إعتقال 500 شخص في صدامات الأحد والأمم المتحدة مصدومة إزاء القمع في إيران

من المقرر أن تنطلق اليوم في طهران، التي شهدت الأحد مواجهات عنيفة بين المعارضين وقوى الامن، تظاهرات بدعوة من السلطات وكذلك الإدارات والهيئات الرسمية رداً من النظام الإيراني على المعارضة. إلى ذلك أعلن قائد الشرطة الإيرانية الجنرال إسماعيل أحمدي أن أكثر من 500 متظاهر اعتقلوا الاحد خلال تظاهرات المعارضة. ونقلت صحيفة واشنطن بوست الاربعاء ان أميركا تُعد عقوبات بحق بعض عناصر الحكومة الإيرانية ومن بينهم من أسهم في قمع المتظاهرين.

طهران، واشنطن: رد النظام الإيراني على التظاهرات المعادية للحكومة بتجمعات حاشدة نظمت الاربعاء في جميع أنحاء البلاد، معززا الضغوط على المعارضين الذين اتهمتهم الحكومة بأنهم quot;خدم للعدوquot;. وبدأت التظاهرات الاولى صباحا في الارياف حيث تجمعت حشود كبيرة للتنديد بquot;رؤوس الفتنةquot; وطالب البعض بquot;شنقهمquot; بحسب صور بثها التلفزيون الإيراني. ونظمت مئات التجمعات بدعوة من السلطات وكذلك الادارات والهيئات الرسمية على غرار الحرس الثوري والحوزات العلمية والجمعيات المحلية وبعض الاسواق على غرار سوق قم (جنوب طهران) التي اغلقت.

وافادت المعارضة ان بعض الشركات شجعت موظفيها على المشاركة في التجمعات، حيث أمن بعضها الحافلات لنقلهم. وفي طهران التي شهدت الاحد مواجهات عنيفة بين عشرات الاف المتظاهرين المعارضين وقوى الامن، من المرتقب نزول ستة مواكب بعد ظهر الاربعاء كي quot;تفقأ عين الفتنة وتفشل مخططات الاعداء المشؤومةquot;، بحسب بيان للحكومة.

واضافت الحكومة ان متظاهري المعارضة جعلوا انفسهم quot;خدما للعدو ويتوهمون انهم يستطيعون اسقاط النظام الاسلاميquot;، وتابعت quot;ان الشعب الإيراني اليقظ والواعي في إيران الاسلامية (...) سيدفع مرة اخرى بالمغررين وعملاء الاستكبار الى مواقعهمquot;. واكد احمدي نجاد مساء الثلاثاء ان تظاهرات المعارضة تستجيب لسيناريو امر بوضعه quot;الصهاينة والاميركيونquot;، منددا بالانتقادات الغربية لقمع التظاهرات الذي اسفر عن مقتل ثمانية اشخاص وجرح حوالى مئة وتوقيف المئات.

واضاف في رد الفعل الاول له على هذه التظاهرات ان quot;ما يعرض مسرحية مثيرة للاشمئزاز لكن من خططوا له ومن شاركوا فيه مخطئون على حد سواءquot;. وتابع quot;ان الشعب الإيراني، عند تعبئته على الارض، سيذلهم مرة اخرىquot;. كما اعربت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة نافي بيلاي الاربعاء عن quot;صدمتهاquot; ازاء quot;سقوط القتلى والجرحى والتوقيفاتquot; داعية الحكومة الإيرانية في بيان الى وقف quot;العنف المفرط الذي تمارسه قوى الامنquot;.

وقال قائد الشرطة الإيرانية الجنرال اسماعيل احمدي الاربعاء ان اكثر من 500 متظاهر اعتقلوا الاحد خلال تظاهرات المعارضة وما زال 300 منهم موقوفين. وقال ان quot;مرحلة التسامح انتهت. سنتحرك بمزيد من الحزم ضد اي شخص يشارك في التظاهرات وسيتم تسريع الاجراءات القضائية ضد هؤلاء الاشخاصquot;. غير ان السلطة تبدو منقسمة حيال مصير قادة المعارضة.

