تودع محكمة جنايات القاهرة غدًا الثلاثاء حيثيَّات حكمها في قضيَّة مقتل الفنانة اللبنانيَّة، سوزان تميم، والمتهم فيها رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، وضابط مباحث أمن الدولة السابق محسن السكري.


القاهرة: ستتضمَّن حيثيَّات الحكمفي قضيَّة مقتل الفنانة اللبنانيَّة، سوزان تميم، والمتهمبها رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى وضابط مباحث أمن الدولة السابق محس السكري،كل الجوانب القانونيَّة للحكم المفاجئ الصادر عن المستشار عادل عبدالسلام جمعة.

وكان رئيس المحكمة قد فاجأ الجميع بإصداره حكمًا مفاجئًا بسجن رجل الأعمال هشام طلعت 15 عامًا بتهمة التَّحريض على القتل، بينما قررسجن محسن السكري 25 عامًا بتهمة القتل العمد و3 سنوات أخرى لحيازته سلاحًا من دون ترخيص، ليبعد بذلك حبل المشنقة عن رقبتهما بعد أنّْ قرَّرت محكمة أوَّل درجة إعدام المتهمين، وذلك من دون الإستماع إلى مرافعة الدفاع او إلى الشهود.

سوزان تميم قصَّة لم تنته بعد
وستظل القضيَّة مستمرة، حيث سيقدٍّم الدفاع طلبًا لنقض الحكم بعد دراسة الحيثيات الَّتي تعلن غدًا لتنظر محكمة النقض فيه، بإعتبار أنَّ هذه المحكمة من شأنها إمَّا إبقاء الحكم أوتخفيفه في حال عدم طعن النيابة به، وهو الأمر الذي نادرًا ما يحدث لأنَّ النيابة لا تطعن إلاَّ بأحكام البراءة.

وترجع وقائع القضيَّة إلى يوم 28 يوليو 2008 حيث إستفاق الوطن العربي على خبر مقتل الفنانة اللبنانيَّة الشَّابة، سوزان تميم، في شقَّتها بدبي، وتميم لم تكن مشهورةً في مصر واقتصرت أخبارها على الشَّائعات والخلافات طيلة فترة تواجدها في القاهرة، الَّتي غادرتها قبل مقتلها بفترة للإقامة في لندن، ثم في دبي.

ونشر الخبر في الصحف المصريَّة في الصفحة الأخيرة أو في صفحات الحوادث، لكن إهتمام شرطة دبي، والحديث عن تورط سياسي مصري في القضيَّة، نقل الخبر في الأيَّام التالية إلى العناوين العريضة للصحف، وتصدَّرت صورة سوزان تميم أغلفة المجلاَّت الفنيَّة والجرائد بكافة انتمائتها وتياراتها الفكريَّة والسياسيَّة، لتحقِّق شهرةً لطالما حلمت بهاخلال حياتها ووصلت إليها بعد مماتها.

وتمكَّنت شرطة دبي من خلال كاميرات المراقبة الموجودة في المنطقة المحيطة ببرج الرمال الذي كانت تقيم فيه الفنانة اللبنانيَّة المغدورة، من تحديد هوية المترددين عليها وقت ارتكاب الحادث، ومن خلال تحليل الحمض النووي لضابط مباحث أمن الدولة السابق محسن السكري في المكان نفسه.

وتمَّ إلقاء القبض على السكري في القاهرة يوم 8 أغسطس خلال وجوده في إحدى الفنادق ووجِّهت إليه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وأرسلت شرطة دبي بلاغًا إلى قوى الأمن المصريَّة لإلقاء القبض على المتهم الذي غادر الإمارات فور ارتكابه الجريمة.

وبدأت فصول القضيَّة، الَّتي حملت رقم 10205 جنايات قصر النيل، تتشابك وتتعقَّد مع مرور الوقت خصوصًا بعد أنَّ اتهم السكري رجل الأعمال وعضو مجلس الشورى، هشام طلعت مصطفى، بتحريضه على قتلها مقابل 2 مليون دولار، وهو المبلغ الذي عثر عليه داخل إحدى أفران الطهي لدى السكري وقرَّرت المحكمة مصادرته.

وكان مصطفى خارج القاهرة وقت القبض على السكري، وعاد إليها بعد 3 أيَّام تقريبًا، وظهر على شاشة التليفزيون المصري عبر برنامج quot;البيت بيتكquot; نافيًا علاقته بجريمة القتل، إلاَّ أنَّ النائب المصري قرَّر توقيفه ومنعه من السفر، ورفع الحصانة البرلمانيَّة عنه.

بعد ذلك صدر قرار بحظر النشر في القضيَّة، وهو القرار الذي لم تلتزم به عدد من الصحف، فتم إحالة أصحابها ورؤساء تحريرها إلى محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار المحمدي قنصوة.

واستمرت الجلسات في الانعقاد طوال أكثر من 7 أشهر حيث استمعت المحكمة على مدار 29 جلسة إلى الشهود، ومرافعة النيابة الَّتي طالبت بإعدام المتهمين، والى المدعيين بالحق المدني، كما وافقت المحكمة على الاستماع إلى شهادة عدد من المسؤولين في شرطة دبي، إلاَّ أنَّ عدد منهم لم يحضر.

