هي مقطوعة موسيقية قال عنها ليونيل ميسي إنها حفزته، وأسرت زين الدين زيدان ودفعت كريستيانو رونالدو للغناء معها. فعلى مدار ما يقرب من ثلاثة عقود، أثار نشيد دوري أبطال أوروبا حماسة الجماهير واللاعبين في أعظم ملاعب كرة القدم في أوروبا، وقد تم تأليفه وتلحينه في غضون أسابيع قليلة على يد رجل من حي كرويدون في العاصمة البريطانية لندن.

لقد أصبح دوري أبطال أوروبا بطولة أندية النخبة في كرة القدم، وسيتنافس بايرن ميونخ وباريس سان جيرمان في وقت لاحق اليوم لتحديد من سيصبح أحدث ملوك أوروبا.

ولكن قبل انطلاق المباراة سيصطف اللاعبون في لشبونة ويستمعون إلى نشيد دوري أبطال أوروبا، وهي مقطوعة موسيقية استلهمت من تتويج ملك منذ ما يقرب من 300 عام.

ويقول المؤلف الموسيقي توني بريتن: "ما زلت أحصل على عائدات حقوق الملكية لكنها ليست بالملايين، وهي بشكل أساسي من محطات البث ولكن هناك مناطق مثل الصين وروسيا حيث لا أحصل على أي عائد منها، وهذا جنون".

ويضيف قائلا: "سيخبرك أي ملحن أنه عندما تكون لديك حقوق ملكية فإنها تعوض عن الأوقات هدرتها في إنتاج شيئ غير ناجح".

وبالعودة إلى صيف عام 1992، كان برشلونة، الذي كان يلعب فيه بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي الآن، قد رفع للتو كأس أوروبا لأول مرة في ويمبلي وكان الملحن توني بريتن يؤلف ألحانا للإعلانات التلفزيونية.

وقالت وكالة تسويق إن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لديه خطط لتجديد شكل كأس أوروبا وإطلاق دوري أبطال أوروبا، وقيل لبريتن إنهم بحاجة إلى نشيد لتحفيز البطولة الجديدة، والمساعدة في إصلاح وتحسين صورة اللعبة الجميلة.

اوروبا
BBC
منذ عام 1993 يصطف اللاعبون للاستماع للنشيد قبل المباريات

ويتذكر بريتن قائلا: "لقد مضى وقت طويل ولكي نكون صادقين كان مجرد عمل آخر، لقد أصبحت منافسة كأس أوروبا القديمة مرهقة للغاية، ويرجع الفضل إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لأنهم أرادوا رفع مستوى الرياضة في وقت انتشرت فيه أعمال الشغب في جميع أنحاء أوروبا".

وأضاف قائلا: "أراد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن تكون هذه المسابقة حول أفضل ما في كرة القدم وليس الأسوأ، وقال إنه يجب أن يكون لديهم نشيد. وكان لكأس العالم في إيطاليا 3 مقطوعات، لذلك كانت الموسيقى الكلاسيكية تمثل كل مجالات الاختيارات".

ولأن الأمر كان جديدا، قال بريتن إن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لم يكن متأكدا تماما مما يريد، لذلك فقد جمع قائمة تشغيل من المقطوعات الكلاسيكية حتى يتمكن ممثلو الاتحاد من الحصول على نكهة لما قد يعجبهم.

بايرن ميونيخ أم باريس سان جيرمان.. من يضيء ملعب "النور" في نهائي أبطال أوروبا؟

هل يحطم ليفاندوفسكي رقما قياسيا لرونالدو في دوري أبطال أوروبا؟

وقدأعجب المسؤولون بأغنية الكاهن زادوك لهاندل، وهي أغنية كتبت بمناسبة تتويج الملك جورج الثاني عام 1726.

مع اتخاذ القرار فيما يتعلق بالموسيقى، توجه بريتن إلى استوديو في إيسلينغتون واستخدم جوقة أكاديمية سانت مارتن إن ذي فيلدس والأوركسترا الملكية الفيلهارمونية لتسجيل النشيد.

وقال بريتن: "يقول البعض أن اللحن مستمد من هاندل لكنه ليس كذلك، إنها فقط أول جملة موسيقية والباقي من تأليفي أنا".

وتابع قائلا: "أتذكر أنني سألت أين الكلمات؟ وقالوا إنهم يريدون شيئا ما بلغات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الرسمية الثلاث وهي الإنجليزية والألمانية والفرنسية".

واستطرد: "لذلك توصلت إلى مجموعة من صيغ مثل الأعظم والأفضل والأساتذة والحدث الرئيسي والأبطال،وترجمتها بين تلك اللغات".

ماريزا
Getty Images
المغنية البرتغالية ماريزا تؤدي النشيد قبل المباراة النهائية في لشبونة عام 2014

وأضاف قائلا: "تم التأليف في غضون أسابيع، واستغرق التلحين أياما قليلة، وعلى الرغم من أنها كانت مصممة لتكون منافسة مهمة فلم يكن هناك سوى 8 فرق ،ولم يعتقد أحد أنها ستكون المنافسة الكبرى التي أصبحت عليها الآن".

وعلى مر السنين وجد بريتن، وهو أحد مشجعينادي كريستال بالاس، نفسه داخل بعض الملاعب الشهيرة في أوروبا يستمع إلى الموسيقى التي أبدعها.

