ستكون مدينة ريو دي جانيرو الجمعة على موعد مع التاريخ كونها ستعطي انطلاقة دورة الالعاب الاولمبية الصيفية التي تستضيفها واميركا اللاتينية للمرة الاولى في تاريخ الحركة الاولمبية، وذلك عبر حفل افتتاح فني متعدد الالوان على الملعب الاسطوري ماراكانا الذي شهد قبل عامين تتويج الالمان بكأس العالم لكرة القدم على حساب الارجنتين.

ووجدت ريو دي جانيرو نفسها امام تحد كبير كون سابقتيها بكين (2008) ولندن (2012) تألقتا بحفلين افتتاحيين مبهرين، لكن وعلى الرغم من معاناة البلاد من أسوأ ركود اقتصادي منذ قرن تقريبا وازمة سياسية خانقة، وعدت البرازيل بتنظيم حفل أكثر تواضعا سيكون "أكبر حفل لم يسبق تنظيمه أبدا في البلاد".

وعهد بانجاز الحفل الى البرازيلي فرناندو ميريليش مخرج افلام "مدينة الله" و"ذا كونستانت غاردنر" و"بلاندنيس" بمساعدة سنيمائية اخرى من مواطنيه اندروشا وادينغتون ودانيالا توماس ودي روزا ماغاليايس والاخيرتان اختصاصيتان في تنظيم الكرنفالات التي سيتم الاستلهام منها كثيرا في هذا الحفل.

ولم يحظ مخرجو حفل الافتتاح بالموازنتين الخياليتين لحفلي افتتاح اولمبيادي لندن 2012 (36 مليون يورو) وبكين 2008 (85 مليون يورو)، وقال ميريليش في هذا الصدد: "الزمن الحالي يتطلب خلاف ذلك، تكلفة حفل ريو ستكون اقل 12 مرة من موازنة لندن و20 مرة من موازنة بكين".

من جهتها، قالت توماس: "على الرغم من هذه القيود المالية، أردنا أن نقدم أكبر حفل لم يتم تنظيمه ابدا في هذا البلد".

واضافت: "الألعاب الأولمبية الصيفية، هي صاحبة اكبر متابعة تلفزيونية في العالم. من مادونا إلى البابا فرانسيس، من بوتين الى القرية الاوغندية الصغيرة، العالم كله سيكتشف قوة الاثارة في البرازيل".

واعربت توماس عن املها في ان ينسى البرازيليون في هذه الامسية الفضائح السياسية التي طفت الى السطح في الأشهر الأخيرة وفتح قوسين اكثر سعادة.

فأمام أعين نحو 3 مليار مشاهد في جميع أنحاء العالم، سيتحول ملعب ماراكانا الأسطوري، الذي سيكون غاصا بنحو 80 الف متفرج، في ليلة واحدة الى مسرح لكرنفال مدته نحو 4 ساعات حيث سيستعرض مئات الممثلين لنحو 12 مدرسة لرقص السامبا.

 مضاد للاكتئاب 

الشعار الذي وضعه ميريليش هو: "ليكن لحفل الافتتاح تأثير مضاد للاكتئاب في البرازيل. البرازيليون سيشاهدونه ويقولون +نحن شعب رائع، (...) نعرف كيف نستمتع بالحياة +".

وستكون الموسيقى البرازيلية حاضرة بقوة خصوصا الاغنية الرسمية للالعاب "الروح والقلب" لمغنيي الراب ثياغوينيو وبروجوتا، الى جانب ألحان اثنين من رموز الموسيقى الشعبية في البرازيل، جيلبرتو جيل وكايتانو فيلوزو. كما ان عارضة الازياء السابقة جيزيل بوندشن، التي اعتزلت منذ 2015، ستستعرض على المسرح تحت نغمات اغنية "فتاة من ايبانيما".

