ياوندي: تُعدّ كأس أمم أفريقيا التي تقام على الأراضي الكاميرونية من كانون الثاني/ يناير حتّى شباط/ فبراير المقبلين، "منارة أمل" لإقتصاد الدولة الذي تضرّر بشدة جرّاء جائحة كورونا ونزاعَين، بحسب ما يقول رجال أعمال وتجار.

من علامات الأوقات العصيبة التي تمرّ بها البلاد، أنّ عدداً قليلاً فقط من التجار يسكنون الآن في الأجنحة المحيطة بسوق الحرف اليدويّة التي عادة ما تكون مزدحمة في مدينة دوالا الساحلية، المركز الإقتصادي للدولة الواقعة في وسط أفريقيا.

يقول رئيس السوق في دوالا محمّدو إيسولها "عانينا أولاً من أزمة (التنظيم المتشدّد) بوكو حرام في أقصى الشمال، ثم الصراع الإنفصالي في المنطقة الناطقة باللّغة الإنكليزية. ثم قضى علينا كوفيد 19".

ويضيف "لقد مررنا بأشهر معقّدة للغاية، ولم يأتِ المزيد من الزوار. إنّنا نشهد شيئاً لم نسمع به من قبل".

ويتابع إيسولها قائلاً أنّ "كأس الأمم يمكن أن تغير الكثير من الأشياء مع تدفّق السياح والمشجعين".

في ياوندي ودوالا، أكبر مدينتين في الكاميرون، تنتظر البطولة التي تشارك فيها 24 دولة كل سنتين بفارغ الصبر.

يحلم الكاميرونيون بتحسّن إقتصادي ونجاح للمنتخب الوطني المكنّى بـ"الأسود التي لا تقهر" الذي تُوّج بطلاً لأفريقيا خمس مرات، كان آخرها في العام 2017.

ويُعدّ الإقتصاد الذي يمثّل أكثر من 40 بالمئة من الناتج المحلّي الإجمالي للمجموعة الإقتصادية والنقديّة لوسط أفريقيا، الأكثر تنوّعاً في المنطقة.

لكن ثلث السكان يعيشون على أقل من دولارين ونصف الدولار في اليوم، فيما يبلغ معدّل الفقر نحو 40 بالمئة.

استثمار أقل

أدّت جائحة كوفيد 19 إلى خفض الإستهلاك والإستثمارات العامة والخاصة. وبحسب البنك الدولي، فإنّ القطاعات الأكثر تضرّراً تشمل الفنادق والمطاعم ووسائل النقل.

تقول المديرة التنفيذيّة لأحد الفنادق ياوندي فرانسواز بويني لوكالة فرانس برس أنّه "بالنسبة لنا، فإنّ كأس الأمم هي الضوء في نهاية النفق".

وتشير إلى "أنّنا استثمرنا 12 مليار فرنك (21 مليون دولار) بمشاريع مستقبليّة"، مع استمرار أعمال التوسيع في المؤسسة ذات النجوم الأربع.

من جهته، يقول مدير "كاميرون تورز" للرحلات آلان بوكام أنّه "منذ أكثر من 10 سنوات بقليل، كان السياح يأتون بانتظام"، لكن "مع بوكو حرام وأزمة الناطقين بالإنكليزية، أصبح لديهم الآن (السياح) شعور بأن كل شيء يمكن أن يتغيّر في أي وقت. آمل أن تمنح كأس أمم أفريقيا السياح الرغبة في العودة إلى الكاميرون".

لكن الخبير الإقتصادي ديودون إيسومبا يعتقد أنّه "لا يمكن أن يكون لكأس الأمم تأثير قوي على الإقتصاد الكليّ".

وقال لفرانس برس أنّ "الملاعب استثمارات مرموقة لكن ليس لها أي تأثير هيكلي على حياة الناس. المواطن الكاميروني العادي يحتاج إلى الماء، والوظيفة، والحصول على الرعاية الصحيّة".

وينتقد جان ميشيل نينتشو من حزب الجبهة الإشتراكية الديموقراطية المعارض حكومة الرئيس بول بيا لخلقها "دَيْناً شريراً" باختيارها استضافة كأس الأمم.

ويقول لفرانس برس "نحن نتحدّث عن أكثر من ثلاثة آلاف مليار فرنك أفريقي تمّ منحها بالفعل لهذا الحدث"، وهو رقم لم تؤكّده الحكومة.

ويردف أنّه "كان في إمكاننا استخدام جزء من هذه الأموال لدعم العاملين الإقتصاديين، وبناء المستشفيات والمدارس، والإستثمار بكثافة في الزراعة، وتعزيز الأعمال التجارية الزراعية، وتعزيز الإمداد (بالكهرباء)".

وستجري قرعة النهائيات للبطولة الإفريقيّة الثلاثاء في العاصمة الكاميرونية ياوندي.