كاتماندو: توفي خمسة أشخاص اختناقا في أحد مستشفيات نيبال بعد نفاد الأكسجين هذا الأسبوع، وهم أحدث ضحايا الموجة الحادة من وباء كوفيد-19 التي تهدد بتدمير هذه الدولة الفقيرة ونظام الرعاية الصحية الهش.
وارتفعت الإصابات الجديدة اليومية 60 مرة منذ الأول من نيسان/أبريل وتوفي نحو ألف شخص في الأيام العشرة الماضية، وفقا للأرقام الرسمية التي يعتقد، كما هي الحال في الهند المجاورة، أنها أقل بكثير من الأرقام الفعلية.
وتشهد الدولة الجبلية التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 30 مليون نسمة، في الوقت الراهن أشكالا حادة من الإصابات تغرق المستشفيات، كما أن هناك نقصا في الأكسجين وحوالى نصف الأشخاص الذين يخضعون لاختبارات كوفيد-19 تكون نتائجهم إيجابية. وفي العاصمة كاتماندو، أعلنت العديد من المستشفيات أنها لم تعد قادرة على استقبال مرضى جدد.
ويواجه رئيس وزراء نيبال اتهامات بأنه أضاع فرصة لوقف انتشار الفيروس، بسماحه بالتجمعات العامة والسفر الدولي حتى مع ارتفاع عدد الإصابات إلى مستويات مدمرة عبر الحدود في الهند.
وقال سمير كومار أدهيكاري رئيس مركز عمليات الطوارئ الصحية في وزارة الصحة إن البلاد الآن في "حالة أزمة".
وأضاف "حتى إذا احتاج 20 في المئة من آلاف الذين يخضعون للعزل المنزلي إلى أسرّة ورعاية في المستشفيات، فقد يصل الأمر إلى نقطة لن نتمكن من التعامل معها".
وكان المصابون الخمسة بفيروس كورونا الذين لقوا حتفهم هذا الأسبوع، يتلقون العلاج في وحدة العناية المركزة في مستشفى في روبانيهي بجنوب نيبال.
وقال بيشنو غوتام وهو طبيب في مستشفى لومبيني لوكالة فرانس برس "سياراتنا كانت تنتظر في طابور مع قوارير أكسجين لإعادة تعبئتها في ثلاث محطات مختلفة، لكن أيا منها لم يكن قادرا على القيام بذلك في الوقت المحدد".
وأوضح غوراف شاردا رئيس جمعية صناعة الأكسجين في النيبال أن الطلب يفوق الطاقة الإنتاجية.
وأضاف "تعمل كل مصانع الأكسجين في كاتماندو 24 ساعة وتوفر الأكسجين بكامل طاقتها. يمكننا إعادة تعبئة 8000 اسطوانة فقط يوميا لكن الطلب أعلى من ذلك بكثير".
النظام الصحي في نيبال هو من الأسوأ في العالم حيث معدل عدد الأطباء فيها للفرد أقل حتى من الهند.
وتتشابه أسباب الارتفاع في عدد الإصابات في نيبال مع مثيلاتها في الهند، إذ بدأت نيبال تسجيل ارتفاع في الإصابات في أوائل نيسان/أبريل، بعد شهر من الهند، لكن الحكومة واصلت السماح بتنظيم مهرجانات دينية ضخمة وتجمعات سياسية والمشاركة فيها.
وحضر العديد من النيباليين مهرجان كومبه ميلا الهندي، جنبا إلى جنب مع ملايين المصلين الهندوس المحليين، بمن فيهم الملك والملكة السابقان اللذان نقلا إلى المستشفى لاحقا بعدما ثبتت إصابتهما بالوباء.
كما توافد مسافرون هنود إلى نيبال للسفر إلى وجهات أخرى يعدما فرضت دول العالم قيودا على الرحلات الجوية من الهند، حتى فرض حظر.
وقال وزير الصحة السابق غاغان ثابا، وهو الآن نائب معارض، إن نيبال أهدرت شهرين حاسمين كان بإمكانها خلالهما وقف تفشي المرض.
وأضاف "بغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبناها في وقت سابق، لو أننا استخدمنا تلك الفرصة، لكانت الأضرار أقل بكثير مما نشهده الآن".
وواجه رئيس الوزراء ك.ب شارما أولي انتقادات شديدة بسبب طريقة تعامله مع الوباء.
ومع ارتفاع عدد الإصابات، اقترح أن الغرغرة بأوراق الجوافة من شأنها أن تقضي على الفيروس، لتضاف إلى تصريحات العام الماضي بأن التوابل تقوي جهاز مناعة النيباليين.
وخسر أولي الإثنين تصويتا على الثقة في البرلمان، بسبب صراع سياسي أكثر من الوباء، والمحادثات جارية الآن لتشكيل حكومة جديدة.
وقد ناشدت الجمعية الطبية النيبالية السياسيين "تأجيل حساباتهم السياسية" وإعطاء الأولوية لإنقاذ الأرواح.
تعتمد نيبال عادة على الهند في معظم إمداداتها الطبية، لكن جارتها القوية مشغولة الآن بمكافحة أزمتها الخاصة.
في آذار/مارس، جمدت نيودلهي صادرات اللقاحات للتركيز على حاجاتها الخاصة ولم تسلم سوى نصف الكمية التي طلبتها نيبال.
وتم إعطاء 2,4 مليون جرعة فقط من الهند والصين، وتلقى ما يزيد قليلا عن واحد في المئة من الأشخاص الجرعتين اللازمتين.
وهذا المعدل أسوأ حتى من الهند التي أعطت الجرعتين لحوالى ثلاثة في المئة من سكانها.
والآن، لجأت نيبال إلى الصين للحصول على المساعدة وقد أرسلت هذا الأسبوع طائرة لاستلام أول 400 قارورة أكسجين من أصل 20 ألفا موعودة وإمدادات أخرى.
كما قدمت بكين 800 ألف لقاح مضاد لفيروس كورونا لنيبال.
ونظم نيباليون يعيشون في الخارج حملات لحشد مساعدات عاجلة للبلاد، مع انتشار وسم #لقاحات من أجل نيبال على تويتر الأربعاء، فيما ناقش أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي إرسال مساعدات للبلاد.
وقالت منسقة شؤون النيبال في الأمم المتحدة ساره بيسولو نيانتي إن البلاد تحتاج إلى مساعدة "عاجلة".
وأضافت لوكالة فرانس برس "لدينا عبء مماثل في الهند لكن هناك قدرة أقل على التأقلم. من المهم أن يدرك المجتمع الدولي أن وضع نيبال الهش مختلف عن الوضع في الهند".
والإثنين، وجهت الحكومة دعوة رسمية إلى شركاء التنمية من أجل تقديم الدعم مع إعطاء الأولوية للأكسجين ومعدات العناية المركزة واللقاحات.
وقال أدهيكاري المسؤول في وزارة الصحة "إذا لم تصل المساعدة التي نطلبها، سنتجه نحو وضع فظيع سيكون من الصعب علينا التعامل معه".
التعليقات