تحدَّث المخرج العراقي، عزام صالح، عن الواقع الذي تعيشه الدراما العراقيَّة، والأسباب الَّتي تحول دون خروجها من محليَّتها إلى العالم العربي.


بغداد:في كل موسم تنطلق التساؤلات حول محدودية الدراما العراقية، وعدم قدرتها على تجاوز المحلية الى الاقليمية او العربية بشكل عام، ومعها تطرح اجابات شتى لا تصل عميقًا الى الحقيقة، لكن المخرج الدرامي، عزام صالح، تحدث بواقعية وصراحة متناهية عن خفايا بقاء الدراما العراقية حبيسة الحدود العراقية مع كل ما تحاول ان تقدمه، وتحاول ان تصل به الى المشاهد العربي الذي يبدو ان هذه الدراما لم تجتذبه اليها، بل انها لم تجعله يلتفت اليها بنظره وكأنها تمتلك بيئة مغايرة تمامًا.

يقول عزام صالح: quot;لنبدأ أولاً بالقول ان جميع الاعمال العراقية مؤدلجة حسب الفضائيات التي تنتجها، هذا الاساس بالدرجة الاولى هو ما تتميز به المسلسلات، يعني ان كل عمل يحمل افكار الفضائية التي تنتجه، والتي هي اصلا تمول من خارج العراق، ثانيا انتاجية هذه الاعمال بسيطة جدًا بحيث العمل لا تتجاوز كلفته 300 ndash; 450 الف دولار، الاعمال التي تنتج غير مبنية على اساس فكري صحيح، مثلاً الفضائية تبحث عن نص وحين تجده تعبأه بأفكارها، نحن ليس لدينا كتاب يكتبون دراما اجتماعية، بدأوا يعودون الى النظام السابق، كل شيء يرجعونه الى النظام السابق، اي انه كان كذا وكذا، وبقيت نفس الاعمال اما تحكي الواقع الحالي والعنف والسرقة والعذاباتquot;.

واضاف: quot;اعمالنا ليس فيها سياحة، ولا بطل جميل، ولا الوان خلابة، مثل ان يكون للستارة لون معين وللاثاث والارائك وللملابس الخاصة بالبطل والبطلة، دائمًا نجد في اعمالنا واقعًا تعبانًا وموضوعًا سياسيًا خاصًا بالعراقيين، يعني المتلقي العربي يقول انه لا علاقة له بالموضوع فلماذا يشاهده، هو ليس موضوعًا اجتماعيًا فيه حب وعشق ومشكلة اجتماعية مثيرة كقضية انسانية عامة بل فيه خصوصية، اي اما ضد النظام السابق او ضد الحكومة الحالية، ثم ان كل الفضائيات العراقية تتسابق فيما بينها من اجل الحصول على الاعلانات التي يمول قسمًا منها من الاميركيين او الاعلانات التجارية، على العكس تمامًا من الاعمال السورية والتركية حينما بدأت، هناك رأسمال تجاري يحسب حساب كل التفاصيل، يعني عندما ينتج مسلسل سوري يختارون الموقع الجميل واللبس المثير واللائق والاكسسوارات والاثاث الى ابعد الحدود، وكأنهم يعملون لقضية سياحية، وحتى الممثلين، فهم يختارون بطلاً وسيمًا ونساءً جميلات ويهتمون بكل تفاصيلهن من المكياج الى التسريحات الى الاكسسوارات والسيارات، انا اذا احتاج الى سيارة معينة لا احد يأتيني بها، انا في مسلسل quot;سيدة الرجالquot; اتوني بسيارة موديل 1990 بينما بطلة العمل تخاطب الرئيس الاميركي وصورت المشهد بغير قناعة الى ان ارتأت القناة ان تحذف المشهد ومن ثمجلبوا ليسيارة حديثة جدًا وهي سيارة صاحب القناةquot;.

واستطرد عزام: quot;نحن في العراق ليس لدينا الحساب التجاري والفكر السياحي، انا اعتقد ان كل الاعمال التركية هي ليست اعمالاً لغرض تقديم دراما اجتماعية، بل هنالك قضية تجارية كبيرة وهي السياحة، حيث هنالك شركات السياحة التي هي تمول الاعمال، واذا عملنا استفتاء لسكان الخليج العربي قبل ان يعرض مسلسل quot;نورquot; الذي يظهر فيه النجم التركي مهند، ونعرف كم كان عدد السياح الخليجيين قبل عرض المسلسل وكم اصبح بعد عرضه؟ النتيجة اعتقد معروفة، اذن هناك مردود تجاري كبير غير المردود التجاري من مبيعات المسلسل، الشيء نفسه مع الدراما السورية التي حين بدأت برأسمال خليجي، حيث تم استقطاب النساء الجميلات واظهروا مفاتنهن حتى وان كانت الاعمال تاريخية، هذا من اجل اثارة المشاهد، ويسحبونه اليهم بحيث نافسوا الدراما المصرية، ونجحوا واسسوا شركات كما ان الدولة تدعم هذه الدراما، مثلاً وزير الثقافة او الاعلام حين يسافر الى الخليج يأخذ معه فنانين، نحن دولتنا لا تشعر ان الفن ينتمي اليها ولا تحاول تسويق فنانيها الى الخارج، يكاد يكون الفنان العراقي محصورًا داخل محليته، لان الدولة ولا اقول الحكومة رفعت يدها عن الفنان العراقي الذي اخذ بسبب حالته الاقتصادية غير الجيدة، ولانه يريد ان يعيش افضل، فيتحول الى شكل اميبي، يوما تجده ضد الدولة ويوما تجده معها ويوما اخر ضد ذلك النظام ويوما اخر ضد هذا النظام ، ويوما ينتمي لهذه الفضائية ويوما ينتمي لتلك الفضائية، وضاعت عليه مبادئه وكأنهم جردوه من فكره ان كان يحمل فكرًا من اجل ان يستمر ويحصل على مردود مادي افضل، ومن اجل ان يكون مشاهدًا في الفضائيات، هو يستطيع ان يرفض ولكن ان رفض سينتهي اي لا يكون له اي انجاز خلال المدة التي يتم الاشتغال بهاquot;.

واختتم المخرج عزام صالح حديثه بالقول: quot;الدراما العراقية محلية بحتة لعدم توفر الانتاج ولعدم تسويقها للخارج من خلال الدولة، ولعدم وجود افكار سياحية فضلاً عن محدودية فكرها، اي ان فكرها خاص بنا كعراقيين، لا ننطلق الى العام، لا ننطلق الى الانسانية، تعال الى شكسبير، فهو ما زال يعرض في كل دول العالم لان قضيته انسانية، نحن بطلنا لابد ان يكون ضد ذلك النظام او مع هذه الحكومة او ضدها، وهذه تجعل مسلسلاتنا الدرامية محدودة ولا تهم احدًاquot;.