باريس : بعد مئة عام على استضافة باريس لدورة الالعاب الاولمبية الصيفية بـ "الابيض والأسود" آنذاك، تأمل فرنسا ان تكون الصورة مضيئة بالالوان من كل الجهات، ذلك قبل ستة أشهر من انطلاق المنافسات بين 26 تموز/يوليو و11 آب/أغسطس المقبلين وسط اوضاع دولية متوترة.
يقول رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد باريس، البطل الأولمبي ثلاث مرات توني إستانغيه "منذ 10 سنوات، ونعمل بكل قوة كي تتألق فرنسا وترحب بالعالم. وكي نكون جاهزين".
لا شك انّ استضافة الألعاب في قلب باريس على مقربة من برج ايفل، أو في ميدان كونكورد مروراً بقصر ليزانفاليد الى جسر الكسندر الثالث ووصولا الى نهر السين. لا شك انّه أمر مغر لكنّه محفوف ايضا بالمخاطر!
فمنذ حصول باريس على حق الاستضافة عام 2017، تراكمت الازمات من دون هوادة.
ففي البداية، أدّت جائحة كوفيد 19 الى تأخير العديد من المشاريع، ثمّ ألقت الحرب في أوكرانيا بظلالها، مما ادّى الى رفع الميزانية المطلوبة من قبل اللجنة المنظمة المعروفة باسم "كوجو" والشركة المسؤولة عن مواقع البناء الاولمبية (سوليديو).
رغم ذلك، فإنّ القرية الاولمبية التي ستُستخدم لاحقا كمكاتب وشقق سكنية بعد الانتهاء من الالعاب الاولمبية، ستُشيّد بالكامل في الوقت المحدّد.
كما ستسلّم مفاتيح هذه المنطقة الجديدة الواقعة في سان دوني (الضواحي الشمالية) إلى اللجنة المنظمة في بداية شهر أذار/مارس المقبل.
– شكاوى بالجملة–
الا انّ الاجواء التي تسبق انطلاق الالعاب ليست مثالية تماماً، إذ إن سلسلة إجراءات في الآونة الاخيرة تركت أثرًا سلبيًا عند الرأي العام.
فوجئ سكان العاصمة في كانون الاول/ديسمبر الماضي بالاخبار حول مضاعفة تذاكر التنقل خلال الالعاب، وبأنّه عليهم العمل من المنازل من اجل ترك أماكن شاغرة في قطارات المترو والحافلات المزدحمة.
كذلك، أدى الاعلان عن الإجراءات الأمنية المنوي اتخاذها، الى انتشار مزاعم حول النية بإغلاق بعض أجزاء المدينة على غرار فترة كوفيد 19، بينما أثير جدل حول التأثير البيئي لبرج الحكام في مكان ركوب الأمواج في بولينيزيا الفرنسية.
وفيما يتواصل الغزو الروسي لأوكرانيا، قد يحتك رياضيو البلدين خلال المنافسات، علماً ان الرياضيين الروس والبيلاروس سيشاركون في المسابقات الفردية تحت علم محايد.
وإضافة الى ذلك، نشبت خلافات علنية بين رئيسة بلدية العاصمة آن هيدالغو المعروفة بانتمائها الاشتراكي وحكومة الرئيس إيمانويل ماكرون الوسطية بعد أن زعمت هيدالغو أن إجراءات النقل المخطط لها في باريس "لن تكون جاهزة".
وقال فيليب مورو شيفروليه، محاضر في التواصل في جامعة العلوم السياسية في باريس ومؤسس وكالة معنية بالعلاقات العامة "كانت هناك سلسلة من القضايا التي تم التعامل معها بشكل سيئ من ناحية التواصل".
وقال لوكالة فرانس برس "بدلا من شدّ الناس نحو الألعاب، خلقوا شعورا بعدم الثقة".
من ناحية أخرى، أصدرت رابطة أصحاب الفنادق والمطاعم في فرنسا بيانا غير عادي في وقت سابق من هذا الشهر، أدانت فيه السياسيين الفرنسيين بسبب تصريحاتهم التي تبعث بالسلبية حيال الألعاب وحثتهم على الاجتماع معا.
وأضاف البيان "بشكل عام، نحث بقوة كافة سلطاتنا العامة، بشكل جماعي ومتضامن، على التحدث بشكل إيجابي ومسؤول".
وتتركز الشكاوى الأخرى على أعمال البناء التي تعيق حركة المرور يوميا في جميع أنحاء العاصمة، في حين أن الاستياء كما تبرز حالة سخط من ارتفاع اسعار التذاكر وعدم قدرة المواطنين على تحمل اعبائها.
وسيشهد أولمبياد باريس "أغلى اسعار تذاكر لألعاب القوى في تاريخ الألعاب الأولمبية" حسب ما أفاد رئيس الاتحاد الدولي لالعاب القوى سيباستيان كو الشهر الماضي.
كو الذي تابع أكثر من دورة أولمبية بدءا من أولمبياد لندن 2012 من موقعه كرئيس للاتحاد أضاف بأنه "قلق حيال عائلات بعض اللاعبين في ألعاب القوى لناحية عدم قدرتهم على الحضور".
وانتقد استانغيه "الهجوم اللاذع بحق الأولمبياد" في وسائل الإعلام، وأعرب بطل التجذيف السابق عن استيائه من تركيز الكثيرين على السلبية.
وقال لراديو فرانس إنتر هذا الشهر "نود أن نستمر في النظر إلى الامور التي لا تسير على ما يرام، ونركز على الأشياء التي ليست في محلها، والتركيز على نقاط ضعفنا، في الوقت الذي ترغب فيه بعض الدول بإبراز صفاتها ونقاط قوتها".
"أمر ليس بغير عادي"
ورأت جينيفر مينر، الأكاديمية في جامعة كورنيل ومقرها الولايات المتحدة والتي تتخصص في مجال الأحداث الدولية الكبرى، إن السكان المحليين المتذمرين هم شيء معتاد في اي عملية تحضير لالعاب مماثلة.
وقالت لوكالة فرانس برس "لقد وجدت أن التشاؤم ليس أمرا غير عادي مباشرة قبل تنظيم حدث ضخم، خصوصًا عندما تصبح الاستضافة قريبة وأكثر وضوحاً".
كذلك، يُعدّ عامل الاداء والنتائج من ابرز ما تخشاه الدول المضيفة قبيل استضافتها للالعاب، إذ تصبو غالباً الى الخروج بأفضل نتيجة ممكنة على ارضها.
وأظهرت استطلاعات رأي بأنّ الفرنسيين متوترون في المقام الاول من المشاكل الامنية، لاسيما في حفل الافتتاح والذي سيقام على ضفاف نهر السين.
فوسط اجواء دولية متوترة وآخرها الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، سيكون على الحكومة الفرنسية إيلاء الشأن الامني اهمية قصوى.
وسيشارك الوفد الاسرائيلي في حفل الافتتاح على نهر السين، بحسب ما أكّدت رئيسة اللجنة الأولمبية يائيل أراد لوكالة فرانس برس. فيما تتركز الانظار على المواجهات بين الرياضيين الاسرائيليين والعرب.
التعليقات