فتح المهاجم الفرنسي الشاب كيليان مبابي باب التكهنات على مصراعيه بشأن مستقبله مع باريس سان جرمان، بتصريحات ألمح فيها الى أنه يبحث عن مسؤوليات أكبر، أكان في باريس أو في "مكان آخر".
سريعا، أصبح التساؤل سيد الموقف في فرنسا حول الأسباب التي دفعت بالمهاجم الدولي الشاب (20 عاما) الى رمي هذه "القنبلة" مساء الأحد، على هامش تسلمه جائزة أفضل لاعب في الدوري الفرنسي لكرة القدم، والذي توج فريقه بلقبه للمرة الثانية تواليا، والخامسة في آخر ستة مواسم.
لم يخف من يعدّ من أبرز المواهب التي أنجبتها الملاعب الفرنسية منذ أعوام طويلة، رغبته في تحمل "مسؤوليات" أكبر. بحال رحيله، يرجح أن تكون وجهته ريال مدريد الإسباني، حيث سيلعب تحت إشراف موهبة فذة أخرى، هي المدرب زين الدين زيدان، النجم السابق للكرة الفرنسية.
فاجأ مبابي المتابعين عندما اعتبر الجائزة "لحظة مهمة بالنسبة إلي، نقطة تحول في مسيرتي"، مضيفا لقناة "بي إن سبورتس" أن الوقت حان "لتحمل مسؤوليات أكبر، ربما في باريس سان جرمان، ربما في مكان آخر".
وفي تصريحات أدلى بها لاحقا في المنطقة الإعلامية المختلطة، لم يشف المهاجم غليل الصحافيين الباحثين عن استيضاح احتمال رحيله. وقال مبابي "بالنسبة إلي، كانت هذه اللحظة لقول ما قلته (...) عندما أقول أمرا، أكون قد فكرت به"، مضيفا بعد تجديده تأكيده رغبته بتحمل "مسؤوليات" أكبر، "اذا كان ذلك في باريس سان جرمان، فهذا جيد، اذا كان في مكان آخر، فسيكون في مكان آخر بحثا عن تحد جديد".
- ضغط على سان جرمان؟ -
برز مبابي في الموسمين الماضيين، وبات رمز الجيل الجديد لكرة القدم الفرنسية، لاسيما من خلال مساهمته في منح بلاده لقبها الثاني في نهائيات كأس العالم، وذلك بالتتويج بمونديال روسيا 2018.
في روسيا، سجل أربعة أهداف بينها هدف في النهائي ضد كرواتيا، دفع للمقارنة بينه وبين بيليه، بعدما بات الفرنسي (كان في الـ19 يومها) أول لاعب شاب يسجل في مباراة نهائية للمونديال منذ الأسطورة البرازيلية عام 1958.
سطع نجم مبابي بداية مع فريق موناكو حيث أحرز لقب الدوري المحلي عام 2017، قبل أن ينتقل في صيف العام ذاته الى نادي العاصمة بصفقة قدرت قيمتها بـ 180 مليون يورو، جعلت منه ثاني أغلى لاعب في تاريخ اللعبة بعد زميله البرازيلي نيمار القادم في الصيف ذاته من برشلونة الإسباني لقاء 222 مليون يورو.
لكن التقديرات تفاوتت بشأن مقصد مبابي من تصريحاته الأخيرة.
وربطت تقارير، لاسيما في صحيفة "ليكيب"، هذه التصريحات بمسعى من مبابي الى أن يصبح "القائد" الفعلي للفريق، على حساب نيمار. وذكرت الصحيفة بأنها المرة الثانية التي يتحدث فيها مبابي عن رغبته بتحمل "مسؤوليات" أكبر (الأولى بعد مباراة ضد كاين مطلع آذار/مارس).
في المقابل، اعتبرت تقارير أخرى أن مبابي يضغط للحصول على عقد أفضل مع سان جرمان، ورفع راتبه السنوي المقدر بـ20 مليون يورو.
