اظهر استطلاع أنّ بيل كلنتون هو الشخصية السياسية الأوسع شعبية في الولايات المتحدة.

واشنطن: نال الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلنتون تعاطف 55 في المائة من المشمولين بالاستطلاع الذي أجرته شبكة (ان بي سي) مع صحيفة وول ستريت جورنال مقابل 23 في المائة كان رأيهم سلبيا بالرئيس السابق الذي لم يحصل ذات يوم على أغلبية مطلقة من أصوات الأميركيين وتعرض لمساءلة الكونغرس بسبب علاقته غير الشرعية مع المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي.

ولاحظت مجلة نيوزويك أن كلنتون انهي ولايته الثانية وهو يتمتع بتأييد 68 في المائة من الأميركيين، كما اظهر استطلاع أجرته شبكة (سي بي أس) في حينه وبالتالي فان استمرار شعبيته ليس بالأمر المفاجئ.

ولكن المفارقة المثيرة للاهتمام أن كلنتون لم يغب عن الساحة منذ عام 2001 بل ظل نشيطا يجاهر بآرائه، ليس في مجال الأعمال الخيرية فحسب بل وفي معترك السياسة أيضا.

وتُعنى المبادرة العالمية التي تحمل اسمه بقضايا التغير المناخي والتعليم وحقوق المرأة وأولويات أخرى.

ويقود كلنتون حملة من أجل توفير فرص عمل صديقة للبيئة.

كما أن سياسات كلنتون والرئيس الحالي باراك اوباما سياسات متطابقة عمليا، وليس هذا بمصادفة، فبصرف النظر عن الصراعات المريرة بين المرشحين في الانتخابات الحزبية التمهيدية فان إدارة اوباما معبأة بمخضرمين من زمن إدارة كلنتون يدينون له بالولاء.

وما رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض رام ايمانويل والمستشار الاقتصادي لاري سمرز ووزير العدل اريك هولدر وبالطبع وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون، إلا بضعة نماذج من مسؤولين في إدارة كلنتون قاموا بأدوار بارزة في حملة اوباما الانتخابية أو فريقه الذي تسلم مقاليد الحكم أو في الإدارة نفسها.

كل هذا يثير تساؤلات عن سبب شعبية كلنتون التي ما زالت كبيرة وبقاء شعبية اوباما في حدود 46 في المائة مقابل 49 في المائة يتخذون موقفا سلبيا منه.

وترى شبكة (سي بي أس) أن من الأسباب الرئيسية لشعبية كلنتون انه لم يعد هدفا لسهام الحزب الجمهوري.

فقد أظهر الاستطلاع أن 47 في المائة من الجمهوريين ينظرون إلى الرئيس السابق نظرة سلبية مقابل 78 في المائة منهم لديهم مثل هذه النظرة إزاء اوباما.

والمؤكد أن اوباما حل محل كلنتون بوصفه ضحية شائعات حاقدة يبثها الإعلام اليميني المسموع.

وتتوقع مجلة نيوزويك أن اليمين إذا تمكن من السيطرة على الكونغرس في الانتخابات النصفية سيحاول أن يحرج الإدارة بتحقيقات على غرار ما فعلوه مع كلنتون.

وما تكشفه شبكة (ان بي سي) عن حملات الحزب الجمهوري ضد اوباما ليس إلا مظهرا من مظاهر قضية أكبر هي أن ما بين ثلث ونصف الناخبين غير الملتزمين بأحد الحزبين يتسمون بتقلب مواقفهم وتهافت أحكامهم على الشخصيات السياسية.

وإلا كيف يفسر المرء ان رونالد ريغان انهي ولايته الثانية بالمستوى نفسه من الشعبية التي نالها كلنتون في نهاية عهده، وفقا لاستطلاع سي بي أس ، رغم أن سياسات هذا تقف على طرفي نقيض مع سياسات ذاك؟ وكيف يفسر المرء أن جورج بوش غادر بنسبة متدنية من الشعبية بلغت 22 في المئة رغم انه كان يحاكي سياسات ريغان وبنتائج مماثلة في حالات كبيرة مثل زيادة اللامساواة والعجوز الكبيرة في الميزانية؟

الجواب ، كما تراه نيوزويك ، أن درجات شعبية الرئيس تعبر عما هو أكثر من اتفاق المواطنين مع برنامج الرئيس.

وان قوة الاقتصاد والذاكرة الطرية لأحداث تعبوية مثل اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر وكاريزما الرئيس وفاعلية انتقادات المعارضة، كلها عوامل تدخل في الحساب.

واللافت أن تصويب نار الجمهوريين نحو اوباما بعدما كانت موجهة ضد كلنتون ، يوحي بإمكانية حشد نسبة كبيرة من الجمهوريين في حملة شعواء ضد أي ديمقراطي ينتقده قادتهم ووسائل إعلامهم حتى عندما تخفت حدة الحملة ويكون بمقدورهم أن يقيموا سجله تقييما أكثر عقلانية وموضوعية.

لا شيء من هذا يثبت أن أجندة الرئيس اوباما تتمتع بشعبية عن استحقاق أو بالعكس.

ولكنه يشير إلى ضرورة عدم المبالغة في تفسير هبوط شعبيته على انه رفض لسياساته، لا سيما وان آخر رئيس نفذ الأجندة نفسها التي ينفذها اوباما يتمتع بشعبية أوسع بكثير.