إيلاف من باريس: هل يحق للاعب كرة القدم التحدث عن السياسة وشؤونها علناً؟ قد يبدو السؤال مستفزاً نوعاً ما، فلاعب الكرة انسان و"مواطن"، ولكن هناك من يعتقد أن التأثير الذي يملكه نجوم كرة القدم قد يجعلهم يؤثرون سلباً على حزب معين، أو توجه سياسي بعينه يعتنقه الملايين في هذا البلد أو ذاك.

ولكي تتضح ماهية القضية المطروحة، فقد تحدث كيليان مبابي نجم منتخب فرنسا، وأحد أكثر رموزها شهرة وتأثيراً، علناً وبصورة مباشرة عن رفضه وصول اليمين المتطرف لحكم فرنسا، وقال إنه يريد فرنسا المتسامحة، لا فرنسا المتطرفة، وشدد مبابي على أن الحديث عن السياسة في المرحلة الحالية أكثر أهمية من الحديث عن كرة القدم على حد وصفه.

اترك السياسة لأهلها !
"يجب أن نترك السياسة للآخرين".. بهذه الكلمات تحدث حارس مرمى إسبانيا تعليقاً على الحديث السياسي للنجم الفر نسي كيليان مبابي، وأكد أوناي سيمون الاثنين إلى أنه ليس من حق قائد المنتخب الفرنسي كيليان مبابي التحدث علناً "ضد التطرف والأفكار المثيرة للانقسام" قبل الانتخابات العامة في فرنسا.

وقال سيمون، الحارس الأول لمنتخب إسبانيا، إن اللاعبين أبدوا آرائهم كثيرًا في موضوعات مثل السياسة.

وتابع في مؤتمر صحفي: "كيليان شخص لديه تأثير كبير في العالم وفي المجتمع، في النهاية، إنه موضوع سياسي. أعتقد أننا نميل أحيانًا إلى إبداء آراء أكثر من اللازم حول مواضيع معينة عندما لا أعرف ما إذا كان ينبغي لنا ذلك أم لا، ولا أعرف ما إذا كان ينبغي علينا القيام بهذه الأشياء.

"أنا هنا، لاعب كرة قدم، أركز على كرة القدم، والشيء الوحيد الذي يجب أن أتحدث عنه هنا معك هو المواضيع الرياضية، واترك السياسة للأشخاص والمنظمات الأخرى".

الاتحاد الفرنسي: نحترم حرية التعبير ولكن!
وبعد حديث تورام يوم السبت، أصدر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم بيانا طالب فيه الفريق بعدم التعرض "لأي شكل من أشكال الضغط والاستغلال السياسي".

وقال الاتحاد إنه على الرغم من احترامه لحرية التعبير، إلا أنه "يتمنى أن يتم احترام حياده من قبل الجميع... وكذلك حياد الفريق".

لكن مبابي (25 عاما) أيد يوم الأحد تورام وتصريحاته.

وقال مبابي: "بطولة أوروبا مهمة للغاية في مسيرتنا المهنية، لكننا مواطنون أولاً وقبل كل شيء، ولا أعتقد أنه يمكن عزلنا عن العالم من حولنا".

"اليوم يمكننا جميعا أن نرى أن المتطرفين قريبون جدا من الفوز بالسلطة ولدينا الفرصة لاختيار مستقبل بلدنا.

"لهذا السبب أدعو جميع الشباب إلى الخروج والتصويت، ليكونوا مدركين حقًا لأهمية الوضع.

التسامح والتنوع
"تحتاج البلاد إلى التماهي مع قيم التنوع والتسامح. وهذا أمر لا يمكن إنكاره. وآمل حقا أن نتخذ القرار الصحيح."

وستواجه فرنسا المرشحة للبطولة النمسا في وقت لاحق اليوم الاثنين في المباراة الافتتاحية لبطولة أمم أوروبا 2024.

ماذا يحدث في فرنسا؟
بعد أسبوع على قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المفاجئ حل الجمعية الوطنية، تبدأ فرنسا رسميا اليوم الاثنين حملتها للانتخابات التشريعية المبكرة استنادا إلى اللوائح النهائية للمرشحين التي توصلت إليها الأحزاب وتحالفات تم تشكيلها على عجل.

وفيما يتخوف العديد من المراقبين من صعود أقصى اليمين، فجر نجم المنتخب الفرنسي لكرة القدم وقائده كيليان مبابي قنبلة من العيار الثقيل.

فقد أكد بوضوح خلال مؤتمر صحفي مساء الأحد، موقفه من الانتخابات المفصلية المقبلة في البلاد، قائلاً إنه "ضد التطرف والأفكار المسببة للانقسام".

إلا أن نجم الكرة الفرنسية الذي انتقل مؤخراً إلى ريال مدريد الإسباني بعد انتهاء عقده مع باريس سان جيرمان، لم يبد تأييده صراحة لطرف ضد آخر قبل الانتخابات التي ستجرى الجولة الأولى منها في 30 حزيران (يونيو) الحالي، على أن تقام الجولة الثانية في 7 تموز (يوليو)، لكن كلامه فهم من قبل البعض على أنه ضد "أحزاب أقصى اليمين"

لحظة حاسمة
وقال مبابي ابن الـ 25 عاماً، في مؤتمر صحافي عقده في دوسلدورف حيث تلعب فرنسا، اليوم الاثنين، مع النمسا مباراتها الافتتاحية في كأس أوروبا: أعتقد أنها لحظة حاسمة في تاريخ بلادنا، نحن في وضع غير مسبوق"

كما أضاف:" كأس أوروبا مهمة للغاية في مسيرتنا، لكننا مواطنون أولاً وقبل كل شيء ولا أعتقد أنه يمكننا الانفصال عن العالم من حولنا. اليوم، يمكننا جميعاً رؤية المتطرفين قريبين جداً من الفوز بالسلطة ولدينا الفرصة لاختيار مستقبل بلادنا"

دعا جميع الشباب إلى الخروج والتصويت، "ليكونوا مدركين حقاً لأهمية الوضع، قائلا إن "البلاد تحتاج إلى التماهي مع قيم التنوع والتسامح."

من حقنا التحدث في السياسة
كما أضاف اللاعب المولود لأب كاميروني وأم من أصول جزائرية "يجب ألا نختبئ... البعض يقول إنه لا ينبغي الخلط بين كرة القدم والسياسة، لكن عندما تكون في مثل هذه الظروف، فإن الأمر مهم للغاية، وأكثر أهمية من مباراة الغد" في إشارة إلى مباراة الإثنين بين فرنسا والنمسا.

أتت تلك التصريحات فيما تعيش فرنسا فترة حرجة، وسط صعود لليمين. فيما تظاهر 250 ألف شخص على الأقل، السبت، ضد أحزاب أقصى اليمين التي باتت تبدو في موقع قوة مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة.

وكانت نقابات وجمعيات وأحزاب يسارية قد دعت إلى "مد شعبي" لدرء فوز جديد يتوقع أن يحققه حزب التجمع الوطني في جولتي الانتخابات التشريعية بعد تفوّقه الأحد الماضي في الاستحقاق البرلماني للاتحاد الأوروبي في تطور دفع رئيس البلاد إلى حل الجمعية الوطنية.