واكدت وكالة الانباء الإيرانية (ارنا) الاربعاء ان quot;المحاكمة العلنية لقادة الفتنة مطلب شعبي عامquot; ونقلت دعوة جهات كثيرة من المتشددين في النظام ومن بينهم الحرس الثوري الى توقيف القادة الرئيسين للمعارضة ومحاكمتهم. واكد التلفزيون الإيراني ان مليون توقيع ستجمع في تظاهرات الاربعاء في ادانة لقادة المعارضة. غير ان بعض المسؤولين المحافظين ما زالوا يميزون بين المعارضة السياسية وquot;المشاغبينquot;، ويدعون الى العودة الى quot;الوحدة السياسيةquot; من ضمن النظام.

ونقلت صحيفة افتاب الاصلاحية عن آية الله العظمى ناصر مكارم شيرازي المحافظ quot;اعتقد ان الخلافات الجارية لها حل سلمي، لم لا نبحث فيها؟quot; من جهته صرح آية الله جعفر صبحاني المحافظ للصحيفة نفسها انه على القادة الإيرانيين quot;ترك باب التفاوض مفتوحا والحفاظ على رحابة الاسلام عبر إنشاء ظروف الوحدةquot;.

ونقل نائب ايراني محافظ عن النائب العام غلام حسين محسني ايجائي قوله إن القضاء باشر ملاحقة عدد من قادة المعارضة. وقال النائب حسن نوروزي حسب ما نقلت عنه وكالة ايلنا للانباء ان ايجائي أدلى بهذا التصريح خلال اجتماع مغلق لمجلس الشورى.

واضاف نوروزي ان النائب العام quot;اعلن خلال هذا الاجتماع ان مير حسين موسوي ومهدي كروبي وقادة اخرين للفتنة باتوا ملاحقين قضائياquot;. وتابع النائب الايراني quot;ان المطلب الاساسي للنواب كان محاكمة قادة الفتنة واعتقال اشخاص مثل موسوي وكروبي وحتى فايزة هاشمي (ابنة الرئيس الاسبق اكبر هاشمي رفسنجاني). واضاف نوروزي quot;ان النائب العام لم يتكلم عن اعتقالات بل قال ان هؤلاء الاشخاص باتوا ملاحقين قضائياquot;.

وعلى صعيد متصل، نقلت صحيفة واشنطن بوست الاربعاء ان الولايات المتحدة تعد quot;عقوبات بحق بعض عناصر الحكومة الإيرانية ومن بينهم من أسهم في قمع المتظاهرينquot;، في مؤشر على تشديد الموقف الاميركي حيال طهران. وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين رفضوا الكشف عن اسمهم quot;بعد انقضاء عشرة اشهر من مهلة السنة التي حددها الرئيس (الاميركي باراك) اوباما لنفسه لدفع إيران الى تقديم تعهدات حول برنامجها النوويquot; تواجه واشنطن خيارا صعبا.

وتابعت ان quot;الادارة (الاميركية) تريد تحديد اهداف عقوباتها بعناية لتجنب اثارة عداء الرأي العام الإيراني، تاركة الباب مفتوحا امام حلquot; المشكلة النووية. واضافت الصحيفة ان مؤسسة الحرس الثوري ستدرج على لائحة الاهداف المحتملة للعقوبات. واوضحت ان عناصر الحرس الثوري الذين يتلقون تدريبا جيدا وعتادا كافيا يشكلون رأس حربة القوات المسلحة الإيرانية وquot;يلعبون دورا متعاظما في الاقتصاد وفي قمعquot; المعارضة.

وتابعت quot;الهدف من اي عقوبة هو إجبار حكومة طهران على العودة الى طاولة المفاوضات، وليس معاقبتها على تطويرها المفترض للسلاح النووي او طريقة تعاملها مع شعبهاquot;. واسر مسؤول اميركي رفض الكشف عن اسمه للصحيفة quot;لم نؤيد في اي وقت فكرة عزل العالم اجمع لاقتصادهمquot;، مضيفا ان quot;المهم هو معرفة كيف يفسر الشعب الإيراني عزلته، ان كان يحمل النظام مسؤوليته او ينقلب ضدناquot;.

وقال مسؤول اخر للصحيفة quot;هدفنا ابقاء الباب مفتوحاquot; امام المفاوضات مع النظام. ولفتت واشنطن بوست الى اعتماد الادارة الاميركية نبرة quot;اكثر قسوة مع إيران، بسبب قمع تظاهرات المعارضة على الاخصquot; الذي اسفر عن مقتل ثمانية اشخاص في نهاية الاسبوع. وأدان اوباما بحزم القمع العنيف الذي ابدته قوى الامن الإيرانية حيث فتحت النار على المتظاهرين في الشارع.

