ضاعفت الولايات المتحدة مساعداتها الخارجية بمقدار ثلاثة أضعاف إلى اليمن من المستويات التي كانت عليها في 2008، وتخطط لإنفاق ما يصل إلى 63 مليون دولار هذا العام. ورغم ذلك تواجه إدارة أوباما بعض الإعاقات، نتيجة لقلة الموارد، ونقص الخبرة الداخلية.

القاهرة:في الوقت الذي تواجه فيه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أحدث تهديدات الإرهاب في اليمن، تكشف اليوم صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية النقاب عن أن الجهود الدبلوماسية والتنموية التي تبذلها واشنطن هناك تواجه بعض الإعاقات، نتيجة لقلة الموارد، ونقص الخبرة الداخلية، وكذلك التاريخ الحافل مع قائد يمني غاية في التردد بشأن المساعدات الأميركية. وتمضي الصحيفة لتنقل عن مسؤولين من داخل الإدارة الأميركية كشفهم عن أنهم صبوا تركيزهم على اليمن باعتبارها بؤرة للإرهاب الإسلامي منذ اليوم الأول لتولي الرئيس أوباما مقاليد الحكم مطلع العام الماضي.

ولفتت الصحيفة في ذات السياق إلى أن الولايات المتحدة قامت بزيادة مساعداتها الخارجية بمقدار ثلاثة أضعاف إلى اليمن من المستويات التي كانت عليها في 2008، وأنها تخطط لإنفاق ما يصل إلى 63 مليون دولار هذا العام. لكن وبكل الحسابات، يعتبر هذا المبلغ متواضعا ً بالنسبة لبلد شكَّل ذات فجأة تهديدا ً مركزيا ً على الساحة السياسية الخارجية؛ فهو تقريبا ً نفس المبلغ الذي تمنحه الولايات المتحدة لصربيا. وترى الصحيفة أن هذا المبلغ يبرز أيضاً لأي مدى قامت الولايات المتحدة بتوسيع أجندتها على صعيد السياسة الخارجية، وإلى أي مدى كان من الصعب عليها أن تقوم بتوسيع مواردها بعيداً عن الحربين اللتين تخوضهما في العراق وأفغانستان.

وبعيدا ً عن المساعدات العسكرية والاستخباراتية التي قدمتها واشنطن إلى صنعاء ( والتي تجلت بوضوح في الغارات الجوية التي تم شنها أخيرا ً على معاقل تدريب القاعدة في البلاد )، تقول الصحيفة كذلك، نقلا ً عن دبلوماسيين سابقين وخبراء خارجيين، إن إدارة أوباما بصدد بوضع خطة متماسكة للتعامل مع الفساد والفقر المتفشيان في اليمن، والذين ينظر إليهما على اعتبار أنهما يشكلان السبب الرئيسي وراء جذب الإرهابيين للبلاد، على حد قولهم.

وتنقل الصحيفة في هذا الإطار عن إدموند هال، السفير الأميركي السابق لدى اليمن في الفترة ما بين 2001 إلى 2004، قوله :quot; لا أعتقد أن لدينا إستراتيجية خاصة باليمن؛ بل أعتقد أن لدينا بعض الردود. ومن الصعب القيام بذلك لأن المشكلات في اليمن ضخمة للغاية، بحيث تجد نفسك تتوقف تقريبا ً قبل أن تبدأquot;. وتشير الصحيفة إلى أن رؤية واشنطن المحدودة بخصوص الشأن اليمني تجلت بوضوح يوم الخميس الماضي عندما أبدى مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي ومكافحة الإرهاب جون برينان، اندهاشه من أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بات متطورا ً بما يكفي لتنفيذ مؤامرة ضد طائرة أميركية. ومع هذا، فإن برينان ndash; الذي كان يترأس محطة السي آي إيه في المملكة العربية السعودية ndash; ينظر إليه على نطاق واسع بوصفه واحدا ً من أكثر مسؤولي الإدارة الأميركية دراية بالشؤون اليمنية.

