القاهرة: في الماضي، كان المخرج وحده هو سيد العمل، والمسئول عنه من الألف إلى الياء، ولكن شهدت السنوات الأخيرة، استفحال ظاهرة اختيار الفنان الذي يجسد دور البطولة أو المنتج لفريق العمل من الممثلين. ففي الأسابيع القليلة الماضية، تتواتر أنباء من حين لآخر حول أختيار الفنان عادل إمام لفريق عمل مسلسله الجديد quot;فرقة ناجي عطا اللهquot;، المزمع عرضه خلال شهر رمضان المقبل. ولم يكن إختيار إمام للممثلين الذين سيشتركون معه في العمل، إستثناء للقاعدة العامة التي تقول إن quot;المخرج رب العملquot;، ولكنه جزء من القاعدة الجديدة التي تقول إن quot;صار النجم أو المنتج أو كلاهما سيد العملquot;، و من ثم أصبح رأي المخرج استشارياً. وأصبح محمد هنيدي هو من يختار من سيقف أمامه من زملائه، وكذلك الحال نفسه من كريم عبد العزيز، وتامر حسني، غادة عبد الرازق، وجميع من يحضرون لمسلسلات لعرضها في مارثون رمضان المقبل. إلا أن الأمر ليس كله على تلك الشاكلة، فمازال هناك بعض المخرجين يتمسكون بالقاعدة القديمة، و يصر على أنه سيد العمل، وليس أي شخص آخر، لأنه من يتحمل مسئوليته كاملة.
quot;إيلافquot; رصدت الظاهرة الآخذ في الإستفحال، وجاءت آراء غالبية الفنانين مؤكدة أن من حق الفنان البطل اختيار المشاركين له في العمل، لأنه سوف يحمل اسمه، و سوف يحاسب عليه، فإما أن يزيد من رصيده الفني أو يخصمه منه، وبالتالي يجب أن يكون له دور في اختيار من سيقفون أمامه، فيما جاء رأي الفنان الكبير محمود ياسين مغايراً، حيث أعلن تمسكه بالقاعدة القديمة القائلة إن المخرج هو سيد العمل، و أضاف: الممثل وحده لا يصنع عملاً رائعاً، و ليس مسئولاً عنه مسؤولية كاملة، بل إن العمل الفني مسئولية المخرج في المقام الأول، ثم هو مسؤولية مشتركة بين البطل والمخرج و المؤلف وجميع فريق العمل والمنتج في المقام الثاني، وتعتبر عملية اختيار الممثلين من المهام الرئيسية للمخرج، فإذا سمح عن طيب خاطر للمنتج أو الممثل البطل بالمساهمة في ترشيح باقي الممثلين، فلا أزمة في ذلك، لكن إن كان الأمر مفروضاً عليه من المنتج أو النجم، فهذا الأمر مرفوض تماماً، فمثلاً لو أن أي منهما فرض عليه ممثلة لا يرى أنها مناسبة لأداء الشخصية المرشحة لها، وأصر عليها، في ظل رفضه لها، يعتبر ذلك تدخلاً في صميم عمله، ولا يجوز مطلقاً. و يتابع: في الماضي، لم يكن أحد يجروء على فرض أي رأيه على المخرج، لأن الجميع كان يؤمن بأنه سيد العمل والمسؤول عنه أمام الجمهور و النقاد و المنتج. ومن هؤلاء: كمال الشيخ، صلاح أبو سيف، عاطف الطيب.
ويشير الفنان يحيى الفخراني إلى أن العمل الفني لا يمكن أن يتحمل مسؤوليته فرد واحد، بل يجب على جميع الفريق المشاركة فيها، بدء من المؤلف مروراً بالمخرج و الفنان والمنتج باقي فريق العمل، لكن الفنان هو الأكثر تحملاً للمسؤولية، فالعمل يتم تسويقه باسمه، وهو من يتحمل مسئولية نجاحه أو فشله، وبالتالي من حقه التدخل في اختيار من سيقفون أمامه، حتى يكون هناك تناغم بين جميع الفريق. لافتاً إلى أن الأمر ليس موضة جديدة، بل كان موجوداً منذ بداية صناعة السينما والدراماً في مصر، و العالم كله، فالنجوم العالميون يتحكمون في العمل، و يجرون تعديلات على السيناريو، وهو أمر مباح، وليس عيباً أو حراماً ما دام يتم في إطار أن العمل مملوك للجميع بدءً من المنتج مروراً بالفنانين والمخرج والمؤلف، ونجاحه سوف يعود عليهم بالفائدة، كما سيؤثر فشله عليهم بالسلب.
