دبي: دفع استيلاء طالبان السريع على كابول هاريس إلى التعجيل في الهروب من العاصمة، ليجد نفسه عالقًا في قاعدة أميركية في قطر مكتظّة بمئات الأفغان الذين يتطلّعون إلى بدء حياة جديدة في الولايات المتحدة.

وكان مسؤولون أميركيّون أعلنوا الجمعة أنّ عمليّات الإجلاء من أفغانستان توقّفت لعدّة ساعات لأن قاعدة العديد في الدولة الخليجية الثرية كانت ممتلئة ولم تعد قادرة على استقبال المزيد ممّن تم إجلاؤهم.

وبحسب هاريس (31 عامًا) الذي وصل إلى القاعدة الأربعاء، فإنّ ظروف إقامة آلاف الأفغان في القاعدة "مروّعة"، موضحًا في رسائل لوكالة فرانس برس عبر تطبيق واتس آب "هذا هو يومنا الثالث هنا ولا يوجد إنترنت. حمام واحد فقط ومرحاض واحد".

وقال "ننتظر الصعود على متن طائرة ولكنّي لست متأكدًا كم هي مدّة الإنتظار. الحصول على معلومات أمر مستحيل "، مضيفًا "لم ننم منذ أيام".

تعامل بيروقراطي مع الأزمة

وتعرّضت وزارة الخارجيّة الأميركيّة لإنتقادات بسبب تعاملها البيروقراطي مع الأزمة، إذ إنّه يتوجّب على الآلاف من كبار السنّ والأطفال أن ينتظروا على مدى أيّام، وفي ظروف صعبة، للحصول على وثائق تسمح لهم بمغادرة هذه القواعد للوصول إلى الولايات المتحدة.

وقال الجنرال هانك تايلور، من هيئة الأركان الأميركيّة، للصحافة الجمعة أنّ الطائرات الأميركية أجلت نحو ستة آلاف شخص خلال اليوم الذي سبق إلى أن دفع اكتظاظ القاعدة في الدوحة إلى عرقلة الرحلات الجوية.

واستؤنفت في وقت متأخّر الجمعة عمليّات إجلاء المدنيّين من مطار كابول التي وصفها الرئيس الأميركي جو بايدن بأنّها من بين "الأكثر صعوبة في التاريخ"، بعدما اتّفقت الولايات المتحدة مع عدد من الدول بينها ألمانيا والبحرين على المساعدة في عمليّات الإجلاء على أراضيها.

على عكس غالبيّة الأفغان الآخرين، يحمل هاريس بطاقة إقامة أميركيّة وتعيش عائلته في فرجينيا.

وقد قرّر مغادرة كابول على متن رحلة تجاريّة عندما بلغ مقاتلو طالبان بوابات العاصمة، لكن السقوط الخاطف للمدينة دفعه إلى التخلّي عن خطّته الأوّلية والصعود على متن واحدة من الطائرات العسكريّة الأميركيّة.

وفي قاعدة العديد في قطر التي تضم أكبر محطة لسلاح الجو الأميركي في الشرق الأوسط، ذكر هاريس أنّ أعدادًا كبيرة من الأطفال والرجال والنساء ينامون على الأرض.

وقال لفرانس برس "لقد أوصلت مئات الأشخاص بالإنترنت من هاتفي الشخصي".

الإزدحام في كابول

وفي كابول السبت، كان الإزدحام لا يزال ماثلًا عند الطرق المؤدّية إلى المطار. ولا تزال آلاف العائلات أمام مطار العاصمة الأفغانيّة على أمل ركوب طائرة بأعجوبة. وأمامهم، كان جنود أميركيّون ومجموعة من القوّات الخاصة الأفغانيّة على أهبة الإستعداد لثنيهم عن إقتحام المكان.

وكان عناصر طالبان المتّهمون بملاحقة الأفغان الذين عملوا إلى جانب القوى الأجنبيّة، يقفون في الخلف ويراقبون المشهد.

وتقول وزارة الخارجية الأميركية إنّ عملية الإجلاء يتم تسهيلها حاليًّا من قبل البحرين والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكازاخستان والكويت وقطر وطاجيكستان وتركيا وأوكرانيا والإمارات وبريطانيا وأوزبكستان.

وقالت قطر السبت أنّه تم إجلاء أكثر من 7000 شخص من أفغانستان عبر أراضيها، مؤكّدة أنّ "جميع الأشخاص الذين تم إجلاؤهم يتم توفير الإقامة المناسبة لهم وجميع الموارد الأخرى المطلوبة". وكانت الإمارات أفادت الجمعة أنّها ساعدت في إجلاء 8500 شخص.

ووصف هاريس الوضع في القاعدة الأميركية بالدوحة بأنه "فوضوي".

وأوضح "الجميع يتدافعون ويحدثون فوضى أسوأ من تلك التي شاهدناها عند بوابات المطار"، مضيفًا أنّه حاول تهدئة الأفغان وإرشادهم لكن جنديًّا أميركيًّا شكّك في سلطته ووصفه بأنّه "شخص متوهّم".

وتابع هاريس "أعتقد أنّهم هم من يعيشون في وهم لخسارتهم الحرب في مقابل مجموعة من راكبي الدراجات النارية الذين ينتعلون الصنادل".