إيلاف من بيروت: في 16 نوفمبر الجاري، أعلنت عيادة جميل عن إطلاق شبكة مستشفيات "عيادة جميل للذكاء الاصطناعي"، في مبادرة جديدة صممت بالشراكة مع مؤسسة Wellcome. والهدف من هذه الشراكة تعميم أدوات الذكاء الاصطناعي الطبية في 35 مستشفى في ثماني دول، بما فيها المكسيك والهند وتايوان.
تُعتبر عيادة جميل مركزاً رائداً للذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، تأسس في عام 2018 بالشراكة بين معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومجتمع جميل.
القطاع الصحي المنهك
تستجيب هذه المبادرة لضغوط متزايدة تتعرض لها منافذ تقديم الرعاية الصحية في البلدان التي تعاني أنظمتها الصحية نقصًا في الموارد، بسبب تحديات صحية ناجمة عن التغير المناخي، وأنماط الحياة المستقرة، إضافة إلى عدد من المشكلات الناشئة عن زيادة متوسط العمر المتوقع، والتي تؤدي بدورها إلى ارتفاع معدل الأمراض المعدية وغير المعدية والأمراض التنكسية العصبية.
وفي ظل التطور الهائل الذي شهدته تقنيات الذكاء الاصطناعي خلال العقد الماضي في جميع مجالات الرعاية الطبية، إن في تقييم المخاطر أو في تشخيصها أو في تصميم بروتوكولات علاجية بحسب كل حالة أو التنبؤ بالنتائج، سارعت مؤسسات الرعاية السريرية إلى الاستعانة بهذه التقنيات في الممارسة السريرية اليومية، نظراً إلى إمكاناتها الفريدة وقدرتها على إنقاذ الأرواح وتحسين جودة الرعاية والتحكم في التكاليف.
وتأتي مبادرة عيادة جميل تماشياً مع التزامها والزام ومؤسسة Wellcome تطوير تقنيات جديدة في مجال الرعاية الصحية وإتاحتها للجميع، خصوصًا في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. فمن شأن تعميم تقنيات الذكاء الاصطناعي ونشرها على نطاق واسع من خلال شبكة عيادة جميل لمستشفيات الذكاء الاصطناعي أن يتيح لهذه الدول إمكانية الوصول إلى ذخيرة هائلة من أدوات الذكاء الاصطناعي المتطورة بعد دمجها في تجهيزاتها الطبية الأساسية.
إجراءات للنشر الفعال
ستغطي هذه الأدوات المزمع توزيعها مجموعة واسعة من التخصصات السريرية التي تسمح للمستشفيات باختيار مجالات التطبيق الأكثر ملائمة لاحتياجاتها. كما تسعى الشبكة إلى وضع إجراءات للنشر الآمن والفعال لأدوات الذكاء الاصطناعي في بيئات سريرية محددة، والتركيز على اختبار كفاءة أدوات الذكاء الاصطناعي لضمان نتائج صحية عادلة، وتحسين تطوير الأدوات وصولاً إلى تعزيز جدواها السريرية.
إضافة إلى أدوات الذكاء الاصطناعي التي ستغطي مجالات علاجية عديدة، ستوفر الشبكة أيضاً دعماً للخطوط الخلفية لشبكات تكنولوجيا المعلومات في المستشفيات مع تمكينها من الوصول إلى الدعم والموارد والشركاء من خلال عيادة جميل.
إن جهد عيادة جميل مستمر لتسهيل جميع مراحل توزيع هذه التقنيات، بداية من دعم تكنولوجيا المعلومات، ووصولاً إلى توعية الأطباء حول مزايا تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي. كما ستتيح هذه العملية لعيادة جميل جمع الملاحظات العلمية حول مدى إمكانية تبني هذه الخوارزميات وسهولة استخدامها وجدواها في سياقات العالم الواقعي.
سيستخدم الأطباء في المستشفيات أدوات الذكاء الاصطناعي بما يتوافق مع اللوائح المتعلقة بالمرضى، وسيقدمون ملاحظات بناءة حول تطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي واستخدامها في السياقات السريرية الواقعية، إلى جانب المساعدة في إعداد إحصاءات حول سهولة الاستخدام ونسبة الخطأ وملاحظات المستخدمين.
