أسدل الستار الأحد على بطولة العالم لألعاب القوى التي استضافتها الدوحة للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، بعد عشرة أيام من منافسات طبعتها مشاركة نحو ألفي رياضي ورياضية، وطالتها انتقادات لجهة الظروف المناخية وضعف الحضور الجماهيري لاسيما في الأيام الأولى.

لكن البطولة التي امتدت عشرة أيام تعد آخر محطة إعدادية كبيرة لرياضيي ورياضيات "أم الألعاب" قبل دورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقبلة المقررة في طوكيو عام 2020، ومحطة أساسية للدولة المضيفة على صعيد استعداداتها لاحتضان كأس العالم في كرة القدم عام 2022.

وإذا كانت البطولة حفلت بسباقات مثيرة ولحظات مشوقة، فإنها كانت أيضا عرضة لانتقادات عدة في ما يتعلق بإقامة السباقات الطويلة كالماراتون وسباقي المشي 50 كلم مشيا للرجال والسيدات وسط حرارة مرتفعة ورطوبة عالية، على رغم تأخير موعد انطلاقها الى قرابة منتصف الليل.

وبدأت الانتقادات مع سباق الماراتون الافتتاحي للسيدات الذي أقيم على كورنيش الدوحة ولم تكمله سوى 40 عداءة من أصل 68، وشهد انهيار العديد منهن قبل بلوغ خط النهاية واضطرارهن لنيل رعاية طبية.

ولخصت العداءة الكرواتية بويانا بييلياتش التي اضطرت الى الانسحاب عند الكيلومتر السابع عشر، الوضع الصعب بقولها "إنه الماراتون الأصعب الذي خضته في حياتي. ما كان يجب إعطاء شارة الانطلاق".

في المقابل، انتقد رياضيون آخرون إقامة البطولة ككل في الدوحة. ورأى حامل الرقم القياسي في المسابقة العشارية الفرنسي كيفن ماير أن الظروف المناخية كانت "كارثة" بالنسبة الى الرياضيين.

لكن الظروف تبدلت بعض الشيء مع مرور الأيام، لا سيما لسباق الماراتون للرجال ليل أمس السبت، والذي شهد تحقيق الاثيوبي ليليسا ديسيزا ذهبية انتظرتها بلاده منذ 18 عاما، في ظروف مناخية أفضل.

وعاد هاجس المنشطات خلال البطولة ليؤرق الاتحاد الدولي برئاسة البريطاني سيباستيان كو. وبينما لم تطوِ ألعاب القوى حتى الآن فضيحة التنشط الروسي الممنهج برعاية الدولة، ظهرت خلال البطولة قضية إيقاف المدرب الاميركي البرتو سالازار لمدة أربع سنوات بسبب خرقه قانون المنشطات، ما دفع الاتحاد الى سحب اعتماده من البطولة، وأثار هواجس تنشط رياضيين مشاركين فيها أبرزهم الهولندية سيفان حسن التي فازت بذهبيتي 1500 م و10 آلاف م.

وقالت حسن بعد فوزها بذهبية 1500 م السبت "كان أسبوعا صعبا والعديد من الأمور تشغل بالي لكنني أحظى بمدير جيد ولقد دعمني (...) أنا أظهر للعالم بأني عداءة نظيفة".

ولم يكن الجمهور على الموعد في الأيام الأولى، وكان المشهد لافتا عندما توج كل من الأميركي كريستيان كولمان والجامايكية شيلي-آن فرايزر-برايس بذهبية سباق 100 م. السباقان اللذان يعدان من الأبرز في كل بطولة عالمية، أقيما أمام مدرجات بقيت أجزاء كبيرة منها فارغة.

وردا على استفسارات وسائل الإعلام بشأن الحضور الجماهيري، أصدرت اللجنة المحلية المنظم بيانا أكدت فيه أنها تبذل جهودا مضاعفة لتأمين إقبال جماهيري أكبر خلال الأيام المتبقية من البطولة.

وبالفعل، تحسن الحضور الجماهيري تدريجيا حتى بلغ الذروة يومي الخميس والجمعة أي خلال عطلة نهاية الأسبوع في قطر، كما بلغ الحماس أوجه خلال خوض البطل المحلي والعالمي معتز برشم منافسات الوثب العالي مساء الجمعة، حيث لقي تشجيعا واسعا.

وشكر برشم المشجعين بعد تتويجه بقوله عبر المذياع "أنتم أبطال العالم".

- المنافسات تمضي -

نحا كو جانبا بقضية سالازار والحضور، وحتى الظروف المناخية خارج ستاد خليفة الدولي حيث أقيمت غالبية المنافسات، في ظروف التكييف التي يتمتع بها أحد الملاعب المضيفة لمونديال 2022.

قلل العداء البريطاني السابق الذي أعيد قبيل انطلاق البطولة، انتخابه رئيسا لولاية ثانية من أربعة أعوام، من تأثير قضية سالازار وضعف الحضور على مسار بطولة العالم.&

وأوضح "بطبيعة الحال، كنا نود أن نرى عددا أكبر من المتفرجين في الملعب، بيد أنه ثمة أسباب يسهل فهمها جعلت هذا التحدي صعبا"، متطرقا الى ظروف منها الأزمة الدبلوماسية الخليجية بين قطر من جهة، ودول الجوار (السعودية والامارات والبحرين)، والتي نتج عنها وقف الرحلات الجوية المباشرة بين الدوحة وعواصم الدول الثلاث.

وفي المؤتمر الختامي للبطولة وصف كو نسخة الدوحة بأنها "الافضل من ناحية أداء الرياضيين. خاض الرياضيون غمار البطولة وهم أكثر استعدادا وبالتالي فإن هذه الرياضة في صحة جيدة".

وكشف عن سقوط 21 رقما قاريا، بالإضافة الى تسجيل 78 رقما وطنيا، مشيرا الى أن معدل اعمار الرياضيين والرياضيات الذين احرزوا الالقاب في النسخة الحالية، ما دون الـ24 عاما "أي نحن في صدد رؤية جيل جديد في السنوات القادمة".

وتابع "حصدت 40 دولة مشاركة ميداليات في نسخة الدوحة وهذا يجسد أن رياضتنا عالمية".

أما على المضمار، فتصدرت الولايات المتحدة الترتيب العام للميداليات مع 14 ذهبية و11 فضية وأربع برونزيات، بفارق مريح عن كينيا التي أحرزت خمس ذهبيات وفضيتين واربع برونزيات، ثم جامايكا في المركز الثالث مع ثلاث ذهبيات وخمس فضيات و4 برونزيات.

وسجل في البطولة رقمان قياسيان كلاهما من نصيب الولايات المتحدة، وذلك في سباق التتابع المختلط أربع مرات 400 م مع 3:09,34 دقيقة، علما بأن السباق استحدث في نسخة هذا العام، وللعداءة دليلا محمد في سباق 400 م حواجز مع 52,16 ثانية، علما بأن الرقم القياسي السابق كان في حوزتها أيضا وسجلته في التجارب الأميركية (56,20 ث).

وتقام النسخة المقبلة من بطولة العالم في مدينة يوجين الأميركية عام 2021، على أن تليها نسخة بودابست 2023.