تتجه العلاقة بين السويسري جوزيف سيب بلاتر الرئيس الحالي للاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا و الفرنسي ميشال بلاتيني الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي إلى التدهور بل و إلى الصدام خلال الفترة المتبقية على تاريخ الجمعية العمومية الانتخابية لرئاسة الفيفا المزمع إجراؤها في العام 2015 .
ديدا ميلود - إيلاف :يمثل عام 2015تاريخ نهاية عهد السويسري بلاتر في الفيفا بعدما قرر عدم الترشح لعهد جديد خلال انتخابات 2011 بسبب تقدمه في السن بعدما بلغعامهالـ 77 ،فالدعم الكبير الذي حظي به السويسري في انتخابات مايو 2011 من قبل الاتحاد الأوروبي بإيعاز و تأثير من بلاتيني نفسه و الذي سمح له بالبقاء و الاستمرار في منصب يشغله منذ 1998 اتضح بأنه لم يكن تأييداً لبلاتر و لا توافقاً معه بقدر ما كان لقطع الطريق أمام المرشح العربي القادم بسرعة صاروخية نحو زيوريخ وهو القطري محمد بن همام .
السويسري بلاتر يسعى لفرض بصمته
فبلاتر أدرك مؤخراً أن نجم السيدة العجوز في عشرية الثمانينات أراد أن يجعله مجرد خاتم - بغض النظر عن معدنه ndash; في اصبعه يحركه كيفما يشاء ووقت ما يريد لخدمة مصالح الكرة الأوروبية التي تأبى التقهقر و لو خطوة إلى الوراء ،فبعد قرابة العامين من الحرب التي اشتعلت واشتدت بين بلاتر و بن همام تأكد للسويسري و للجميع أن رئيس الاتحاد الأوروبي ميشيل بلاتيني يتطلع إلى تعبيد الطريق نحو سدة الفيفا بدليل انه يوصف حالياً من قبل وسائل الإعلام الأوروبية و العالمية بأنه خليفة بلاتر على رأس الفيفا في حين لو فاز بن همام فإن المشروع البلاتيني كان سيفشل أو على الأقل سيتأجل تنفيذه حتى إنتخابات 2019 لأنه يستحيل على بن همام أن يكتفي و يقتنع بعهدة واحدة على عرش الفيفا و من سبقوه إليه أرادوا الخلود.
غير أن بلاتر و بعدما استفاق و استعاد وعيه بالكامل أدرك أنه سيكون في عهدته الأخيرة على رأس الفيفا كالأعرج ،وهو ما يرفضه و يطمح إلى ترك بصمته على الفيفا من خلال إصدار قرارات تتعلق باللوائح القانونية تجعل اسمه يخلد لسنوات كثيرة حتى بعد رحيله ، بل و أكثر من ذلك فإنه يتطلع إلى أن يلعب دوراً هاماً في اختيار خليفته سواء كان بلاتيني أو غيره أي يريده من تحت عباءته حتى يبقى مدينا له مثلما بقي هو مدينا لسلفه البرازيلي جواو هافلانج الذي زكاه ليجلس محله و لا يقوم بالتالي بالنبش في الملفات السوداء التي تكرها في رفوف الفيفا، و هي الأمور التي يرفضها بلاتيني بشكل مطلق لأنه يسعى لان يحل محله بعرق جبينه و من دون تدخل أي جهة لتحقيقه مسعاه جهة قد تستغل مساعدتها له لابتزازه و مساومته.
بداية الشرارة أشعلها الفرنسي بلاتيني
و تبقى القطرة التي أفاضت الكأس بين الرجلين هي الرفض الذي أداه بلاتيني لجل المقترحات التي تقدم بها بلاتر في إطار مشروعه لإصلاح الفيفا سواء تلك المتعلقة بالجوانب الفنية لتطوير المستديرة أو المتعلقة بطريقة إدارة الهيئة بعد الانتقادات الكثيرة التي طالتها و اتهامها بالفساد ، بداية بالمقترح الخاص باللجوءإلىاستخدام التكنولوجيا في المرمى لتفادي الأخطاء التحكيمية الخاصة باحتساب أهداف غير شرعية أو إلغاء أخرى شرعية و هو المقترح الذي طبق و سيطبق في بطولات يشرف عليها الفيفا بشكل مباشر و هي كأس العالم للأندية في كانون الأول 2012 و كأس القارات في يونيو القادم و نهائيات المونديال العام المقبل في البرازيل و هو مقترح عارضه الاتحاد الأوروبي حيث رأى بلاتيني بأنه يقلص من جمالية الممارسة و اعتبر الإجراء الذي اتخذه في الملاعب الأوروبية بالاستعانة بخمسة حكام أفضل و كفيل بتجنب الأخطاء المؤثرة دون التأثير على المشاهدة ، بل و وجه بلاتيني إتهاماً غير مباشر لبلاتر بالرضوخ لمطالب القنوات الفضائية حيث أكد أن استعمال التكنولوجيا هو تمهيد للإستعانة بالفيديو ما يجعلنا ندفع أكثر .