ويرى الفنان عمرو واكد أن العمل حالياً صار مسؤولية المنتج في المقام الأول، ثم النجم، وخاصة في مجال السينما، ويستطرد: أن شركات الإنتاج صارت تتحكم في جميع عناصر العمل، ولا تترك لأحد حرية العمل أو الإختيار، والهدف هو تسويق العمل بأي شكل وتحقيق مكاسب ضخمة، حتى ولو خرج العمل بمستوى متدني. و يلفت واكد إلى أن في أمريكا أو أوروبا ما زال المخرج هو سيد العمل، وهناك شركات إنتاج تنتظر أعواماً حتى يتفرغ مخرج مثل ستيفن سلبيرج من أعماله التي يجري تصويرها من أجل تصوير عمل لها، ولذلك تكون الأعمال رائعة و ذات مستوى عال، وتحصد الجوائز بالمهرجانات الدولية وتحقق إيرادت ضخمة، في الوقت نفسه. و يضيف أن سينما الترفيه ومسلسلات التسلية كانت السبب في طغيان ظاهرة النجم الأوحد و تحكم شركات التوزيع أو شركات الإعلانات في العمل، فهي من تختار الفنان الذي تعتقد أنه صاحب جماهيرية واسعة، وبالتالي تضع العمل تحت تصرفه، فيختار من يشاء ويستبعد من لا يروق له، وغاب دور المخرج في قيادة العمل. ومن ثم تدهورت أحوال صناعة السينما، وإذا تفاقمت تلك الظاهرة في صناعة الدراما فسوف تتعرض للإنهيار أيضاً عما قريب.
و يقول المخرج محمد النقلي إن اختيار الممثلين يتم وفق إرادة المخرج أولاً، ولكن العمل يعتبر مسؤولية مشتركة. ويوضح أن المخرج يرشح أسماء الممثلين، ويتم عرضها على المنتج والبطل. و عادة ما تلقى ترشيحاته قبول باقي الأطراف، حيث إنه يكون قد قرأ السيناريو جيداً، ووضع تصوره للفنانين الأقدر على تجسيد الشخصيات باقتدار، وفي حالة عدم قبول ترشيح أي من الأسماء، يجري ترشيح أخرين، بحيث تلقي الأسماء الجديدة القبول لدي الجميع، والهدف من ذلك أن يكون هناك تناسق وتناغم بين جميع فريق العمل، مما يضفي عليه جواً من الألفة والحميمية، ويخرج في أفضل صورة، وهذا ما يسعى إليه الجميع.
أما المنتج هشام شعبان فيري أن العمل مسؤولية الجماعة العاملة فيه، ومن مصلحتهم جميعاً أن يخرج في أفضل صورة، مشيراً إلى أنه لا مجال لإستبداد أي فرد من منظومة العمل برأيه في أي عنصر من عناصره، وينوه بالفنان البطل من حقه المشاركة في ترشيح زملائه ممن يرى أنهم لديهم المقدرة والموهبة الكافية لأداء شخصية معينة، بحكم أن العمل سيحمل اسمه، فضلاً على أنه عمل مع بعضهم كثيراً، وقد يكون يشعر بالراحة في التعاون مع فنان معين، ومن حق المنتج أيضاً ترشيح من يراه صالحاً لتجسيد شخصية معينة، وهذا لا ينفي أن اختيار فريق العمل حق أصيل للمخرج. ويشير شعبان إلي أن ما يحدث حالياً كان متعارف عليه منذ سنوات طويلة، و موجودة في شتى دول العالم.