لاقت كنيسة القديس بطرس قبل 200 عاماً معارضة مثلما يواجه المركز الإسلامي في نيويورك حالياً.

يقال إن التاريخ يعيد نفسه. فقبل اكثر من 200 سنة نظر كثير من اهل نيويورك بارتياب إلى مشاريع وافدين جدد لبناء دار عبادة في منطقة مانهاتن. وخاف البعض من أن يكون المشروع بتمويل خارجي فيما قال آخرون ان معتقدات الغرباء لا تتوافق مع المبادئ الديمقراطية. ونظم القلقون من السكان تظاهرات صاحبت بعضها حوادث مريرة.

في النهاية انتصر العقل وانطلق المشروع ليُنجز بعد فترة. وهذا الاسبوع تحتفل كنيسة القديس بطرس، موضوع ذلك السجال وأقدم كنيسة كاثوليكية في ولاية نيوويرك، بمناسبة مرور 225 سنة على وضع حجرها الأساس.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الأب كيفن ماديغان راعي كنيسة القديس بطرس انه عندما قرأ تاريخ هذه الكنيسة استعدادا للاحتفال بذكرى إنشائها يوم الثلاثاء المقبل، لم ينتبه الى أوجه الشبه بين المعارضة التي واجهتها كنيسته وما واجهه المسلمون حين اقترحوا بناء مركز ثقافي ومسجد قرب غراوند زيرو.

وقال الأب ماديغان ان سجالا لم يندلع حين اقترح المسلمون بناء المركز في البداية quot;وكنا سعداء بالجار الجديدquot; حيث يفصل شارعان فقط بين كنيسته والمركز الاسلامي المقترح. وكلاهما يبتعدان مسافة واحدة تقريبا عن غراوند زيرو، حيث كان ينتصب برجا المركز التجاري العالمي.

ولكن عندما أُثيرت الضجة حول بناء المركز الاسلامي صيف هذا العام تعجب القس ماديغان من تشابه الذرائع والحجج التي ساقها المعارضون للمشروع مع تلك التي طُرحت ضد كنيسة القديس بطرس قبل اكثر من 200 سنة.

عرض الأب ماديغان اوجه الشبه بين الحالتين في رسالة الى أتباع الكنيسة خلال الصيف وفي موعظتين القاهما خلال اجتماع للتقريب بين الأديان الشهر الماضي وفي قداس خاص الأحد الماضي بمناسبة ذكرى تأسيس الكنيسة.

ولاحظ الأب ماديغان بادئ ذي بدء المحاولة التي بُذلت لنقل الكنيسة الى موقع آخر. إذ دعا مسؤولون في حكومة نيويورك في القرن الثامن عشر أصحاب المشروع الى تغيير موقعه ليكون خارج حدود المدينة. ثم أُثيرت مخاوف من وجود ممولين أجانب يتأبطون شرا. ومثلما قال المعارضون لمشروع المركز الاسلامي ان المشروع الذي تزيد كلفته على 100 مليون دولار، سيكون بتمويل الشيوخ السعوديين أنفسهم الذين يمولون الارهابيين، كان كثير من البروتستانت الأوائل في الولايات المتحدة ينظرون الى البابا على انه عدو الديمقراطية، ويخشون ان تكون الكنيسة الصغيرة رأس حربته في الهجوم على الحكم الجديد في اميركا.

يؤكد اصحاب مشروع المركز الاسلامي انهم لن يقبلوا أي دعم مالي من الخارج. ولكن بوجود اقل من 200 كاثوليكي في نيويورك اواخر القرن الثامن عشر، غالبيتهم من الفقراء، ما كانت كنيسة القديس بطرس ستُبنى من دون هبة سخية من أجنبي ـ وبابوي ايضا. وكان هذا الأجنبي العاهل الاسباني الملك شارل الثالث الذي تبرع بألف دولار.

وتعيد صحيفة نيويورك تايمز إلى الأذهان أنه في عام 1806، بعد عقدين على بناء الكنيسة، طوقها بروتستانت استفزهم احتفال ديني في الداخل كان البعض يعده وقتذاك طقوسا خرافية قبل ان يصبح معروفا باسم عيد ميلا المسيح. وحاول البرتستانت تخريب القداس وفي غمرة الاشتباكات التي سببتها محاولتهم أُصيب عشرات وقُتل احد رجال الشرطة.

وكتب الأب ماديغان الى اتباع كنيسته عن هذه الواقعة قائلا ان الكاثوليك كانوا يُعاملون quot;كمواطنين من الدرجة الثانيةquot; ويُنظر اليهم quot;بعين الريبةquot;. وquot;ان الكثير من التهم التي تُوجه الى الاميركيين المسلمين اليوم هي التهم نفسها التي وجهت الى اجدادناquot; وقتذاك.

قال راعي كنيسة القديس بطرس انه يحترم مشاعر اولئك الذين فقدوا اقرباء او اصدقاء في اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر مؤكدا ان حزنهم يفوق الوصف. واضاف ان على اصحاب مشروع المركز الاسلامي quot;ان يجعلوا من الواضح انهم لا يتعاطفون بأي حال مع أي ايديولوجيا تتعارض مع مُثُلنا الاميركية أو يؤيدونها، الأمر الذي أثق بأنهم قادرون عليهquot;.

ولكن الأب ماديغان شدد على ان التزاما خاص يقع على عاتق الكاثوليك من اهل نيويورك. وقال ان التمييز الذي عاناه اجدادهم quot;ينبغي ان يكون حافزا لنا كي نتوثق من ان مهانات مماثلة لن تنزل بالوافدين الأقرب عهداquot;.