كما عارض بلاتيني و بشدة مقترحات بلاتر الخاصة بتحديد مدة عضوية المكتب التنفيذي للفيفا بعهدتين فقط مدة كل ولاية أربع سنوات عكس ما هو حالياً حيث عدد الولايات مفتوح ، كما عارض الفرنسي مقترح تقليص عمر الرئيسإلىثماني سنوات كحد أقصى و طالب بـ12 سنة أي ثلاث ولايات .
و أبدى السويسري بلاتر انزعاجه ليس من المعارضة في حد ذاتها و إنما من الطريقة التي تعامل بها بلاتيني مع مقترحاته ، حيث كان يفترض أن يلعب الاتحاد الأوروبي دور الجسر بين الفيفا و الاتحادات الوطنية الأوروبية بحيث يعرض عليها أفكاره و يتركها تقرر مثلما تراه مناسبا لتوافق أو تعارض و ليس مثلما فعل بلاتيني الذي اختصر كل القارة في شخصه و عمم موقفه على جميع الاتحادات التي تخضع لإشرافه .
تراشق إعلامي متواصل بين الجانبين
و عرفت الأيام الأخيرة سجالا بل تراشقاً إعلامياً بين الرجلين حول موضوع يورو 2020 الذي تقرر أن يقام في 13 بلدا أوروبيا بدلاً من بلد واحد أو اثنين مثلما كان معتاداً من قبل و هي الفكرة التي عارضها و انتقدها بشدة بلاتر و رآها سخيفة لأنها لا تبرز هوية و روح البطولة و منظمها و ذهبإلىابعد من ذلك عندما شبه مقترح بلاتيني باقتراحات العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عندما اقترح عليه إقامة نهائيات كأس العالم في عدة بلدان أفريقية رغم أن تنظيم اليورو من اختصاص الاتحاد الأوروبي ، و لم يتأخر بلاتيني في الرد عليه حيث أكد ان المشاريع المقترحة الكبرى في الاتحاد الأوروبي هي ثمرة نقاش جميع الاتحادات و لا اعتقد أن القذافي كان يستشير أحدا في قراراته ، علما بأن إقامة يورو 2020 في 13 بلدا و مدينة مختلفة لقي موافقة 52 إتحاداً و اعترض عليه إتحاد واحد فقط .
كما يحاول بلاتيني الإبقاء على حالة من التشويق في ما يتعلق بموضوع ترشيحه لخلافة بلاتر حيث قال في معناه ان الاحتمالين قائمين سواء بالترشح أو بالامتناع ما يؤكد أن قائد السيدة العجوز ينتظر التأكد من موقف بلاتر نفسه حيال هذا الموضوع قبل إتخاذ القرار النهائي .
مواجهة ساخنة مرتقبة في شهر مايو
و ينتظر أن يشهد الكونغرس العادي للفيفا الذي سيعقد في شهر مايو القادم في جزر موريس سجالاً بين الرجلين و لا يستبعد أن يستخدم بلاتيني كامل نفوذه ليس كرئيس لإتحاد قاري فحسب بل كرئيس قادم للفيفا للضغط على أعضاء الكونغرس ليعارضوا مقترحات بلاتر المؤثرة في قوانين اللعبة ليتركها لنفسه في ما بعد على غرار المقترح الخاص بإسناد مهمة اختيار البلد المنظم لنهائيات المونديال لكافة أعضاء الكونغرس و ليس فقط لأعضاء المكتب التنفيذي بعدما أثير جدلا كبيراً حول تلقيهم رشاوى و هو الاقتراح الذي يضر بأوروبا أكثر من غيرها من القارات .
و يريد بلاتيني أن يقرر هو متى سيقام مونديال قطر 2022 في الشتاء أو في الصيف أي بعد 2015 و ليس قبلها مهما بلغت حدة النقاشات بينما لا يزال بلاتر يرغب في إقامة مونديال الدوحة صيفاً مثلما جرت عليه الدورات السابقة ليس استمتاعا ببرودة مصطنعة و إنما لإفشال مخططات الفرنسي الهادفةإلىتغيير الروزنامة الدولية تغييراً جذرياً .
و لا يستبعد أن يختلف الرجلان عن المرشح المفضل لهما في إنتخابات الاتحاد الآسيوي التي ستقام في الثاني من أيار المقبل بعدما تأكد للمرشحين الأربعة السركال وبن إبراهيم و المدلج و ماكودي أن بلاتر و بلاتيني سيحددان بنسبة كبيرة خليفة بن همام .
التعليقات