قد تبدو رحلة أمير البازي نحو المشاركة كأول مقاتل عراقي في أهم بطولات الفنون القتالية المختلطة أصعب من أي من مواجهاته السابقة.

وُلد نجم "بطولة القتال النهائي" الصاعد في بغداد، ولكنه نشأ في السويد، حيث هاجرت عائلته في السنوات التي سبقت الغزو الأمريكي للعراق.

عند وصوله إلى السويد في طفولته، لم يكن يتحدث السويدية، وتعرّض إلى صدمة ثقافية شديدة في محيطه الجديد.

وفي حديثه إلى بي بي سي نيوز عربي، يقول البازي: "في المدرسة، لم أستطع أن أفهم ما يقوله الناس، ولكنني كنت أعلم أنهم يسخرون مني، ولم أستطع التعبير عن نفسي إلّا بقبضتيّ".

وأوضح المقاتل، البالغ من العمر 29 سنة، أنّ عالمه تغيّر تمامًا عندما عثر بالصدفة على الفنون القتالية المختلطة لأول مرة عبر شاشة التلفزيون. وهنا وقع في غرامها من أول نظرة.

وتجمع الفنون القتالية المختلطة بين تقنيات من مختلف مجالات الفنون القتالية، بما في ذلك الكيك بوكسينغ والجوجيتسو البرازيلية والملاكمة والمصارعة.

وقد نشأت الرياضة في أوائل تسعينيات القرن الماضي سعيًا لاكتشاف أسلوب القتال الأكثر فعالية. وعلى الرغم من بداياتها المتواضعة، إلّا أنّها تتمتع اليوم بملايين المعجبين في جميع أنحاء العالم.

وفي استوكهولم، بحث البازي فورًا عن أقرب صالة رياضية ليتعلم هذه الرياضة القتالية الناشئة. ولكنها في ذلك الوقت كانت تُعتبر قاسية للغاية بالنسبة للمراهقين، لذا لم يكن أمام اللاجئ الشاب سوى التدرُّب على الجوجيتسو، وهي طريقة رائجة لإجبار الخصم على الإستسلام والخضوع.

وقد منحته هذه الرياضة الثقة التي كان يحتاج إليها وأبعدته عن المشاكل والصعوبات التي كانت تحيط به في ضاحية بريدانج في استوكهولم.

وفي سنوات مراهقته، أحرز البازي العديد من ألقاب الجوجيتسو الهامة وسافر إلى مختلف البلدان الأوروبية للمشاركة في مباريات الفنون القتالية المختلطة، حيث اضطر للكذب بشأن سنّه ليُسمح له بالدخول إلى حلبة القتال.

وانتقل البازي بعد ذلك إلى لندن لدراسة علوم الرياضة، ثم إلى مدينة لاس فيغاس الأميركية، حيث يقع مقر أكبر وأهم اسم في الرياضة، "بطولة القتال النهائي".

التحدي القادم

يُعرف البازي الآن بلقب "البرنس"، ويتمتع بما يقرب من 15 سنة من الخبرة في هذه الرياضة. كما يحلم بأن يصبح أول بطل عراقي وعربي في تاريخ "بطولة القتال النهائي".

وقال البازي: "أشعر بأنني أحمل مسؤولية كبيرة على عاتقي لكوني العراقي الوحيد في 'بطولة القتال النهائي'، وكأنني أمثل بلادي والعالم العربي بأكمله".

ينافس البازي في وزن الذبابة (57 كغم)، ويحفل سجله المثير للإعجاب بـ 15 فوزًا، مقابل خسارة واحدة. وقد حقق أغلب انتصاراته بإخضاع خصومه عن طريق وضعية الخنق.

ومن المقرر أن يعود البازي إلى الحلبة يوم 17 ديسمبر/كانون الأول لمواجهة براندون رويفال، صاحب المركز الرابع في المجال. وسوف تكون هذه مباراته الرابعة في "بطولة القتال النهائي".

وقال البازي إنّه سيتبع خطته المعتادة، موضحًا: "سأخضعه وأجهده حتى الخنق".

لماذا أثارت لاعبة التنس التونسية جدلا حول علاقة السياسة بالرياضة؟

مو فرح: هُرّبت إلى بريطانيا وأنا طفل لأعمل خادما

فخر وطني

وأوضح البازي أنّ هدفه الثاني في الحياة هو العودة إلى العراق وتطوير الفنون القتالية المختلطة في وطنه المنكوب. وقال إنّ "جميع العراقيين أبطال في صميمهم، لذا سيتحقق الأمر بشكل تلقائي. وكل ما يحتاجون إليه هو الدعم والتسهيلات للتدريب".

ويحلم المقاتل بأن يصبح قدوة لجيل الرياضيين الشباب في العالم العربي، وهو ما حققه الروسي حبيب نورمحمدوف والكاميروني فرانسيس نغانو.

وكان البازي قد التقى بالمتحدث باسم الجيش العراقي بعد فوزه الأخير في البطولة لمناقشة سبل تطوير الرياضة في العراق.

وعلى الرغم من نشأته في الخارج، إلّا أنّه ظل على مقربة من ثقافته، ودائمًا ما يدخل إلى مبارياته حاملًا العلم العراقي على كتفيه.

وأضاف البازي: "يخجل كثير من العرب في الغرب من تراثهم، ولكن ينبغي أن يكون الأمر بالعكس. فالتقاليد والقيم العربية هي ما تكوّن شخصيتي وتمنحني القوة".

"أخيرا كرة القدم تبتسم للعرب"

متسلقة جبال حققت إنجازات عالمية تتسبب في حزن كبير.. لماذا؟

وفي فيلم وثائقي أُطلق مؤخرًا، يمدح البازي الفوائد الصحية لأحد الأطباق العراقية الوطنية، وهي شوربة الباجة المصنوعة من رؤوس الأغنام المسلوقة وغيرها من الأحشاء.

وإلى جانب تركيزه على هدف واحد، ينسب البازي الكثير من نجاحه إلى إيمانه الديني، قائلًا: "لقد رأيت العديد من كبار المقاتلين يتوترون قبل القتال. ولكنني دائمًا ما أحافظ على هدوئي بفضل إيماني بالله. فأنا أعلم أن كل شيء قد كُتب من أجلي".

وأضاف: "طوال مسيرتي المهنية كنت أرى الآخرين يؤدون عشر مجموعات من التمارين، ولكنني كنت أبقى وقتًا إضافيًا وأؤدي المزيد من التمارين. ولم أكن أكثرهم موهبةً أو قوةً أو ذكاءً، ولكنني كنت عنيدًا".