صلاح سليمان من ميونيخ: في موسم quot;الاوكازيوناتquot; الشتوية او الصيفية، تبدو تنزيلات الاسعار شيئا لافتا في المانيا وكل دول اوربا المختلفة. تنخفض الاسعار الي النصف بل واكثر من ذلك بكثير، في ميونيخ علي سبيل المثال اذا قمت بجولة في المتاجر الشهيرة الانيقة في وسط المدينة، تجد التخفيضات وقد وصلت نسبتها الي 70% من قيمة المنتج الاصلي، تخفيضات تصحبها دعاية مكثفة، في متجر quot;الكاوفهوفquot; في وسط المدينة وفي قسم الملابس الجاهزة انخفضت أسعار القمصان والسترات واطقم الملابس الجاهزة بشكل ملحوظ بمناسبةquot; اوكازيون الشتاءquot;.


تخفيضات حقيقية
لكن لماذا هذة التخفيضات الكبيرة؟ وهل هي بالفعل حقيقية؟ وهل تقتصر علي المتاجر الالمانية فقط؟
البحث في تلك القضية يبدو مثيرا،فالتخفيضات بالفعل حقيقية لكن ليست المانيا ولا اوروبا ولا حتي الازمة الاقتصادية هي التي تقف وراء تلك التخفيضات الكبيرة، امر آخر غير معروف للكثيرين يكمن وراء ذلك، انه ذلك العالم الخفي من العمال الاسيويين في الهند وبنجلاديش والصين. الملابس والاقمشة التي تباع في كافة المتاجر الالمانية والاوروبية تنتج كلها تقريبا في تلك البلدان والسبب الرئيسي في ذلك هو انخفاض أجر العامل الآسيوي، الامر الذي يحققق مكاسب كبيرة للقائمين علي امر هذه الصناعة في البلدان الاوروبية، في وقت تشير فيه المنظمة الدولية لحقوق العمال الي وجود انتهاكات صارخة في حق العمال الاسيويين بالنظر الي انخفاض اجورهم بشكل غير معقول في مقابل اناقة الاوروبيين.


العاصمة السرية لملابس الاوروبيين
مثل علي ذلك هو مدينة quot;تيربورquot; الهندية، لقد تحولت هذه المدينة ذات ال650 الف نسمة الي العاصمة السرية لانتاج القمصان والتي شيرتات وتصديرها الي المانيا تحديدا وكل دول العالم، اكثر من نصف عدد السكان يعملون في مصانع المدينة التي تبلغ ستة آلاف مصنع، ينتجون اكثر من 400 مليون قطعة ملابس سنويا،ووفق التقديرات الهندية فان هذا العدد يصل الي 80% من مجموع ماتصدره الهند من منسوجات وملابس، كل الشركات الالمانية ذات الماركات المميزة لها خط انتاج في تلك المدينة مثل Camp;A، هينيز اند موريتز، جيم،وأديداس وتومي هيلفيجر.


لايعرف تحديد سكان المانيا او اوربا تلك الحقيقة، فالزبائن داخل المتاجر لاتهتم كثير بالبلد المنتج قدر اهتمامها بالشياكة والاناقة،وتبدو اتفاقيات الشركات الكبري مع الموردين الاسيوين واضحة اذ قلما تجد علي الملابس اسم البلد المنتج،فلا يعرف المشتري الاوروبي اين صنع هذا هذا القميص او ذاك البنطلون السيد quot;كريستوفر بيشكاquot; من ميونيخ يقول وهو يهم بشراء قميص انيق ليس من المهم اين صنع هذا القميص لانني اجده ببساطة انيقا وسعره لايتعدي عشرة يورو وهو امر لايجعل المرء يفكر كثير وهذا السعر المنخفض شجعني كثير علي شراء خمسة قمصان مرة واحدة.لايعرف السيد quot;بيشكاquot; الحقيقة وراء انخفاض الاسعار بهذا الشكل الكبير فهو كغيره من زبائن المتجر يهتم بالاناقة والشياقة والسعر المناسب ولايعنيه التفكير في اكثر من ذلك.


العديد من الانتهاكات الاجتماعية

اذن كيف تبدو ظروف العاملين الذين يصلون بالمنتج الي هذ النوع من الذوق الذي يعجب به الاوروبي، الاجابة تبدو واضحة علي ذلك بالعودة الي عاصمة الملابس الجاهزة السرية quot;تيربورquot; فمعايشة ظروف العمال فيها يكشف عدد من الحقائق المفجعة. ان اجر العامل المكد يصل الي واحد يورو فقط لكل 13 ساعة عمل وهو امر لايصدق ! تقول عن ذلك quot; اهيرا quot;وهي فتاة هندية عمرها 20 عام تعمل في الحياكة في احد مصانعquot; تيربوquot;ر اعمل اسبوعيا من 60 الي 70 ساعة ورغم ذلك فان الاجر الذي اتقاضاه يكفي بالكاد لنفقات الاعاشة ولا استطيع شراء اي شئ اخر غير دفع نفقات ايجار المنزل وشراء الطعام ومساعدة الوالدين.
هذه الحالة تظهر الي اي مدي يبدو التناقض كبيرا في العالم الخفي لصناعة الملابس الجاهزة، فمقابل شياكة واناقة البعض يكون هناك انتهاك صارخ لحقوق العمل والعمال في ظل غياب رقابة دولية صارمة علي الشركات العالمية وهو الامر الذي يطرح سؤلا تري من هو المستفيد الحقيقي من هذا التناقض؟ لاشك في انها الشركات الكبري والموردين الاسيويين اذا ن فروق الاسعار الكبيرة تذهب الي جيبوبهم بصورة تعكس الجشع والظلم الاجتماعي وفساد الذمم فقط من اجل تكديس الاموال فقط حساب العمال والعاملات الاسيويات.

علي الرغم من ان الصادرات الرسمية الصناعية في كل دول العالم تؤكد علي المعايير الاجتماعية والبيئية وقواعد السلوك التي يتعين علي المصدريين انتهاجها في اعمالهم لكن الحقيقة تبدو مغايرة في تلك القضية، خاصة في غياب الرقابة الدولية علي المصدرين يقول quot; س. م. بريثفريجquot; من منظمة quot; كيرquot; الحقوقية ان كثير من الانتهاكات الدولية لحقوق العمال قد تم تسجيلها، وان كثيرين من ارباب العمل لايهتمون بمتطلبات منظمة العمل الدولية لحقوق العامل، ومن ناحية اخري يضبف ان مكاسب صناعة الاقمشة والملابس هي بكل تأكيد تسمح باجور مريحة للعاملين في هذا القطاع الا ان الجشع وطمع المستثمرين يحول دون تحقيق ذلك بالرغم من تكدس الاموال في جيبوبهم، ويضرب مثلا علي ذلك بأن في الولايات المتحدة الامريكية لاتزيد صناعة القميص الجيد علي اكثر من دولارين وهو الامر الذي يؤكد هذه الحقيقة حول جشع الشركات والمصدرين الاسيويين.