ستكون المباراة النهائية لكأس اسيا 2015 التي تقام السبت في سيدني بين استراليا المضيفة وكوريا الجنوبية، مواجهة بين منهجين كرويين مختلفين يجسدهما مدربا الفريقين انجي بوستيكوغلو والالماني اولي شتيليكه.
&
بوستيكوغلو التزم منذ انطلاق النهائيات والمباراة الافتتاحية امام الكويت (4-1) بمقاربته الهجومية بغض النظر عن وضع المباراة التي يخوضها فريقه واهميتها او حجم المنافس، وهذا ما تجسد في اداء "سوكيروس" في مباراته الاولى ثم امام عمان (4-صفر) حين واصل هجومه حتى صافرة النهاية.
&
وكانت المباراة امام الكويت المرة الاولى التي يسجل فيها منتخب استراليا اربعة اهداف في مباراة واحدة تحت قيادة بوستيكوغلو الذي واجه عقما هجوميا منذ وصوله الى "سوكيروس" وكان اعتماده على تيم كاهيل الذي سجل 8 من الاهداف الـ11 التي سجلها المنتخب في 12 مباراة خاضها منذ وصول هذا المدرب في تشرين الاول/اكتوبر 2013 قبل خوض نهائيات كأس اسيا 2015.
&
"الجميع يعلم كيف كانت مقاربتنا (الهجوم بغض النظر عن النتيجة) التي ستتواصل. هناك مباراة لخوضها، وفي كل مرة ندخل الى المباراة ونحن عازمون على الفوز بها وهذا الامر لن يتغير"، هذا ما قاله بوستيكوغلو عشية مواجهة كوريا الجنوبية في الجولة الاخيرة من الدور الاول حين خسر فريقه اللقاء صفر-1.
&
من المؤكد ان المقاربة الهجومية التي اعتمدها بوستيكوغلو في النهائيات قد اثمرت تماما بعد ان نجح 10 لاعبين في الوصول الى الشباك في 5 مباريات شهدت 12 هدفا لاصحاب الضيافة، بينها ثلاث للمخضرم كايهل الذي كان ضمن تشكيلة منتخب بلاده في ثلاث نهائيات لكأس العالم ويخوض مشاركته الثالثة في كأس اسيا ولعب تحت اشراف مدربين مثل فرانك فارينا والهولنديين غوس هيدينك وبيم فيربيك والالماني هولغر اوسييك.
&
ويؤكد كايهل ان العمل مع بوستيكوغلو الذي استلم مهامه في تشرين الاول/اكتوبر 2013 يختلف تماما عن اسلافه، مضيفا "من المؤكد انه افضل منتخب شاركت معه بسبب كل ما يقف خلفه" في اشارة الى المدرب الحالي الذي كانت بانتظاره مهمة شاقة متمثلة ببناء جيل جديد بعد اعتزال لاعبين كبار مثل هاري كيويل ومارك فيدوكا والحارس مارك شفارتسر.
&
وتابع كايهل "انت تنهي مباراة مثل التي خضتها في تلك الامسية امام الامارات (2-صفر في نصف النهائي) وتنظر الى الوضع في غرفة الملابس حيث يستفهم كل لاعب عن الوضع البدني للاخر وكيف كان بالامكان ان نلعب افضل. لقد قطعنا شوطا كبيرا. الكرة التي نلعبها رائعة، الوضع باكمله رائع والاحترافية على مستوى اخر".
&
لقد منح بوستيكوغلو لاعبيه الثقة بانفسهم وقدراتهم على غرار روبي كروز الذي تحدث عن وضعه قائلا: "لم اخض اي مباراة &كأساسي قبل وصول انجي، هذا التغيير (في المدربين) افادني كثيرا".
&
ورغم خيبة المشاركة الكبيرة الاولى لاستراليا بقيادة بوستيكوغلو في مونديال الصيف الماضي في البرازيل حين خسر "سوكيروس" مبارياته الثلاث وخرج من الدور الاول وكارثة المباريات الاستعدادية لنهائيات كأس اسيا (خسرت 3 مباريات وفازت بواحدة وتعادلت في اخرى)، اثبت هذا المدرب ان العمل الذي بدأ فيه منذ اواخر 2013 كان من اجل بناء فريق قادر على الارتقاء بمستواه تدريجيا باستراتيجية على المدى الطويل.