فرصة واعدة.. ونحن متحمسون
قالت البروفيسورة ريجينا برزيلاي، رئيسة قسم الذكاء الاصطناعي في عيادة جميل بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "أمامنا فرصة واعدة لإحداث تغيير جذري وملموس في مشهد الرعاية الصحية من خلال التعلم الآلي، ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا تمكنا من تبني نماذج التعلم الآلي على نطاق واسع وتعميم استخدامها في بيئات العالم الواقعي بالمستشفيات والمراكز الطبية مع توعية الأطباء والمرضى بفوائدها وجدواها، وهذا بطبيعة الحال يستلزم بناء تحالف قوي من الباحثين والأطباء والمستشفيات والجهات الفاعلة في مجال الصحة العامة لضمان تحقيق الفوائد الهائلة التي يجلبها التعلم الآلي في اكتشاف الأمراض وعلاجها".
وبحسب طارق خوخار، رئيس قسم بيانات العلوم والصحة في مؤسسة Wellcome، شهدت السنوات الأخيرة انتشاراً لافتاً لأدوات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، وكان هذا الانتشار مدفوعاً بالتحديات التي فرضتها جائحة كورونا على العالم، لكن الفكرة هنا تكمن في أن العديد من هذه الأدوات لم يخضع لاختبارات دقيقة في بيئات سريرية متنوعة وعلى مرضى من خلفيات مختلفة. أضاف: "لا شك في أن التأكد من فعالية هذه الأدوات ومدى جدواها في تحقيق نتائج صحية أفضل سيكون أمراً حاسماً لنا جميعاً. ويسرنا أن ندعم شبكة عيادة جميل لمستشفيات الذكاء الاصطناعي للمساهمة في تطوير آليات تضمن طرح أدوات الذكاء الاصطناعي السريرية بطرق آمنة وفعالة، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين صحة الناس وإنقاذ مزيد من الأرواح".
وقال جورج ريتشاردز، مدير مجتمع جميل: "إننا متحمسون لرؤية شبكة عيادة جميل لمستشفيات الذكاء الاصطناعي وهي تفتح مساراً لنشر أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة في مختلف البيئات السريرية عبر تطوير نموذج منصف وتشاركي من نظير إلى نظير للابتكار في مجال الرعاية الصحية بهدف المساعدة في إنقاذ الأرواح من خلال الدخول في شراكات مع الأطباء والمستشفيات في البلدان التي تعاني من نقص في تقنيات الذكاء الاصطناعي والموارد الصحية".
تحول في المشهد الصحي
يُذكر أن عيادة جميل تسعى إلى إحداث تحول في مشهد الرعاية الصحية عبر تطوير تقنيات قائمة على الذكاء الاصطناعي ودمجها في أجهزة التشخيص المبكر، بالإضافة إلى اكتشاف أدوية جديدة وبناء نظم رعاية تركز على تلبية الاحتياجات الشخصية للمرضى وإدارتها. وتركز عيادة جميل بشكل خاص على ترجمة الاكتشافات إلى تقنيات يمكنها تحسين حياة الناس من خلال توفير الدعم لمختلف الأنشطة البحثية والتعليمية في مجال الذكاء الاصطناعي/ الرعاية الصحية، وإقامة علاقات تعاونية مع المستشفيات وشركاء الصناعة والمؤسسات التي تتشارك معها ذات الرؤية والتطلعات. وقد أسفرت جهود عيادة جميل عن اكتشافات باهرة كان أبرزها المضاد الحيوي الجديد "هاليسين" وأداة الكشف المبكر عن سرطان الثدي "ميراي".
وفي إطار جهودها لتسليط الضوء على إمكانات تغيير مشهد الرعاية الصحية من خلال تبني أدوات الذكاء الاصطناعي، ستستضيف عيادة جميل ومجتمع جميل ومؤسسة ويلكوم ندوة ليوم واحد في دبي بعنوان "التشافي بالذكاء الصناعي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا: دور الذكاء الاصطناعي وحلول البيانات في تعزيز مشهد الرعاية الصحية"، وستمثل هذه الفعالية، المقرر إقامتها في 20 ديسمبر 2022 في مركز جميل للفنون في دبي، أول مشروع لشبكة عيادة جميل لمستشفيات الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا.
التعليقات