يغرّد رئيس لجنة مكافحة المنشطات في روسيا "روسادا" يوري غانوس خارج السرب في بلد يعرّض منتقديه لعواقب وخيمة، بعد اتهامه علنا مسؤولين بالتلاعب في بيانات مقدّمة إلى الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات "وادا".

وعمّا اذا كان يشعر بالخوف نتيجة توجيهه اللوم لوزارة الرياضة الروسية، قال رئيس روسادا لوكالة فرانس برس "هذا أمر خطير، لكنها مهمتي".

يلتقي مسؤولو "وادا" الاثنين المقبل في مدينة لوزان السويسرية لاتخاذ قرار حول حظر دولي مقترح لمدة أربع سنوات على الرياضيين الروس بسبب عملية تنشط ممنهج. وفي حال تمت المصادقة على قرار الايقاف، يمكن لروسيا أن تستأنف القرار أمام محكمة التحكيم الرياضية (كاس).

واتهمت لجنة مراجعة الامتثال المستقلة التابعة للوكالة الدولية موسكو بتزوير بيانات سلمتها للمحققين، مقدّمة توصية بمنع روسيا من المنافسات الرياضية الكبرى لاربعة أعوام.

وجاءت التوصية بعد ما وصفه محققو "وادا" بأنه حالة "خطيرة للغاية" من عدم الامتثال مع العديد من المخالفات الكبيرة، وبعد أن فحصت بيانات من مختبر موسكو للمنشطات سُلِمَت لها في كانون الثاني/يناير.

وتم حظر"روسادا" منذ قرابة ثلاثة أعوام بعد الكشف عن برنامج واسع النطاق لدعم التنشط باشراف الدولة. وتُعدّ العقوبات المقترحة من "وادا" الفصل الأخير من "الملحمة" التي انطلقت شرارتها الأولى عام 2015، عندما كشف المحقق الكندي المستقل ريتشارد ماكلارين عن نظام تنشط واسع برعاية الدولة يمتد لسنوات إلى الوراء.

ردّت موسكو بمزاعم مؤامرة غربية ضدها، لكن غانوس الذي استلم روسادا في عام 2017 فاجأ الجميع بانتقاده سلطات بلاده.

دعا في خطابات ومقالات رئيس البلاد فلاديمير بوتين للتدخل معتبراً أن روسيا باتت بحاجة ماسة إلى إدارة رياضية جديدة ومهاجما وزير الرياضة بافل كولوبكوف، وذلك على الرغم من المخاطر التي يواجهها لاسيما بعد وفاة مسؤولي "روسادا" السابقين فياتشيسلاف سينيف ونيكيتا كاماييف فجأة في غضون أسبوعين عام 2016، فيما يعيش مدير مختبر موسكو السابق غريغوري رودتشنكوف مختبئا في الولايات المتحدة الاميركية.

قال غانوس لفرانس برس في تشرين الاول/اكتوبر الماضي متوقعا الابقاء على ايقاف روسيا في اولمبياد طوكيو 2020 الصيفي اولمبياد بكين 2022 الشتوي "يتعيّن على روسيا ترتيب بيتها الداخلي".

لا يخفي الوزير كولوبكوف انزعاجه من غانوس، المحاور القوي والمتعامل الجيد مع وسائل الإعلام.

قال كولوبكوف الشهر الماضي "لا وجود للتلاعب الذي يتحدث عنه رئيس روسادا".

في مكتبه الواقع في العاصمة الروسية، يعرض غانوس ملصقا كبيرا يظهر روسادا كسفينة كاسرة للجليد تمهد الطريق أمام مجموعة من الرياضيين النظيفين من المنشطات.

الرجل الطويل ذو الشعر الرمادي والذي يمكنه بسهولة الانتقال من ابتسامة ساحرة إلى نظرة مخيفة، لم يأت من خلفية رياضية.

- حقاً "السيد نظيف"؟ -

قال وهو يظهر يديه الكبيرتين "مارست في شبابي القليل من المصارعة ولعبت الكرة الطائرة".

بعد دراسته القانون، خطط للعمل في السلك العدلي لكن انتهى به الامر في عالم الاعمال، بما في ذلك الشحن والصناعات الثقيلة. استلم "روسادا" من دون أي معرفة خاصة بالرياضة أو العلوم.

اختير كمرشح قادر على الالهام وبث الثقة في وكالة متجددة ولم تكن سمعته ملطخة بدور الوكالة في فضيحة المنشطات.

قال انه تقدم بطلب للحصول على الوظيفة بعد رؤية إعلان على مواقع التوظيف. اختارته لجنة من الخبراء من بين مئات المرشحين.

يرى غانوس انه تأثر بمحنة الرياضيين النظيفين، خصوصا اولئك الذين يحلمون بالمشاركة في ألعاب بارالمبية عكرها الفساد.

لا يتقبل الجميع في كواليس عالم مكافحة المنشطات صورة "السيد نظيف" لغانوس، ويزعم البعض انه جزء من مؤامرة ماكيافيلية تمارسها الاساليب الملتوية لموسكو.

يرون أن غانوس، من خلال التأكيد على براءة "روسادا" وعدم المشاركة في التلاعب الاخير، يبعد خطر الايقاف عن وكالته واعتبارها غير ممتثلة من قبل محكمة التحكيم الرياضية.

خطة مزعومة قد تمهد الطريق امام الرياضيين الروس للمشاركة في الالعاب الاولمبية المقبلة.

رأى رئيس الوكالة الاميركية لمكافحة المنشطات ترافيس تيغارت لوكالة فرانس برس "أفضل دفاع، إذا تم التلاعب في البيانات، هو إظهار انه مستقل... لكنه ليس مستقلا".

أضاف "أعتقد انها لعبة، ولعبة مدبرة جيدا".

لكن مصدرا ثانيا ضالعا في عملية مكافحة المنشطات أعطى وجهة نظر معاكسة "أريد التصديق &أن يوري غانوس صادق"، مشيدا برئيس "روسادا" بسبب "التقدم الهائل في الاجراءات ونحو قدر أكبر من الاستقلالية".