وخلف ظهور عارضة الازياء السابقة جدلا عندما كتبت الصحافة البرازيلية في الايام الاخيرة تسريبات مفادها انها ستقوم بمشهد يحاكي اعتداء عليها من قبل صبي سوقي، وهو مشهد دائم في ريو دي جانيرو، المدينة التي ترتفع فيها باستمرار نسبة الجريمة.

لكن المنظمين اكدوا انه لن يكون "هناك مشهد سرقة" في الحفل الذي سيتميز بلوحات فنية رائعة، وبرحلة عبر أبرز المراحل المميزة في تاريخ البلاد: الاستعمار البرتغالي، والعبودية، وتحليق رائد الطيران ألبرتو سانتوس على متن طائرته 14 مكرر في أوائل القرن العشرين.

وسيركز الحفل ايضا على مستقبل الكرة الارضية، مع لوحة حول ظاهرة الاحتباس الحراري تؤكد على الدور الحاسم للبرازيل التي تضم الجزء الاكبر من غابة الامازون.

- بيليه اخر حامل للشعلة؟ 

ويحتفظ المنظمون لنفسهم بهوية اخر شخص سيحمل الشعلة الأولمبية ويقوم باضاءة الشعلة الكبيرة بملعب ماراكانا، في حين سيتم ايقاد شعلة ثانية في الوقت ذاته وسط ريو، في منطقة الميناء التي تم تجديدها.

ويعتبر "الملك" بيليه المرشح الابرز بحسب التكهنات على الرغم من بلوغه سن ال75 ويمشي بصعوبة مستندا الى عكاز بعد عمليات جراحية عدة في خصره.

وقال بيليه في تصريح لقناة "او غلوبو": "تلقيت العديد من الاتصالات بهذا الخصوص. الرئيس (اللجنة الاولمبية البرازيلية، كارلوس ارثر) نوزمان ورئيس اللجنة الاولمبية الدولية (توماس باخ) قاما بدعوتي شخصيا"، مضيفا: "لدي عقدان وسأكون يومها مسافرا. اذا نجحت في الغاء التزاماتي، احب ان احظى بهذا الشرف. هل سأكون هنا لايقاد الشعلة، لا يمكنني تأكيد ذلك الان".

وتقوم المجموعة الاميركية "ليجند 10" بادارة حقوق صورة بيليه وهي وقعت معه في 2010 عقدا لتمثيله لمدة 30 عاما، وبالتالي فهي المسؤولة عن مشاركته في الاحداث وعقود الدعاية.

واضاف بيليه الوحيد المتوج بكأس العالم 3 مرات: "لدي عقد مع ليجند 10 ولدي حدثان مبرمجان في ذلك اليوم. سنجتمع هذا الاربعاء لمحاولة تحريري".

غوستافو كويرتن، بطل رولان غاروس 3 مرات والذي لا يزال يحظى بمرتبة مميزة في قلوب البرازيليين، يمكن ان يحرم بيليه من هذه اللحظة.

وتفتتح الالعاب الاولمبية الاولى في التاريخ في اميركا اللاتينية الجمعة والبلاد تعيش اجواء سياسية متوترة وفي غياب ديلما روسيف، رئيسة البلاد التي اقصيت عن الرئاسة وترفض القيام بدور "ثانوي" أمام أنظار العالم، وسلفها إنياسيو لولا الذي لعب دورا رئيسيا في حصول بلاده على شرف الاستضافة قبل 8 اعوام.

وسيقوم ميشال تامر، الرئيس بالوكالة منذ منتصف ايار/مايو الماضي، بالاعلان عن افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الحادية والثلاثين. وكان نائب الرئيسة روسيف اعلن سابقا انه "مستعد" لتحمل الاحتجاجات وصافرات الاستهجان.

وتشهد الالعاب هذا العام مشاركة 206 بلدان بينهم جنوب السودان وكوسوفو اللذان يشاركان للمرة الاولى، علما بان الكويت وفريق من 10 لاجئين سيشاركان تحت اشراف العلم الاولمبي.