مشاهد من مذبحة بورسعيد الكروية

برز توقف النشاط الرياضي في مصر باعتباره القضية الأهم على الساحة الرياضية خلال الأشهر القليلة الماضية نظراً للتداعيات المرتبطة به على مختلف الأصعدة والمستويات.

وجاء ذلك التوقف منذ الأحداث الدامية التي شهدها إستاد بورسعيد مطلع العام الجاري عقب انتهاء مباراة ناديي المصري والأهلي ضمن منافسات الدوري الممتاز ليكشف عن كثير من الأمور ويفتح كثير من الملفات ويفضح كثير من السلبيات.

ورغم المحاولات التي استمات البعض في القيام بها، خاصة من جانب بعض رجال الإعلام، بعد مرور فترة الأربعين على تلك الأحداث المأساوية التي راح ضحيتها ما يقرب من 74 مشجع أهلاوي، من أجل إعادة النشاط مرة أخرى، إلا أنهم لم يفلحوا في تحريك الأمور بالشكل الذي كانوا يتمنوه، خاصة وأن دماء الشهداء كانت لا تزال تجري في أرضية ملعب بورسعيد، وبكاء ذويهم لم ينقطع، وأنينهم على فقدانهم مستمر.

الكارثة وإن مر عليها أكثر من 6 أشهر، إلا أنها لا تزال محفورة في أذهان كثيرين، خاصة أهالي وأقارب الضحايا، الذين يعيشون الآن على أمل استرداد حقهم من خلال القصاص.

لكن الأيام القليلة الماضية بدأت تشهد تسارعاً في الخطوات التي تمهد لبداية عودة النشاط الكروي، ومعها إعادة الحياة لملاعب الكرة، التي قضت فترة صمت طويلة، أثرت فنياً على أداء المنتخبين الأول في مشوار التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس الأمم الإفريقية عام 2013 وكذلك الأوليمبي الذي لم يكمل مشواره الطموح في أولمبياد لندن.

وزير الرياضة الجديد العامري فاروق

وفي هذا السياق، خرج مؤخراً وزير الرياضة الجديد، العامري فاروق، ليقول في تصريحات تلفزيونية إنه مكلف من قبل الرئيس محمد مرسي بعودة النشاط بمختلف مسابقاته، وذلك من منطلق أن عودة النشاط قضية قومية. وأشار أيضاً إلى أنه يُحَكِّم ضميره فيما يقوم به، ويعمل لصالح الرياضة المصرية من أجل النهوض بها لصالح البلد.

وفي هذا الإطار، عقد العامري جلسة مطولة مساء الأربعاء الماضي مع وزير الداخلية الجديد، اللواء أحمد جمال الدين، لبحث إمكانية عودة النشاط الكروي في مصر مرة أخرى، بعد الحادثة الكارثية التي وقعت في إستاد بورسعيد مطلع العام الجاري.

واتفق كلا الوزيرين على تشكيل لجنة تضم أعضاءً من كلا الوزارتين، على أن تبدأ في ممارسة مهام عملها على الفور، وأن تعاين الملاعب كي تختار الأنسب والأصلح منها، تنفيذاً من جانبها للاشتراطات الأمنية التي سبق وأن حددتها النيابة في قرار إحالة المتهمين بارتكاب مذبحة بورسعيد إلى المحاكمة، حتى يتم استئناف الدوري العام.

وأبدا العامري قدراً كبيراً من المرونة في تعاونه مع وزارة الداخلية، على أمل إصلاح الأوضاع، خاصة مع تفهمه لموقف الوزارة بعدم عودة النشاط إلا بعد تنفيذ اشتراطات النيابة، التي تعني بتوفير الحماية والسلامة للاعبين والجماهير على حد سواء.

كما أكد العامري أنه تم تخصيص 60 مليون جنيه لتجهيز 14 ملعباً ستقام عليها بطولة الدوري الممتاز الموسم المقبل، على أن تكون عودة الجماهير تدريجية بعد ذلك. ويتوقع أن يُحَضِّر العامري لعدة اجتماعات سوف يعقدها عقب أجازة عيد الفطر مباشرةً مع مسؤولي اتحاد الكرة ورؤساء الأندية ومسؤولي روابط الألتراس لبحث إمكانية عودة النشاط مرة أخرى وإقامة بطولة الدوري منتصف الشهر المقبل.

ورغم هذا الحراك من الجانب الرسمي، على أقل تقدير، لإعادة الحياة من جديد للملاعب المصرية، إلا أنه مازال يُواجَه بكثير من الريبة من جانب قطاع كبير من الجماهير، خاصة وأن الأوضاع في مصر، من وجهة نظرهم، غير مهيأة حالياً لذلك.

ففي استطلاع أجرته quot;إيلافquot; رصدت حالة من الفتور واللامبالاة لدى عدد ليس بالقليل تجاه مسألة عودة الدوري، فقال محمود نصار، طالب، إن الاهتمام بالكرة لم يعد من أولى اهتماماته، خاصة وأن مذبحة بورسعيد قد كشفت له كثير من الحقائق التي كانت غائبة عنه. وهو الرأي الذي وافقه زميله أيمن مجدي، الذي أكد بدوره أن الأوضاع في البلد لا تسمح في الوقت الراهن بعودة النشاط، فضلاً عن أن حق الشهداء الذين سقطوا في بورسعيد لم يرد إليهم بعد وأن الجناة لم ينالوا جزاءهم حتى الآن.

بينما أشار تامر عبد الجواد، موظف في البريد، إلى أنه يقترح تأجيل الدوري وممارسة الكرة في مصر لأجل غير مسمى حتى تستقر الأوضاع ويتم القصاص لشهداء مجزرة بورسعيد. فيما أكدت نهال محمد، طالبة، أنهم لن ينسوا مطلقاً أرواح الشهداء، وأن الحياة يجب أن تستمر وتتواصل، مبديةً عدم ممانعتها في عودة النشاط، لكن وفق شروط وقواعد جديدة تضمن عدم تكرار تلك المأساة المحزنة. وهي الفكرة التي أيدتها فيها زميلتها إسراء، حيث اقترحت عدم عودة النشاط إلا بعد القصاص لضحايا بورسعيد، وأن تعود الجماهير مع المباريات بصورة تدريجية، ودعت الجميع في النهاية لفتح صفحة جديدة في تاريخ الرياضة المصرية، بعيداً عن أي مناوشات أو مشاحنات من شأنها أن توطد روح العداء بين المشجعين.