&
وقد اثمرت هذه الاستراتيجية عن تقديم لاعبين مثل ماسيمو لوونغو او جيسون ديفيدسون الذي تحدث عن وضعه الخاص قائلا: "تحت اشراف اوسييك سجلت هدفا عن طريق الخطأ في مرمى بلادي في اول مشاركة لي مع المنتخب" في مباراة ودية ضد اسكتلندا في اب/اغسطس 2012 ما دفع بالمدرب الالماني الى تهميشه في الاشهر الـ14 التي تلت.
&
وتابع "لم تكن على الاطلاق البداية التي حلمت بها مع سوكيروس. كنت محبطا تماما بعد تلك المباراة لكن والدي (لاعب المنتخب السابق الن ديفيدسون) شجعني وقال لي الجميع يرتكب الاخطاء والذين يواصلون اندفاعهم وحماسهم سيحققون النجاح في نهاية المطاف".
&
وواصل "كان من الصعب على اللاعبين الشبان الحصول على فرصة (تحت اشراف اوسييك) لكن ما ان جاء انجي حتى بدأ بالاعتماد على اللاعبين الشبان وتشجيعهم ونحن ممتنون له ومحظوظون جدا".
&
من المؤكد ان مهمة بوستيكوغلو (49 عاما)، مدرب منتخب الناشئين السابق، لم تكن سهلة على الاطلاق اذ استلم منصبه ومنتخب بلاده في الحضيض بعد اقالة اوسييك اثر خسارتين ساحقتين 6-صفر امام كل من البرازيل وفرنسا.
&
وقد حمل بوستيكوغلو الذي قاد بريزبن رور الى لقب الدوري الاسترالي، مسؤولية الانتقال من "الجيل الذهبي" الى حقبة جديدة.
&
ولد في اليونان وهاجر الى استراليا مع اهله بعمر الخامسة، فنشأ في ملبورن، قبل ان يتدرج وصولا الى المنتخب الاول.
&
حصل على عقد لخمس سنوات وهو اول استرالي يعمل بدوام كامل منذ تسع سنوات، بعد نجاحه باحراز اللقب المحلي مرتين مع بريزبن رور، واشتهر بطريقة لعبه التي تعتمد على السرعة، الشراسة والتمرير.
&
وضع لنفسه هدف تغيير أسلوب لعب الفريق من خلال الاعتماد على السيطرة على الكرة والضغط على الفريق المقابل، كما نجح بالتأكيد في معالجة إخفاق المدرب السابق اوسييك في منح الفرصة لعدد من اللاعبين الشباب واستبدال الجيل السابق الذهبي لكرة القدم الأسترالية.
&
ويعترف بوستيكوغلو الذي لعب كمدافع في صفوف ساوث ملبورن (من 1984 حتى 1993) ووسترن سابربز (1994)، بالدور الهام للمخضرمين ايضا في صفوف المنتخب وهو قال بهذا الصدد: "سواء أكان الأمر مع النادي أو المنتخب فإن وجود اللاعبين أصحاب الخبرة مهم جدا".
&
ويتحدث بوستيكوغلو عن مدى تأثره بتجربته مع الفئات العمرية قائلا: "لقد كانت تجربة رائعة بالنسبة لي كمدرب. لقد دربت منتخبات الفئات العمرية لسبع سنوات وقمت بالكثير من التدريب خلال هذا السنوات لأنني كنت محظوظا بالسفر حول العالم وشاركت في ست بطولات بكأس العالم تحت 17 سنة وكأس العالم تحت 20 سنة. لقد واجهنا عدد من أفضل الدول على صعيد تطوير كرة القدم ورأينا عدد من اللاعبين الذين أصبحوا فيما بعد من نجوم اللعبة".
