اعتدال سلامه من برلين: لسنوات طويلة خصصت البلدان الغنية المليارات من اجل تجاربها الفضائية واكتشاف العوامل والمجرات والكواكب البعيدة ملايين الاميال، في المقابل قللت من الاهتمام بالبحوث العلمية لاكتشاف عقاقير ضد امراض تحصد ارواح ملايين الناس كل عام، وخاصة مرض الايدز السرطان على انواعه. لكن الامر كما يبدو قد تغيير بعض الشيء نتيجة تخصيص بلدان غربية ميزانية للبحوث العلمية وتشجيع العلماء الباحثين والاطباء في ميدان تخصصهم من اجل تخفيف الام الانسانية.

واليوم يتم الحديث عن اكتشافات واعدة قامت بها مجموعة من العلماء في اوروبا من بينها المانيا والولايات المتحدة الاميركية وكندا، وهي لقاحات تعزز المناعة ضد سرطان الكبد والرئة والبروستاتا ويصل عدد المصابين بهذا الامراض اكثر من ستين مليون في العالم.

والاكتشاف الجديد يعزز قدرات جهاز المناعة في جسم المريض بحيث يهاجم الاورام السرطانية دون المساس بالخلايا السليمة، لذا يمكن اعتباره بانه لقاح خاص قائم على نفس مبدأ اللقاحات، من شانه ان يدخل تحسينا هائلا على اساليب العلاج المعول بها في الوقت الحاضر كالمعالجة بالمواد الكيمياوية او بالاشعة التي تقتل الخلايا السليمة والمريضة من دون تمييز وتنطوي على اثار جانبية مؤلمة.
وجاء هذا الاكتشاف نتيجة معرفة متزايدة لكيفية التحكم في جهاز المناعة، فهذا اتاح للباحثين والعلماء بارقة امل في ان اللقاحات هذه يمكن ان تغدو قريبا جزءا من السلاح لمكافحة مرض السرطان على انواعه.

وبحسب قول البروفسور الالماني يورغ فينكلر الذي يشارك ببعض البحوث في مختبرات اميركية يوجد حاليا اكثر من 50 لقاحا يجري اختبارها في الولايات المتحدة وكندا واوروبا ضد عدة انواع من السرطانيات تشمل الورم القتاميني ( الميلانوما) وسرطان الكبد والرئة والثدي والبروستاتا. ومن هذه اللقاحات عدة اصناف اصبحت الا في المراحل النهائية من التجارب على البشر، ومن المتوقع ان يتم اختبار اثنين منهما على الاقل في خلال سنة. وفي بعض التجارب التي اجريت خفت الاورام السرطانية لدى عدد من المرضى بينما ابطأت عند غيرهم انتشار المرض. واذا سار كل شيء على ما يرام فان اول لقاح مضاد للسرطان ربما يصبح جاهزا للاستعمال خلال خمس سنوات.

وقال ايضا اننا نتعلم اكثر فاكثر عن كيفية عمل جهاز المناعة وتنظيمه لاحداث تأثير مضاد للاورام، وهذا هو السبب في متابعة البحث عن كثير من اللقاحات الجديدة المحتمل تجاحها.
ولقاحات السرطان، وعلى عكس اللقاحات التقليدية لا تستهدف الوقاية من المرض وانما معالجته والقضاء عليه، فجهاز المناعة متسامح نسبيا تجاه السرطان عادة، والوسيلة المطلوبة هي حمله على رؤية الاورام على انها عدو للجسم. ومن الاساليب الرامية الى تحقيق هذه الغاية التحكم في بروتينات الاورام وخلايا المناعة المتخصصة في المختبر بحيث انها عندما تعاد الى داخل جسم المريض عبر حقنها، تعلّم جهاز المناعة ان ينظر الى الاورام على انها دخيلة وعدوة. والمحاولات المبكرة لاستنباط لقاحات السرطان كثيرا ما استعملت فيها خلايا اورام كاملة تقدم لجهاز المناعة خليطا من البروتينات المجهولة. اما اللقاحات الجديدة فتستخدم عددا اصغر من البروتينات المستخلصة والمصفاة، التي يقول الباحث الالماني عنها انها تبشر بان تكون اكثر فاعلية.

واقصى امال الباحثين المشاركين في تجربة اللقاحات هذه ان تنجح في ايقاف الاورام وتقليصها، وقد حدث ذلك بالفعل في بضع حالات متفرقة في سياق عدد من التجارب المتعقلة بالورم
القتاميني وسرطان الكبد، لكن الارجح هو ان هذه اللقاحات سوف تشكل جزءا من استراتيجية اوسع للعلاج كوسيلة لازالة الخلايا السرطانية بعد الجراحة وتقليل الحاجة الى العلاج بالمواد الكيماوية او حتى الاستغناء عنها.

كما وان اللقاحات الجديدة تعتبر بمثابة الوسيلة المستقبلية التي ينتظر لها مستقبل باهر في علاج السرطان، بعد ظهور مجموعة من العقاقير تستخدم بروتينات تعرف بالاجسام المضادة الاحادية الاستنساخ، وهذا العقاقير التي نزلت الى السوق منذ اعوام قليلة تشتبك بالخلايا السرطانية بالذات، فاما ان تبطئ نموها او تجعلها هدفا للتدمير بواسطة جهاز المناعة ، ولكن يتحتم على المريض تناولها طوال حياتها، عدا عن انها باهظة الثمن.
وخلافا لذلك فان اللقاحات الجديدة لا يتطلب استخدامها سوى اخذ بضع حقن منها، ويتفكل جهاز المناعة في الجسم بانجاز باقي المهمة.