طوكيو: وصلت أسطورة الجمباز الأميركيّة سيمون بايلز إلى أولمبياد طوكيو من أجل مواصلة كتابة التاريخ ومعادلة أو تحطيم الأرقام، إلّا أنّها ستغادر العاصمة اليابانية من دون المعدن الأصفر، بعد إحرازها برونزيّة عارضة التوازن، ولكن بثناء وإشادة لنجمة تحدّثت علنًا أمام العالم عن مشاكل في الصحّة الذهنيّة.

اختتمت بايلز مشاركتها المنقوصة في أولمبياد طوكيو بإحرازها برونزيّة عارضة التوازن بعد موجة من الإنسحابات صدمت العالم على مدى أسبوع.

إنسحبت بداية من المسابقة الكاملة للفرق بعد قفزة واحدة لمشاكل في "الصحّة الذهنيّة" متحدّثة عن "الإلتواءات"، لكنّها حصدت الفضّية مع الفريق الأميركي، قبل أن تتوالى الإنسحابات من أربع مسابقات أخرى.

قالت بايلز بعد المسابقة "كنت فقط سعيدة أنّني كنت قادرة على الأداء بغض النظر عن النتيجة. قمت بذلك لنفسي وكنت فخورة أنّني تمكّنت من المنافسة مجدّدًا".

تابعت بعد أن كشفت عن وفاة عمّتها منذ يومين "خضعت لتقييم من الأطباء هنا بشكل يومي ومن ثمّ كنت أقوم بجلستين مع أخصائيّين نفسيّين في الرياضة ما ساعدني كثيرًا. من ثم سُمح لي بالمنافسة على عارضة التوازن ما لم أتوقعه صراحة أن يحصل مساء أمس. لذا الحصول على فرصة أخرى للمنافسة على ميداليّة أولمبيّة كان جيّدًا، لأنّه بعد تمارين خمس سنوات والمجيء إلى هنا، كنت سأشعر أنّ هناك خللًا ما إذا لم أقم بشيء".

وانسحبت بايلز (24 عامًا) خلال المسابقة الكاملة للفرق، قبل أن تواصل ذلك في الأيام التالية من الحركات الأرضيّة، حصان القفز والمسابقة الكاملة للفردي التي أحرزت ذهبيّاتها كلّها في ريو 2016، إضافة إلى انسحابها من مسابقة العارضتين مختلفي الإرتفاع، قبل أن تشفي غليلها اليوم ببرونزيّة أولمبيّة ثانية في عارضة التوازن بعد اللّون ذاته في ريو 2016.

"أسقط فجأة"

وكانت الأميركية تحدّثت عن "الإلتواءات" وهي وضعيّات تسبّب فقدان التوازن وإدراك المكان في الهواء، في ظاهرة معروفة في عالم الجمباز والترامبولين.

رغم أنّ هناك حظرًا على الحضور الجماهيري، علت صيحات التشجيع عند الإعلان عن إسمها بين المشاركات في ظلّ وجود العديد من أعضاء البعثات والفرق، لا سيما الأميركية، إضافة إلى الحاضرين من متطوّعين وصحافة ومسؤولين، في مقدّمتهم رئيس اللّجنة الأولمبية الألماني توماس باخ الذي سبق أن أشاد بـ"شجاعة" بايلز بعد تصريحاتها العلنيّة.

سجّلت الأميركية 14.000 نقطة بعد أداء متمكّن متفادية تقديم حركات أكثر صعوبة تميّزت بها، خلف الصينيّة الأخرى شيجينغ تانغ صاحبة الفضيّة (14.233) فيما نالت مواطنة الأخيرة تشنتشن غوان (16 عامًا) الذهبيّة مع 14.633 نقطة.

وعن اختيارها للعودة في مسابقة عارضة التوازن "لم أكن قادرة على المنافسة في المسابقات الأخرى بدنيًا من دون أن أضع صحتي بخطر، لأنّ الإلتواءات أكثر فيها وكنت سأظلّ تائهة في الهواء وأسقط فجأة. لا أواجه هذه المشكلة على العارضة(...) عانيت من الإلتواءات سابقًا ولكن لم تكن تظهر فجأة على صعيد البطولات الكبرى، بل فقط في التمارين الروتينية".

"نحن بشر"

وصلت المتوّجة بأربع ذهبيات في ريو إلى العاصمة اليابانية طامحة لرفع مجمل عدد ميداليّاتها من المعدن الأصفر في الألعاب إلى تسع، ومعادلة الرقم القياسي للسوفياتية لاريسا لاتينينا في جمباز السيدات.

لكن حاملة 25 ميدالية في بطولة العالم، بينها 19 ذهبية، ستكتفي بفضيّة وبرونزيّة رافعة مجمل ميدالياتها الأولمبية إلى 7، ولكن مع كثير من الرسائل الثمينة.

قالت بعد المسابقة "نحن بشر، لسنا فقط لتسلية (الآخرين) وهناك أمور تحصل خلف الكواليس لا يعرف الناس عنها شيئًا. هذا أمر صعب ومختلف جدًا. لا زلنا بشرًا ولدينا مشاعر. منذ يومين توفّيت عمتي بطريقة مفاجئة وهو أمر لم أتوقّع أن يحصل وأنا في الأولمبياد".

وستحوم الأسئلة في السنوات الثلاث المقبلة ما إذا ستشارك في أولمبياد باريس 2024.

وقالت بشأن مستقبلها "الآن سأركّز على نفسي بشكل أكبر بدلًا من أخفي ما كنت أمر به. ولكن عندما نعود لدينا جولة في الولايات المتحدة مع الفتيات وأنا متحمّسة لذلك"، مضيفةً عن ألعاب باريس "أريد أن أقيّم هذا الأولمبياد بداية، كانت سنوات خمس طويلة جدًا".

وبعد تصريحاتها العلنيّة، حصلت على الإشادة من العديد من لاعبي الجمباز السابقين والحاليين الذين تحدّثوا عن صعوبات عانوا منها وأخفوها أيضًا عن العالم.

وقالت بايلز التي كانت إحدى ضحايا الطبيب السابق للفريق الأميركي للجمباز لاري نصّار الذي حُكم عليه بالسجن بتهمة الإعتداء الجنسي على مئات الرياضيّات، للاعبين الذين يواجهون المشاكل "ضعوا صحتكم الذهنيّة أولويّة فوق كل شيء، حتى ولو كان ذلك يعني تفويت المشاركة في البطولات الكبرى، لأن ذلك سيفيد صحّتكم الذهنيّة" .