وأتت تصريحاته بعد موسم تكررت فيه خيبة الخروج المبكر من دوري أبطال أوروبا، في ثمن النهائي أمام مانشستر يونايتد الإنكليزي (تقدم سان جرمان في إنكلترا ذهابا 2-صفر، وخسر إيابا على ملعبه 1-3).
وقال الحارس السابق لسان جرمان جيروم ألونزو لوكالة فرانس برس أن مبابي قد يكون يريد إيصال رسالة لإدارة النادي المملوك من شركة قطر للاستثمارات الرياضية، مفادها "+أريد أن أبقى لفترة طويلة لكن أعطوني الوسائل لأصبح بطلا لأوروبا. اذا لم يمض المشروع قدما، سأرحل+".
أفضل هدافي فرنسا هذا الموسم (32 هدفا قبل المرحلة الأخيرة)، كان الأبرز في فريقه، لاسيما في ظل غياب مطول لنيمار بسبب إصابة في القدم. هل يدور صراع خفي على "القيادة" بين مهاجمين يعدان من الأبرز حاليا، ومنافسين محتملين على جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب؟
بحسب ألونزو، "طلب منحه مسؤوليات أكبر يطرح علامات استفهام لأنه يأتي بعد نحو أسبوعين من تصريحات مشابهة لنيمار. لا يجب أن تشهد صفوف باريس سان جرمان +حرب+ قادة أو انقساما في غرف الملابس".
وتابع "هل يشعر كيليان بنقص بالإقرار بدوره من قبل الجهاز الفني (بإشراف الألماني توماس توخل) أو تفضيل نيمار عليه؟ عباراته (بالأمس) هي طريقته ليقول +أنا هنا أيضا!+".
- ريال يتربص -
في ظل هذا الغموض، قد يخرج ريال مدريد الرابح الأكبر.
التقارير تتحدث في الآونة الأخيرة عن احتمال انتقال مبابي الى ريال، المقبل على عملية إعادة بناء بقيادة زيدان العائد للإشراف عليه هذا الموسم بعد أداء مخيب محليا وخسارة اللقب "المثلث" في دوري الأبطال.
وبحسب صحيفة "ماركا" الرياضية الإسبانية "مبابي يعرف أن ريال ينتظره، ولا يمكن أن يغفل مجددا عن فرصة ضم اللاعب الذي يتوقع أن يحمل المشعل من (الأرجنتيني ليونيل) ميسي و(البرتغالي كريستيانو) رونالدو في الأعوام المقبلة"، وأن يبلغ مرتبة حامل الكرة الذهبية لأفضل لاعب.
وبحسب الصحافة الإسبانية، يبدي ريال استعداده لكسر الرقم القياسي العالمي للانتقالات، ودفع 280 مليون يورو لجذب مبابي الى سانتياغو برنابيو.
الآن، ومع اقتراب موسم الانتقالات الصيفية، الأرجح أن تصريحات مبابي ستبقى في صدارة العناوين الى أن يصدر إعلان حاسم، إما بتأكيد استمراره مع سان جرمان، أو الرحيل عنه الى وجهة أخرى.
وبحسب مصدر متابع للشؤون الكروية الفرنسية فضل عدم كشف اسمه، فإن مبابي "ارتكب خطأ" بتصريحاته، موضحا "قام بأمر يناقض أسلوب زيدان الذي جعل من التستر معيارا في مسيرته، بينما هو (مبابي) اختار أن يستخدم وسائل الإعلام لتحقيق غايات استراتيجية".
أضاف "تصريحه كان مخاطرة (...) قد يكون إيجابيا لصالحه على المدى القصير، لكن على المدى المتوسط يمكن أن يخلق مناخا من عدم الثقة بينه وبين الأندية الأخرى، وسوء فهم من قبل المشجعين"، لاسيما وأن اللاعب قد يصبغ من الآن بصورة "الطفل المدلل".
التعليقات