بفضل شعور عظيم ملؤه الأمل والتفاؤل، وبفضل الثقة المستحقة من جانب البرلمان (مجلس الأمة)، سنستطيع أن نجتاز هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا وأن نفتح صفحة جديدة تحت شعار laquo;بناء دولتناraquo;. وتحت ذلك الشعار سنكرّس أنفسنا لتنمية الكويت ولجعل الدولة تعود إلى احتلال مكانتها المستحقة. وفي داخل البرلمان ينبغي وسيتم تبنّي نهج جديد. نهج يسعى جاهداً في اتجاه رؤيانا الوطنية بحيث يكون قائماً على أساس التطلع إلى المستقبل دونما إنكار للماضي، ويسعى إلى العالمية دون أن يتخلى عن الثقافة المحلية والتحديث في داخل إطار قيمنا ومبادئنا الراسخة التي اعتاد عليها الكويتيون.
إننا في حاجة إلى تفعيل إرادة التغيير وإلى أن نتبنى منهجية جديدة لمواجهة العواقب التي نجمت عن تجارب الماضي.
وفي هذا السياق، يتوجب علينا أن نميز بين الأسباب والنتائج. في تقييمي، توصلت إلى تحديد عدد من القضايا التي اعتبرها مصدراً للاختلال وكانت لها نتيجة مباشرة على التحديات التي شهدتها دولتنا خلال السنوات القليلة الفائتة. وفي مقدمة تلك القضايا هناك قضية الحفاظ على الوحدة الوطنية. وثانياً، ينبغي تحويل عملية تطبيق القانون من مجرد شعار إلى تطبيق جاد وفعلي بحيث يجسد مبادئ العدالة والمساواة وسيادة القانون. وثالثاً، فإن العلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ينبغي أن يتم تطويرها إلى مدى أبعد بطريقة تتعامل مع العوائق التي عرقلت مسيرة العمل الوطني. ورابعاً، (هناك قضية) ضرورة تصحيح الأسلوب الذي تعمل به وسائل الإعلام، بما في ذلك كل مؤسساته وأدواته.
ليس هناك شك في أن هناك قضايا أخرى ينبغي أن تُعالج، مثل الاقتصاد ومشروعات التنمية والخدمة العامة، وتحديداً القضايا المندرجة في مجالات الصحة والتعليم والإسكان. والحكومة مجبرة على أن توجد حلولاً ملائمة وعملية لكل واحدة من تلك القضايا من خلال مسار عمل واضح ومباشر.
هذه القضايا هي أولوياتنا حيث ان معالجتها تمثل أساساً ضرورياً لمواجهة كل التحديات الماثلة أمامنا. وهي (القضايا) تمثل العناصر الأهم للإصلاح الذي أعتقد أنه سيحقق نقلة كمية، وهي النقلة المطلوبة خلال هذه المرحلة من أجل تجاوز القصور الذي أحدثته المرحلة السابقة، وهو الأمر الذي سيسهم تالياً في تخفيف أي مشاعر قلق وإحباط قد يشعر بها مواطنو هذه الدولة. وفي الوقت ذاته ينبغي علينا أن نعزز روح الأمل والتفاؤل بينما نعمل في اتجاه بناء الدولة وتحقيق أهدافنا.
لقد تم فعلياً اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة في سبيل ضمان إنجاز القضايا المذكورة آنفاً، كما أن إيجاد الحلول الملائمة لكل واحدة منها في داخل إطار زمني محدد هو التزام يقع على كاهل الحكومة.
ولا شك في أن نجاحنا مرهون بمشاركة وتعاون كل المؤسسات والأفراد في داخل مجتمعنا. ولأن هذا الأمر يعتبر مشروعاً وطنياً متكاملاً، فإنه يتطلب عملاً مسؤولاً وإيجابياً من أجل دفع عجلة مسيرة التنمية نحو مزيد من الإنجازات المستهدفة.
إننا نعيش (حالياً) فترة مفعمة بالتوقعات العالية الطموح، والتي نجمت عن تشكيل مجلس الأمة الجديد، وإنني على درجة عالية من الثقة في أنهم، جنباً إلى جنب مع مواطني هذا البلد المخلصين، حريصون كل الحرص على المحافظة على أمن واستقرار الكويت مع التمسك بشدة في الوقت ذاته بالدستور وبقيمنا الوطنية.
ومع ذلك، فإن الديموقراطية التي نمارسها ينبغي أن تكون أداة لتعميق مفهوم الوطنية والانتماء. ينبغي (لتلك الديموقراطية) أن تسمو بمستوى اهتمامات الأمة وأن تعزز الوحدة الوطنية وأن تخلق روح التوحد في المجتمع بدلاً من الانقسام. ويجب (على تلك الديموقراطية) أن تروج روح التفاهم والوسطية مع السعي في الوقت ذاته إلى نبذ التهور والتعصب والتطرف.
إن الديموقراطية تعني المحاسبة التي تتحلى بروح المسؤولية، كما أنها تعني الانتقاد البنّاء الذي يسمو فوق تشويه السمعة والقذف والتهجمات الشخصية. إنها التزام بالنقاش الموضوعي والتعاون المسؤول.
وبينما نتحرك نحو الأمام فإنه يتوجب علينا أن ندرس الأخطاء التي شابت ممارستنا السابقة. فالشخص الحكيم هو الذي يستفيد من ماضيه ومن تجارب الآخرين. يجب علينا أن نضع مصلحة الكويت فوق كل ما عداها، وهكذا سنستطيع أن نحقق طموحات الأمة وسنضمن مستقبلاً مزدهراً لأجيالنا القادمة.

* التقرير: laquo;كويت 2010raquo; الصادر عن laquo;اكسفورد بزنس غروبraquo;