دراسة تسلط الضوء على جانب جديد من الأزمة اللبنانية
إيلاف من بيروت: تعاني اليوم 76 في المئة من النساء والفتيات في لبنان من صعوبة في الوصول لمستلزمات الدورة الشهرية بسبب الزيادة الحادّة في الأسعار الناتجة عن الأزمة الاقتصاديّة وانهيار العملة اللبنانية.
سلّطت دراسة إحصائية وطنيّة نفذّتها منظمة في-مايل بالشراكة مع منظمة "PLAN international" الضوء على واقع "فقر الدورة الشهرية" في لبنان، حيث صرّحت 41 في المئة من النساء والفتيات من مختلف المجتمعات اللبنانية والفلسطينية والسورية أنهنّ قمن بتخفيض كميات الفوط الصحيّة المستخدمة خلال الدورة الشهريّة، أو استخدمنها فترة أطوّل بسبب الأزمة.
حالة واقعية
تقول علياء عواضة، المديرة التنفيذية بالشراكة في منظمة في-مايل: "إن فقر الدورة الشهرية أصبح للأسف واقعًا في لبنان، وله الكثير من التأثيرات السلبية والضرر المباشر على الصحة الجنسية والانجابية للنساء والفتيات. مع الإشارة إلى أنّ هذا الموضوع ينتقص من كرامة النساء الانسانيّة ويؤدّي إلى عدم شعورهنّ بالأمان أثناء فترة حيضهنّ".
تأتي هذه الدراسة في إطار حملة وطنية تطلقها المنظمتين تحت عنوان #نشّفتولنا_دمنا لرفع الصوت حول سلبيات فقر الدورة الشهرية وتداعياتها على النساء والفتيات في لبنان وللتشديد على أهمية إيجاد حلول طويلة الأمد من قبل الحكومة اللبنانية والجهات المعنية لمعالجة هذا النقص.
وبحسب الدراسة، 76.5 في المئة من النساء والفتيات في لبنان عبّرن عن صعوبة الوصول لمستلزمات الدورة الشهرية بسبب الزيادة الحادة في الأسعار. وقامت 41.8 في المئة من النساء والفتيات في لبنان بتقليل كميات الفوط الصحيّة المستخدمة خلال الدورة الشهريّة أو استخدمنّها لفترة أطول.
وقالت الدراسة إن 87.9 في المئة من النساء والفتيات في لبنان غيّرن سلوكهنّ الشرائي لمستلزمات الدورة الشهريّة لأن الأسعار ارتفعت بشكل كبير، و 79 في المئة منهن لاحظن تغيرًّا في عادات استهلاك مستلزمات الدورة الشهرية في محيطهنّ، وتعاني 43 في المئة منهن من مستوى معين من القلق والتوتر نتيجة عدم قدرتهنّ على الحصول على مستلزمات الدورة الشهرية.
إلى ذلك، أكدت الدراسة أن 36 في المئة من النساء والفتيات في لبنان عانين من أعراض جسديّة بسبب عدم تمكنهن من شراء مستلزمات الدورة الشهرية ومنتجات النظافة، واستخدمت 35.3 في المئة منعن مصطلح "فقر الدورة الشهرية" للحديث عن حالتهنّ.
(مشكلة ارتفاع أسعار فوط الحيض المستوردة بنحو 500 في المائة في لبنان، تدفع النساء العاجزات عن شراء مستلزماتهن إلى حياكة الفوط البديلة من الأقمشة)
تهميش حاجات النساء
تشير عواضة إلى ضرورة مواجهة محاولات تهميش حاجة النساء لهذه المستلزمات وتسخيفها، في ظلّ زحمة القضايا المعيشية، التي يتمّ التذرّع بها كأولويّة تغيب عنها حقوق، صحة وأجساد النساء والفتيات، لافتةً إلى أهمية تكامل الجهود للتوعية بحق النساء والفتيات بالوصول إلى مستلزمات النظافة الشخصية خاصة الفوط الصحيّةـ، والمطالبة بهذا الحقّ.
وبينت الدراسة أن النساء والفتيات اللواتي ينتمين إلى أسر ذات دخل منخفض (من 675 ألفًا إلى مليون ونصف ليرة لبنانية) هنّ الأكثر تاثرًّا بالأزمة الاقتصادية وتأثيرها على حقهنّ بالوصول إلى مستلزمات الدورة الشهريّة.
كما سلطت الدراسة الضوء على بعض الاقتباسات مما قالته الفتيات والنساء في لبنان اللواتي شملتهن الدراسة. فقد قالت إحداهن: "بتّ أقتصد في استعمال الفوط الصحية، بسبب الأوضاع الاقتصادية وعجزي عن شراء العدد الذي أحتاجه، وأضطر إلى استخدام الفوطة الصحية الواحدة لساعات طويلة".
إنها حقي كالتعليم تمامًا
قالت أخرى: "استبدلت نوعية الفوط الصحية التي استخدمها بأخرى زهيدة الثمن وأقل جودة، الأمر الذي سبّب لي ولابنتي الالتهابات والحساسية، ولم أعد قادرة على شراء النوعية الجيدة خاصة أني وابنتي نحتاج إلى عدد كبير منها شهرياً"، فيما أكدت فتاة أنها تدفع اليوم 100 ألف ليرة وأكثر من مدخولها المحدود جداً بعد أن كانت تدفع 30 ألفًا ثمن الفوط الصحية شهرياً، وهي تعاني ماديًا وصحيًا من مشاكل في الهرمون تتفاقم مع عدم قدرتها على تأمين ما تحتاجه من هذه الفوط.
وعبرت إحداهن عن عجزها عن شراء سدادات قطنية أو فوط صحية، "كما أنّني عاجزة عن شراء طعامي، حتى بتّ أحاول النوم معظم الوقت لأتجاوز الشعور بالجوع"، فيما تتغيّب فتاة عن المدرسة بضعة أيام كل شهر لعدم وجود فوط صحية تستخدمها خلال دورتها الشهرية، فعائلتها غير قادرة على شرائها، لذلك علّمتها والدتها كيف استبدلها بقطع من القماش، علمًا أن إحدى المشمولات بالدراسة أكدت أنها قضية "تمس الكرامة وتؤثر أيضًا على الحقوق الأخرى، كالحق في التعليم".
قالت لما نجا، مديرة برامج الصحة والحقوق الجنسية والانجابية في منظمة بلان انترناشيونال "ان تدهور الأوضاع في لبنان وتأثيره السلبي على المراهقات والنساء يشكل مصدر قلق لمنظمة بلان انترناشيونال وخاصة مع تزايد اعداد اللواتي استبدلن الفوط الصحية و لجأن إلى استخدام طرق بديلة وغير آمنة. ان هذه التبعات تشكل خطرا حقيقيا على حقوق وصحة المراهقات و النساء الجنسية والانجابية. الدورة الشهرية ليست خيارا بل واقعا بيولوجيا والوصول إلى منتجات الدورة الشهرية هو حق من حقوق الانسان".
التعليقات