يُجمع مختصّون طبيّون على ضرورة إنشاء وحدات خاصة بطب المسنين في الجزائر.

كامل الشيرازي من الجزائر: لأنّ الجزائر صارت تستوعب أكثر من ثلاثة ملايين ونصف مسن، يجمع مختصون على حتمية إنشاء وحدات خاصة بطب الأشخاص المسنين، وهي ضرورة أضحت ملّحة في بلد يتزايد فيه أعداد المصابين بداء الزهايمر إحدى أبرز علامات الشيخوخة.

في تصريح خاص لإيلاف، أعربت الأستاذة صورية أيوب، عن أملها في أن تستفيد الجزائر من تجارب الدول التي سبقتها في إرساء أسس التخصص في طب الأشخاص المسنين، بهذا الصدد، تشير أيوب وهي رئيسة قسم الطب الداخلي في مستشفى بولوغين وسط الجزائر العاصمة، إلى جدوى بعث وحدات مختصة في طب المسنين داخل مختلف المصالح الاستشفائية، بدلا من إنشاء مستشفيات متخصصة في طب المسنين، حيث ترى أنّ ذلك يسهم في عزل المسنين.

بدوره، يدعو الخبير الطبي quot;إلياس عطالquot; إلى إنشاء مراكز خاصة بالمسنين من أجل القضاء على حالات الانغلاق والتقوقع النفسي التي عادة ما يجدون أنفسهم عرضة لها، خصوصًا أولئك المصابين بداء الزهايمر الذين يعانون حال دخولهم خريف العمر، ويؤيد الدكتور quot;محمد إيديرquot; نظرة عطّال، بيد أنّه يحبّذ فتح مستشفيات نهارية كونها تسمح ndash; بحسبه - بالتكفل بالأشخاص المسنين دون عزلهم عن الوسط الذي يعيشون فيه الأمر، وهو ما يمثل دعمًا نفسيًا لهؤلاء الذين يعانون في الغالب جراء اضطرابات شتى، علما أنّ هذه الفئة معروفة بتعلقها بوسطها المعيشي، حيث يكره المسنون التغيرات العديدة التي من شأنها الإخلال باستقرارهم النفسي.

من جانبها، تلح الدكتورة quot;فوزية عباشةquot; على ضرورة إدراج تخصص طب المسنين ضمن برنامج تكويني للأطباء، وتشجيع التخصص في هذا المجال من خلال تنظيم دورات تكوينية لفائدة أطباء سبق تكوينهم.

وتعتبر عباشة أنّ اعتماد طب الأشخاص المسنين وترقيته كتخصص قائم بذاته، أصبح ضرورة ملحة خاصة بالنسبة إلى العائلات التي تضمّ مرضى quot;الزهايمرquot; الذي يُصنف ضمن الأمراض الثقيلة التي يصعب التكفل بها، ويعدّ فقدان الذاكرة أبرز المظاهر الملازمة للشيخوخة.

وتشهد الجزائر زيادة مستمرة لعدد المسنين، حيث يقدّر عددهم حاليًا، بنحو 3.5 ملايين شخص بينهم مليون شخص تفوق أعمارهم الـ80 سنة، ما يتعين التفكير في التكفل طبيا بهؤلاء وعدم تركهم على مستوى الطب الداخلي فحسب.

كما تحصي الجزائر قرابة مائة ألف شخص مصاب بداء الزهايمر نظرًا لارتفاع الشيخوخة في أوساط السكان، وارتفاع معدل مدة الحياة إلى 72 سنة، ويتوقع مختصون ارتفاع عدد مرضى الزهايمر خلال السنوات المقبلة، مع الإشارة إلى كون المعضلة الرئيسة للمصابين بالزهايمر، تكمن في كون أغلب الحالات في درجة متقدمة من المرض وهو ما يصعّب من فرص شفاء المرضى ومساعدتهم على استعادة الذاكرة.

وبحكم عوامل سيكولوجية سوسيولوجية متداخلة، صارت الشيخوخة تلوح من بعيد في المجتمع الجزائري، وذلك تبعًا لتأخر سن اليأس لدى النساء، وامتداد الخصوبة لدى الرجال، فضلا عما انجرّ عن تفاقم ظاهرتي العزوبة والعنوسة، وعلى هذا، يحذر أطباء ومختصون من اتجاه المجتمع المحلي نحو quot;الهرمquot;، خصوصًا إذا ما تراجعت نسبة النمو الديموغرافي إلى حدود 2 بالمئة، وهو ما يعني خطرًا محدقًا يجعل الجزائر تكابد الوضع نفسه الذي تعانيه دول أوروبية.