غير ان المسؤولين الاميركيين الذين تحدثوا الى واشنطن بوست اصروا على عدم ارتباط العقوبات بالتظاهرات. وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤول اميركي رفيع quot;انها مصادفة ان يتزامن انتهاء المهلة (التي حددتها الولايات المتحدة في الملف النووي الإيراني) ووقوع هذا القمع الدامي. هذا الامر ادى الى كشف طبيعة النظامquot;.

فراتيني: نطالب الدول الأوروبية باستدعاء السفراء الإيرانيين

إلى ذلك، طالب وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي باستدعاء السفراء الإيرانيين المعتمدين لديها للاحتجاج على استخدام السلطات في طهران للعنف ضد المتظاهرين. وقال رئيس الدبلوماسية الايطالية في تصريحات صحافية اليوم quot;طلبنا من جميع العواصم الأوروبية استدعاء السفراء الإيرانيين لديها، وفي الوقت ذاته أن تكون هناك خطوة رسمية من رئاسة الاتحاد الأوروبي، التي تتولاها السويد، إزاء الحكومة في طهرانquot; حسب تعبيره

وأوضح فراتيني quot;أن ذلك بالطبع يتطلب تنسيقاً قوياً مع الولايات المتحدة الأميركيةquot; وأضافquot; الأمور ستتبلور خلال الايام المقبلة من خلال الاتصالات التي ستتم، عبر الأمناء العامين لوزارات الخارجية المعنية في سبيل تنسيق الموقف اعتباراً من الأيام الأولى للسنة الجديدةquot; على حد قوله

فضل الله يعتبر الحوار افضل الطرق لمواجهة ما تشهده إيران

من جانبه اعتبر المرجع الديني الشيعي اللبناني آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله الاربعاء ان الحوار هو افضل الطرق لمواجهة ما تشهده الساحة الإيرانية من خلافات بين النظام ومعارضيه والتي ادت الاحد الى سقوط ثمانية قتلى.

وقال فضل الله المعروف باعتداله quot;ندعو الى التحرك على خطين: فتح افاق الحوار الداخلي على جميع المستويات (...) واقفال كل الثغر التي يسعى المحور الاستكباري لتهديد امن الامة من خلالهاquot;، وذلك في بيان صدر عن مكتبه الاعلامي اثر استقباله لوفد إيراني برئاسة السيد مجتبى الحسيني ممثل قائد الجمهورية الاسلامية السيد علي خامنئي في دمشق.

ونبه المرجع الديني المعارضة الى ضرورة التحرك quot;في نطاق القيم والمبادئ والاسس التي تمنع أعداء الامة من استغلال أي حركة للإمعان في تفتيت المواقع الاسلاميةquot; مشددا على quot;احتضان الاسلام والنظام الإسلامي لمسألة المعارضةquot;.

واضاف quot;ان إيران تمر بمرحلة دقيقة وان أي سعي لإضعافها يمثل خدمة للمشروع الاستكباري الذي يقف الصهاينة وراءهquot;. من ناحية اخرى نفى مصدر مقرب من فضل الله ما اوردته الاربعاء بعض وسائل الاعلام من ان الاصلاحيين في إيران طلبوا تدخله لدى خامنئي لوقف حملات القمع التي يتعرضون لها وذلك لما لديه quot;من نفوذ معنوي واحترام لدى ولي الفقيهquot;.

وقال مدير مكتبه الاعلامي الحاج هاني عبد الله لوكالة الأنباء الفرنسية quot;لم يتلق سماحة السيد اية رسالة بخصوص الوضع في إيران من اي مسؤول من الاصلاحيين او من اية جهة اخرىquot;. وادت التظاهرات المناهضة للحكومة التي شارك فيها عشرات الالاف الاحد في إيران الى مقتل ثمانية اشخاص وجرح حوالى مئة وتوقيف المئات وهي تتمحور حول الاحتجاج على اعادة انتخاب محمود احمدي نجاد لولاية رئاسية ثانية في حزيران/يونيو الماضي.