مدريد: سيكون الهدّاف الفرنسي كريم بنزيمة تحت المجهر مجدداً حين يقود فريقه ريال مدريد الإسباني في مواجهة تشلسي الإنكليزي حامل اللقب الثلاثاء على ملعب "سانتياغو برنابيو"، في إياب الدور ربع النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

بعد الهزيمة المحلية المذلة في 20 آذار/مارس أمام الغريم التقليدي برشلونة صفر-4 في معقله، توقع البعض أن ينهار ريال مدريد، لكن فريق المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي أظهر أنه قادر على تجاوز نكبة من هذا النوع بتحقيقه بعد ذلك ثلاثة انتصارات متتالية.

ويعود الفضل بذلك الى بنزيمة بالذات، إذ سجل ثنائية الفوز على سلتا فيغو 1-2 في المرحلة التالية قبل أن يضرب بثلاثية رائعة في مرمى تشلسي على ملعب "ستامفورد بريدج" قاد بها النادي الملكي للفوز 3-1 ليؤكد موهبته وغريزته التهديفية القاتلة بعد الخروج من ظل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو منذ رحيل الأخير الى يوفنتوس الإيطالي في صيف 2018.

وتحدث أنشيلوتي بعد فوزه الأحد في الدوري على خيتافي 2-صفر، عمّا مرّ به فريقه في الأسابيع القليلة الماضية، بالقول "لم نفقد أعصابنا بعد المباراة ضد برشلونة. كان لدينا ميزة وتعاملنا مع الوضع بهدوء".

هدوء أنشيلوتي ولاعبيه سيكون عاملاً أساسياً في مباراة الثلاثاء حيث سيسعى بنزيمة مرة أخرى الى التأكيد بأنه الرقم 9 الأكثر فتكاً حالياً في العالم.

يمكن القول من دون تردد إن بنزيمة ليس أفضل هداف في العالم وحسب، بل هو أفضل لاعب بالمجمل نظراً الى ما يقدمه هذا الموسم على الصعيدين المحلي والقاري.

وبعد ثلاثيته التي قلب عبرها الطاولة على كيليان مبابي وزميليَه الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار وقاد بها ريال لإقصاء سان جرمان من ثمن نهائي دوري الأبطال، ضرب بنزيمة مجدداً الثلاثاء الماضي في "ستامفورد بريدج" بتسجيله ثلاثية أخرى جعلت تشلسي مهدداً بشكل كبير بالتنازل عن اللقب.

في السباق على جائزة الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة "فرانس فوتبول" سنوياً، لم ينل بنزيمة مرة أخرى التقدير الذي يستحقه وحل في النسخة الأخيرة رابعاً خلف ميسي، البولندي روبرت ليفاندوفسكي والإيطالي جورجينيو.

لكن بنزيمة "لا يبكي" على ضياع حلمه مرة أخرى بإحراز الكرة الذهبية وفق ما أفاد أنشيلوتي في تشرين الثاني/نوفمبر، ويواصل تركيزه على قيادة ريال لاستعادة لقب الدوري الإسباني من جاره أتلتيكو والفوز بلقبه الرابع عشر في دوري الأبطال.

"الملك" في النادي الملكي

وفي ظل استمرار الحديث عن رغبة ريال بضم مبابي أو النروجي إرلينغ هالاند من بوروسيا دورتموند الألماني، يؤكد بنزيمة مراراً وتكراراً أنه ما زال "الملك" في النادي الملكي.

وبفضل ثلاثيته الأربعاء في أمسية "ساحرة مثل تلك التي كانت ضد باريس سان جرمان في برنابيو" وفق ما أفاد الأربعاء، رفع بنزيمة رصيده الى 37 هدفاً في 37 مباراة هذا الموسم في كافة المسابقات، بينها 11 في 8 مباريات في المسابقة القارية الأم و24 في صدارة ترتيب الدوري الإسباني الذي يتزعمه فريقه بفارق 12 نقطة عن أقرب ملاحقيه.

وبات بذلك أول فرنسي يصل الى 10 أهداف أو أكثر منذ انطلاق دوري الأبطال بداية التسعينات والأول في المسابقة بصيغتيها السابقة (كأس الأندية الأوروبية البطلة) والحالية، منذ جوست فونتان موسم 1958-1959 بحسب "أوبتا" للاحصاءات.

وفي حال نجح ريال في البناء على فوزه في "ستامفورد بريدج" خلال لقاء الإياب الثلاثاء في مدريد ونجح في الذهاب حتى النهاية وتعزيز رقمه القياسي بعدد ألقاب المسابقة (13 حالياً)، بالتزامن مع الفوز أيضاً بلقب الدوري المحلي، سيحقق بنزيمة أخيراً حلم إحراز الكرة الذهبية حيث سيكون على بعد قرابة شهرين من احتفاله بميلاده الخامس والثلاثين (يقام الحفل هذا العام في تشرين الأول/أكتوبر فيما يحتفل بعيد ميلاده في كانون الأول/ديسمبر).

رغم أعوامه الـ34، يبدو بنزيمة في تحسن متواصل أو يصح القول إن العالم بدأ يلتفت اليه أكثر فأكثر، بعدما عاش طويلاً تحت ظل رونالدو.

بعد المباراة في غرب لندن، أشار أنشيلوتي الى شعور متزايد لدى بنزيمة بأهميته في الفريق، موضحاً "إنه لاعب يشعر بتزايد دوره كقائد يوماً بعد يوم، ويشعر بأنه بات أكثر أهمية في الفريق".

ورأى الإيطالي أن "هذا ما يصنع الفارق بالنسبة له، هذه شخصيته".

تزايد أهميته

بدأ بنزيمة يشعر بتزايد أهميته منذ رحيل رونالدو وتزامناً مع تراجع مستوى الويلزي غاريث بايل وصولاً الى مغادرة القائد السابق سيرخيو راموس الى سان جرمان الصيف الماضي.

بقي بنزيمة في القلعة البيضاء، ونما إحساسه بالمسؤولية أكثر فأكثر.

قد يكون الكرواتي لوكا مودريتش، الألماني توني كروس والبرازيلي كازيميرو "ملوك" خط الوسط، والبلجيكي تيبو كورتوا الحارس الأمين لعرين الـ"ميرينغيس"، لكن بنزيمة هو بمثابة التميمة، اللاعب الوحيد الذي لا يمكن لريال أن يستبدله الآن.

يحتفل بنزيمة بميلاده الخامس والثلاثين في 19 كانون الأول/ديسمبر أي في اليوم الذي يلي المباراة النهائية لمونديال قطر 2022، ما يعني أن الاحتفال سيكون بنكهة خاصة جداً في حال نجح مع مبابي ورفاقهما في قيادة "الديوك" الى لقبهم العالمي الثاني توالياً والثالث في تاريخهم.

لكن من الآن وحتى حينها، سيحاول بنزيمة تعزيز مكانته كأحد أفضل اللاعبين الذين مروا على النادي الملكي الى جانب أساطير مثل رونالدو، إن كان البرتغالي أو البرازيلي، ألفريدو دي ستيفانو، راوول غونساليس، المجري فيرينتس بوشكاش أو مواطنه ومدربه السابق زين الدين زيدان.

وبانتظار ما ستؤول إليه الأمور بشأن صفقة قدوم مبابي أو هالاند الصيف المقبل، سيقدّم بنزيمة كل ما لديه لما تبقى من مشوار فريق أنشيلوتي هذا الموسم ليؤكد أنه لن يعيش أي سيناريو مشابه لحقبة رونالدو ولن يعود الى أن يكون في الظل مجدداً.