&
ويواصل "بالنسبة لي كمدرب، كانت تجربة خيالية ومنحى تعليمي مميز ودائما ما أقول بأن هذه السنوات السبع كانت بمثابة الدكتوراه بالنسبة لي وتعلمت فلسفاتي التدريبية خلال تلك الفترة وقادتني عندما دربت الكبار والأندية إلى وضع كل ما تعلمته إلى التطبيق. وحتى الآن، أنا مرتاح بكل الأمور لأنني عملت خلال سبع سنوات بهذا المستوى من التعامل مع كل ما يجب أن تقوم به في الساحة الدولية".
&
شتيليكه والتكتيك الالماني
&
"في كرة القدم الحديثة، من المهم ان تكون هناك مرونة في التكتيكات"، هذه هي في الجهة الاخرى المقاربة الكروية لشتيليكه الذي يخوض مع المنتخب الكوري الجنوبي تجربته الثالثة على صعيد المنتخبات الوطنية فئة الكبار بعد ان سبق ان درب سويسرا بين 1989 و1991 وساحل العاج بين 2006 و2008 اضافة الى منتخبات الفئات العمرية لالمانيا بين 2000 و2006.
&
ويرى لاعب وسط بوروسيا مونشنغلادباخ وريال مدريد الاسباني ونوشاتل السويسري سابقا ان "اللاعبين هم العامل الاهم الذي يجب التأقلم معه (في ما يخص منتخب كوريا). انهم اذكياء وانا واثق من انهم قادرون على مجاراة ذلك".
&
ومن المؤكد ان المنتخب الكوري الجنوبي استفاد كثيرا من خبرة شتيليكه (60 عاما و42 مباراة دولية مع المانيا الغربية) الذي توج خلال مسيرته بالعديد من الالقاب على صعيد الاندية اذ احرز لقب الدوري الالماني ثلاث مرات مع مونشنغلادباخ والكأس المحلية وكأس الاتحاد الاوروبي مرة واحدة ووصل معه الى نهائي كأس الاندية الاوروبية البطلة عام 1977 كما توج مع ريال بلقب الدوري الاسباني ثلاث مرات والكأس مرتين وكأس الاتحاد الاوروبي مرة واحدة كما وصل ايضا معه الى نهائي كأس الاندية الاوروبية البطلة عام 1981 وكأس الكؤوس الاوروبية عام 1983 اضافة الى تتويجه بلقب الدوري السويسري مرتين.
&
كما كان شتيليكه ضمن تشكيلة المنتخب الالماني الغربي الذي توج بطلا لاوروبا عام 1980 ووصل الى النهائي قبلها باربعة اعوام والى نهائي كأس العالم 1982.
&
وشتيليكه الذي درب ايضا الميريا الاسباني (1996) وسيون السويسري (2008) والعربي القطري (من 2008 حتى 2010 ثم خلال موسم 2013-2014) ومواطن الاخير السيلية (من 2010 حتى 2012)، هو اول مدرب اجنبي لـ"محاربي تايغوك" منذ الهولندي بيم فربيك في 2007.
&
اثبت شتيليكه الذي استلم منصبه في ايلول/سبتمبر الماضي خلفا هونغ ميونغ-بو بعد الخروج من الدور الاول لمونديال البرازيل 2014، في نهائيات اسيا انه يتمتع بالبصيرة والواقعية الكروية التي سمحت لمنتخب كوريا الجنوبية في تحقيق المطلوب منه في كل مباراة خاضها دون المبالغة في الهجوم وترك المساحات، والنتيجة كانت فوزه بجميع مبارياته الثلاث في الدور الاول بنتيجة واحدة 1-صفر، قبل التخلص من اوزبكستان في ربع النهائي بعد التمديد 2-صفر، وهي النتيجة التي انتهى عليها لقاء العراق في نصف النهائي ايضا.
&
وسيعول الكوريون مجددا على الحنكة الالمانية لشتيليكه في موقعتهم الختامية مع استراليا على امل تكرار سيناريو مواجهة الدور الاول بينهما وقيادة "محاربي تايغوك" الى اللقب الاول منذ 55 عاما بعد ان اوصلهم الى النهائي للمرة الاولى منذ 1988.