طلال سلامة من برن (سويسرا): صحيح أن عدد المرضى، الذين أفلتوا من براثن السرطان، ما زال قليل ولن يؤثر على نشرة الوفيات السنوية التي تحصد آلاف الأرواح، حول العالم. مع ذلك، أحرز الأطباء والباحثين معًا نصرًا كبيرًا. فمعظم المصابين مثلاً بأنواع نادرة من سرطان الدم يتخلصون من الأخير، بصورة دائمة أحيانًا. ويعتمد هذا الانتصار الطبي على أدوية ذكية تنجح في تدمير آلية التكاثر الجنونية التي تستهدف الخلايا المريضة. وبالطبع، فان ما يحققه علاج سرطان الدم من تقدم مذهل يفتح الطريق أمام نسب عالية من الشفاء لدى أولئك المصابين بسرطانات الرئة والثدي والقولون والبروستات.

ويأتي الانتصار الطبي الأبرز من مكافحة سرطان الدم الحبيبي، الذي لا يرى لا أطفالاً ولا مسنين أمامه، ويصيب سنويًا نحو 250 شخصًا في سويسرا وحدها. لغاية أواخر تسعينات القرن الماضي، كان 20 في المئة من ضحاياه يتمكنون من الافلات من براثن الموت بفضل علاج ثقيل جدًا، يعتمد على زراعة النخاع العظمي والعلاج الكيماوي معًا.

بعد ذلك، أطل علينا دواء quot;ايماتينيبquot;، وهو دواء ذكي استطاع شل آلية تكاثر خلايا سرطان الدم، بصورة جماعية. وتمكن هذا الدواء من وقف عملية التكاثر هذه لدى 80 في المئة من المرضى. في سياق متصل، لاحظ الباحثون السويسريون أنه، وفي 10 في المئة من الحالات، لا عودة لسرطان الدم الحبيبي، لدى المرضى الذين تخلصوا منه، حتى بعد توقفهم عن تعاطي ايماتينيب! من هنا، انطلقت فكرة تصنيع نسخة أقوى وأدق، من هذا الدواء، أطلق عليها اسم quot;نيلوتينيبquot;. هكذا، تتوقع الجالية الطبية البحثية، بسويسرا وأوروبا، أن تصل نسبة الشفاء من سرطان الدم الحبيبي الى 30 في المئة. كما سترتفع نسبة الشفاء، بصورة نهائية، الى حد أبعد لدى استعمال دواء نيلوتينيب سوية مع أدوية أخرى معروفة، كما الانترفيرون.