وشهدت المحاكمة الأولى خلافًا بين هشام والسكري سرعان ما تحول إلى تنسيق متبادل بين دفاع الطرفين، بعدما تأكدوا أنَّ براءة السكري تعني براءة طلعت، وأنَّ مصير كل منهما مرتبط بالأخر، كما تم احتواء خلاف بين فريق الدفاع عن هشام.

وقرَّرت المحكمة في ختام الجلسة رقم 28 من القضية، إحالة أوراق المتهمين إلى المفتي لاستطلاع رأيه بشأن تطبيق عقوبة الإعدام على المتهمين، وقضت المحكمة في الجلسة الَّتي عقدت بتاريخ 25 يونيو بإعدام المتهمين شنقًا.

بعدها أودعت محكمة الجنايات حيثيات حكمها في القضية في آخر أيَّام المهلة الَّتي حدَّدها القانون، وقدَّم الدفاع طعنًا في قرار المحكمة لاستئناف الحكم، استنادًا إلى ثغرات اعتبر الدفاع أنَّها ستبطل الحكم، وهو الموقف نفسه الذي تبناه محامي السكري الذي قدَّم 12 سببًا للطعن في الحكم واستئنافه.

ووافقت محكمة النقض في جلستها المنعقدة بتاريخ 4 مارس على نقض الحكم، وإعادة محاكمة المتهمين مجدَّدًا أمام دائرة أخرى، وخلع طلعت ومحسن البدلة الحمراء وارتديا البيضاء في انتظار الحكم الجديد.

وتحدَّدت الدائرة الَّتي ستنظر في القضية وكانت برئاسة المستشار عبد السلام جمعة واستمرت جلسات إعادة المحاكمة حتَّى أصدرت المحكمة حكمها المفاجئ.

وحاول دفاع المتهمين خلال جلسات إعادة المحاكمة الَّتي استمرت على مدار 13 جلسةً التشكيك في دقَّة التَّسجيلات المصوَّرة الَّتي تمَّ التقاطها للمتهم الأوَّل محسن السكري، وعدم دقَّة مواعيدها، إلاَّ أنَّ الدفاع فشل في تلك المحاولة أمام المحكمة على الرغم من أنَّ هشام قال خلال هذه الجلسة أنَّ هذه الكاميرات هي نفسها الَّتي يتم استخدمها في فندقه الـquot;فورسيزونquot; وأنَّه سبق أنّْ تمَّ التلاعب فيها، سواء في التوقيتات، أو في إدخال وإخراج أشخاص من الصورة.

وشهدت جلسات إعادة المحكمة في بدايتها غياب سحر شقيقة هشام، وهو ما فسر فيما بعد بوجودها خارج البلاد في جولة مكوكيَّة أسفرت عن تنازل عبد الستار تميم والد سوزان عن اتهامه لشقيقها بالتحريض على قتل ابنته، وقيل أنه كان مقابل مبلغ مالي وصل إلى 750 مليون جنيه، وهو التنازل الذي أخذه رئيس المحكمة في عين الاعتبار لدى صدور الحكم، وأدى إلى تخفيض عقوبة التحريض على القتل إلى 15 عامًا،في حينحكم على السكري بالسجن لمدَّة 25 عامًا.

كما تسبَّبت أزمة القضاة والمحاميين في تأجيل النظر في القضية لمدة 3 أشهر تقريبًا، بعدما فشل فريق الدفاع عن المتهمين بالحصول على استثناء من نقابة المحاميين للمرافعة في القضيَّة، وهو ما أدى بدوره إلى تأجيل مرافعة النيابة.

وخلال هذه الفترة انتهت مدة السجن الاحتياطيَّة للمتهمين، الَّتي وفقًا للإجراءات القانونيَّة لا يجب أنّْ تتجاوز أكثر من عاميين، الأمر الذي دفع فريق الدفاع إلى طلب الإفراج عن المتهمين مقابل ضمان مالي، إلاَّ أنَّ رئيس المحكمة رفض الطلب، وجدَّد سجن المتهمين 45 يومًا على ذمة القضية.

وطالبت النيابة في مرافعتها الإعدام للمتهمين لأنَّ المجتمع ينتظر القصاص منهم، وبعد مرافعة النيابة طلب دفاع المتهمين استدعاء 19 شاهدًا جديدًا، إلاَّ أنَّهم عادوا وتراجعوا عنهم في الجلسة التالية، وهو الأمر الذي دفع برئيس المحكمة للإستماع إلى شاهدة واحدة، ورفع الجلسة للتداول، ليقوم بعدها بإصدار حكمه القاضي بسجن المتهم الأوَّل محسن السكري 25 عامًا بتهمة القتل، و3 أعوام أخرى بتهمة حيازة سلاح من دون ترخيص، وسجن المتهم الثاني هشام طلعت 15 عامًا بتهمة التحريض على القتل وذلك من دون الإستماع إلى مرافعة دفاع المتهمين، وذلك في حكم مفاجئ لم يتوقَّعه أحد لاسيما وأنَّ الجلسة الَّتي صدر فيها الحكم وصادفت يوم 28-9-2010 كانت مخصَّصة للإستماع إلى الشهود الذين طلبهم الدفاع.