وفي السياق، تنقل الصحيفة أيضا ً عن ميكا زينكو، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية، قوله :quot; لا يمكن اعتبار اليمن الدولة الأكثر غموضاً في العالم. ولا يحتاج الفرد إلا للاستفسار عن الأسباب التي تقف وراء عدم بذل مزيدا ً من الجهود بصورة عاجلةquot;. ثم تمضي الصحيفة لتنقل عن جانيت ساندرسون، نائبة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية التي تشرف على الشأن اليمني، قولها :quot; نريد أن نضع حزمة من المشروعات سريعة الأثر التي تمنح المواطنين اليمنيين شعورا ً بأن شؤون حياتهم تتحسنquot;.

بعدها، تستعرض الصحيفة تاريخ العلاقات المتفاوتة بين الدولتين منذ العام 2000، عندما تم تفجير المدمرة الأميركية quot;كولquot; في اليمن، حيث أقدمت واشنطن حينها على بذل جهودا ً مماثلة لما تبذله الآن ( على صعيد مكافحة الإرهاب والمشروعات التنموية الخاصة بقطاعات الصحة والاقتصاد )، ما ساهم في جعل عناصر تنظيم القاعدة باليمن في حالة دفاعية خلال الفترة ما بين 2002 إلى 2004.

ثم تلفت إلى بدء تدهور العلاقات بين الجانبين عقب هروب العديد من المشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة من سجن في صنعاء عام 2006. وبعد الإفراج عن أحد قيادات تنظيم القاعدة عام 2007، علقت الولايات المتحدة المساعدات التي كان من المفترض أن تتلقاها اليمن عبر برنامج تحدي الألفية. وقد تضاءلت المساعدات غير العسكرية لليمن لأقل من 20 مليون دولار بحلول عام 2008، في حين يتوقع أن تتلقى أفغانستان مبلغا ً قدره 2.7 مليار دولار سنويا ً في صورة مساعدات غير عسكرية، وباكستان مبلغاً قيمته 1.5 مليار دولار، والعراق مبلغاً قدره 500 مليون دولار. وبينما أقدمت الإدارة الأميركية العام الماضي على مضاعفة مساعداتها الاقتصادية لليمن، أشارت باربرا بودين، سفيرة أميركية سابقة لدى اليمن، إلى أن المبلغ كان ضئيلاً، وكان يبلغ نصيب المواطن اليمني منه ما يقدر بـ 1.60 دولارا ً فقط.

وقد اعترف مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية بأن الولايات المتحدة تمتلك موارداً محدودة بالنسبة لليمن، وبرغم تركيز التدقيق المكثف على البلاد، إلا أن تلك الأرقام من الممكن أن تتزايد. كما يقول المسؤولون إن على الولايات المتحدة أن تسلك مسارا ً واقعيا ً في ما يتعلق بما يمكنها أن تفعله في اليمن، بالنظر إلى قائمة المشكلات الطويلة، التي تشتمل على نقص المياه، وتضاؤل احتياطي النفط، والحركات الانفصالية في الجنوب، والتمرد الرئيسي في الشمال، وتزايد أعداد الشباب العاطل عن العمل. وترى الصحيفة في الختام أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قد يكون العقبة الأكبر في طريق المساعدات التي تُمنح لليمن. ففي الوقت الذي يقول فيه المسؤولون الأميركيون إنه مصمم على ما يبدو على استئصال عناصر تنظيم القاعدة، إلا أن عزيمته قد أصيبت بالوهن مع مرور الوقت، بناءا ً على حساباته سواء ما كان يشكل المتطرفين الإسلاميين تهديداً أم أن بإمكانه الاستفادة منهم. كما يشعر الرئيس اليمني بالقلق من أن ينظر إليه على أنه وطيد الصلة بالولايات المتحدة.