونس ، فمع المنتخب الوطني كانت تجربته فاشلة بعدما اعتبر المسئول الرئيسي عن إقصاء الجزائر من نهائيات كاس أمم إفريقيا 2012 بعد خسارتين ضد جمهورية إفريقيا الوسطى والمغرب برباعية مدوية في مراكش أجبرته على تقديم استقالته .

كما فشل في التتويج ببطولة أمم إفريقيا الخاصة باللاعبين المحليين التي جرت وقائعها بالسودان بعدما اكتفى ببلوغ الدور النصف النهائي الذي خسره من تونس.

وحاول بعدهابعث مشواره مع نادي مولودية الجزائر لكن تجربته كانت فاشلة خاصة الهزيمة القاسية التي تعرض لها أمام الوداد البيضاوي في مسابقة دوري إبطال إفريقيا برباعية أيضا ،ومن وقتها أصبح بن شيخة الذي عرف باسم الجنرال الذي يعطي الأوامرأصبح بعدها ينعت من قبل الجماهير الجزائرية باسم العريف الذي يتلقى الأوامر.

ورغم تلقيه عدة عروض مغرية من الناحية المادية إلا أن بن شيخة رفضها لأنه أدرك بان لعنة الفشل قد تستمر في مطاردته و تؤثر سلبا على سيرته الذاتية ، فاختار الابتعاد و لو مؤقتا قبل أن يأتيه العرض التونسيعقب إخفاق الإفريقي في نهائي الكنفدرالية ، فلم يتردد بن شيخة في قبوله على أمل أن يستعيد في تونس الخضراء بريقه الذي فقده في بلد المليون شهيد ويستعيد معه رتبة الجنرال رغم صعوبة المهمة التي تنتظره.

فالجنرال يعرف جيدا أن الظروف الفنية و غير الفنية المتاحة أمامه في النادي الإفريقي تخدمه وستساعده على رفع التحدي ، ذلك أن الفعاليات التي تشكل النادي كلها تقف صفا واحدا تساند بن شيخة في مهمة صعبة لكنها ليست مستحلية هدفها الوقوف في وجه الغريم ، فالإدارة وخاصة الرئيس منحته صلاحيات فنية كاملة دون التدخل في شؤونه ، فإمكانه إشراك التشكيل الأساسي الذي يراه مناسبا ، أما اللاعبين و المحبين فان الود بينهم و بين الجنرال كبيروهو ما تجلى اثر وفاة والدة بن شيخة عام 2009 قبل ساعات عن مواجهة الترجي في دربي تونسحيث لقي مواساة كبيرة من قبل الجمهور، و هي الظروف التي لم يجدها في الجزائر لا مع الخضر ولا مع المولودية حيث كان هناك دوما جهة على الأقل تعارض التعاقد معه و تعمل كل ما بوسعها لإفشال مهمته ، سواء من قبل الصحافة أو الجمهور ، فمرة ينتقد بسبب مزجه بين منصبي في أن واحد كمدرب للمنتخبين الأول و الرديف ، ومرة ينتقد لأنه استدعى هذا اللاعب أو استغنى عن آخر ، المهم أن هذه الجهات لم ترتاح إلا هو يستقيل من منصبه.

وحسب تصريحات بن شيخة فان عمله مع الإفريقي سينطلق تقريبا من الصفر لان النادي يحتاج إلى ثورة سيقوم بها ، ثورة ستمس الجهاز الفني و الطبي الذي سيعمل تحت إمرته في المرحلة المقبلة ، وتمس أيضا التركيبة البشرية للفريق حيث أكد بأنه سيمنح الأفضلية للعناصر الشابة و الكوادر.

وبدا واضحا بان سير المفاوضات بين إدارة الإفريقي و الفني الجزائري تركزت إحدى محاورها عن أسباب الفشل و عن طرق العلاج ، و تأكد بان بن شيخة اقتنع و اقنع المسئولين في الإفريقي بان الأخير يتوفر على كافة شروط المنافسة على الأدوار الطلائعية في شتى البطولات التي يشارك فيها ، غير أن استعجال النتائج من قبل الإدارة دفع بالمدربين إلى الاعتماد على الحلول الاستعجالية التي تقوم على سياسة الترقيع التي تصيب مرة و تخيب مرات ، وتمكن من إقناع الجميع بان الصبر عليه و على الفريق هو مفتاح الخروج من النفق المظلم تماما مثلما كان الأمر في الموسم 2007-2008 ، فرغم قوة النجم الساحلي و النادي الصفاقصي آنذاك و بدرجة اقل الترجي إلا أن الإفريقي خرج في الأخير منتصرا على الجميع دون أن يرشحه احد .

ويريد بن شيخة استغلال معطيات أخرى تخدمه يرغب في توظيفها لصالحه و لمصلحة ناديه ، و تتمثل في العامل النفسي فتجاربه الخارجية كللت بالنجاح في تونس مع الأفريقي أو قبلها مع نادي جرجيس المتواضع ، أو في قطر مع نادي أم صلال الذي صعد به إلى قسم النخبة. كما أن انشغال الترجي بالمنافسة القارية التي يحمل تاجها قد يرهق لاعبيه مما يخدم الإفريقي الذي سيركز هذا العام فقط على المنافسة المحلية بعدما حل الموسم المنصرم رابعا في الترتيب العام النهائي ، و أكثر من ذلك فان البداية المتواضعة لزملاء التشادي ايزيشال في الدوري المحلي لا تفرض عليهم المراهنة على البطولة بل سيكتفون باللعب على لقب الوصيف و التركيز على تكوين فريق للمستقبل و هو ما يخفف الضغط النفسي على بن شيخة و على اشباله، و استغلال الظروف التي قد تخدمه في حال تكررت تعثرات بقية المنافسين.