وقال: "أتذكر ذهابي إلى ملعب أرسنال وكنا قلقين بعض الشيء من أن نظام الصوت في الملعب لم يكن جيدا. كنت أتحرك حول الملعب لأنني أردت سماع الصوت في ملعب هايبري، لكنني أتذكر أنني كنت أشعر بالإثارة وأنا أستمع إليها، وكان هناك نوع من الطنين".

و بفضل امتيازات كتابة النشيد، تمكن بريتن من مشاهدة العديد من النهائيات وبعض أعظم لاعبي كرة القدم في العالم يلعبون في أوج عطائهم.

وقال: "لقد اصطحبت أخي إلى النهائي في باريس عام 2000 واستمتعنا بالمباراة، كنا نجلس في مقاعد رائعة حقا، وأشار أخي قائلا إلى إن هناك أناسا يغنون مع النشيد".

وتابع: "في الملعب الأولمبي القديم في ميونيخ التقيت بيليه، لقد كان رجلا لطيفا ولكن لسبب ما لم أحصل على توقيعه".

واستطرد قائلا: "التذكارات لا تقدر بثمن، لقد أخذنا بعض الكؤوس من إحدى الحانات خلال نهائي آخر في سان سيرو في عام 2016، لأن نادلاً أخبرنا أنه بمجرد ذهابنا سيقومون بتحطيمها جميعا".

بوسيلي
Getty Images
المغني الإيطالي أندريا بوسيلي يؤدي النشيد قبل نهائي عام 2016 في مدريد

لكن الملحن قال إن مباراة نهائية أخرى في ميلان هي تلك التي يعتبرها أعز ذكرياته.

ففي عام 2001 واحتفالا بالمباراة النهائية بين بايرن ميونيخ وفالنسيا في سان سيرو تقدم بريتن جوقة لا سكالا ميلان الشهيرة ليغني النشيد على الهواء مباشرة أمام 79 ألفاً من المشجعين الصاخبين.

ويتذكر قائلا: "لقد كانت تجربة فريدة، كان مشجعو الفريقين مجانين وأصواتهم عالية جدا. لكنهم أخذوا في الواقع يهدأون ليستمعوا للنشيد عندما كانت جوقة لا سكالا بصدد أدائه".

وقال: "ولكن جاءني أحد رجال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وقال إنه يتعين علينا سحب الجوقة قبل البدء لوجود مشاكل فنية، وكنت أعلم أن الوقت قد فات على ذلك وأدرت ظهري له، وشرعنا في الآداء ومن حسن الحظ أن فنيي الصوت تغلبوا على تلك المشاكل".

وأضاف قائلا: "كان أمرا مرعبا أن تكون في ذلك الموقف أمام 180 مليون شخص".

وكان يقف على بعد 6 أقدام من بريتن قائد فريق بايرن ميونيخ المرعب ستيفان إيفنبرغ وبعد بضع سنوات التقى الثنائي مرة أخرى عندما طلب من الملحن إجراء مقابلة تلفزيونية حية من ألمانيا.

ميسي
Reuters
يقول ميسي إن النشيد يذكرك بمدى أهمية هذه المنافسة

وقال بريتن: "قال إنه كلما سمع تلك الموسيقى كان شعر مؤخرة رقبته يقف، فقلت له إنه كان متوترا. ولكي نكون منصفين له، فإن المباراة النهائية تمثل أمرا مرهقاً للأعصاب ومالياً وعاطفياً".

وتابع: "إنها مسابقة طويلة الأمد تستمر ثلثي العام ومن النادر جدا أن تحصل على فائز واضح طوال المسابقة. وكان إيفنبرغ ذلك الرجل القوي الشهير قد قال إن الموسيقى جعلت عموده الفقري يرتعش".

لكن إيفنبرغ كان واحدا فقط من بين العديد من لاعبي كرة القدم البارزين الذين أشادوا بالموسيقى التي أصبحت تمثل إحساسا بالمناسبة في جميع أنحاء أوروبا.

فقد اشتهر عن غاريث بيل قوله إنه يريد التعاقد مع ريال مدريد للاستماع إلى نشيد دوري أبطال أوروبا.

زيدان وغوارديولا
Reuters
يقول زيدان وغوارديولا إن النشيد يمثل نكهة الحدث

وقال بريتن: "من الجميل أن يقول اللاعبون أشياء من هذا القبيل بالطبع، ولكن كي يكون الجميع صادقين تماما فإنه في الوقت الذي أنتجنا فيه هذا النشيد لم يكن لدينا أي فكرة أنه سيصبح مهماً كما هو الحال الآن".

"قمنا بعمل نسخة صاخبة"

ولا يزال بريتن، الذي يقسم وقته الآن بين لندن ونورفولك، فخورا بالدور الذي لعبه، لدرجة أنه يعتقد أنه سيكون من السخف أن يتخلص الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من نشيده.

وقال: "كل بضع سنوات، يقوم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بمراجعة، ومنذ وقت ليس ببعيد قالوا إن الموسيقى هي أقوى علامة تجارية للنشيد، وهي في أهمية اللون الأحمر لكوكاكولا".

وتابع قائلا: "لقد حاولنا التلاعب بها قليلا. قمنا بعمل نسخة صاخبة ونسخة إيقاعات وكانت النتيجة جيدة حقا".

وأضاف قائلا: "أرسلناها إلى محطات البث وقالت جميعا إنها رائعة، لكنهم سيلتزمون بالأصل".